الأحد، 31 يوليو 2016

أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ10 والاخيرة

أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ10 والاخيرة




الحلقة العاشرة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

أحبتي في الله نكمل اليوم مشوارنا مع ذكر بعض الروايات التي لا تصح والمنتشرة على ألسنة الناس والدعاة و في بطون المؤلفات .. و حلقة اليوم تتحدث عن الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف وخبر دخوله الجنة حبواً .

جاء في معرفة الصحابة لأبي نعيم ( 1/ 123 ) و في سير السلف الصالحين لأبي القاسم إسماعيل بن محمد الأصبهاني المعروف بقوّام السنة ( 1/257 ) وفي صفة الصفوة لابن الجوزي ( 1/ 159 – 160 ) و سير أعلام النبلاء للذهبي ( 1 / 76 – 77 ) وفي تاريخ دمشق لابن عساكر ( 35 / 254 ، 263 – 268 ) وفي حلية الأولياء ( 1/ 98 ) وفي غيرها من كتب السير والتراجم :-

بينما عائشة رضي الله عنها في بيتها إذ سمعت صوتاً رُجت به المدينة ، فقالت : ما هذا ؟ قالوا عيرٌ قدمت لعبد الرحمن بن عوف من الشام ، وكانت سبع مائة راحلة ، فقالت عائشة رضي الله عنها : أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبواً ) ، فبلغ ذلك عبد الرحمن ، فأتاها فسالها عما بلغه فحدثته ، قال : فإني أشهدك أنها بأحمالها وأقتابها وأحلاسها في سبيل الله .

وفي لفظ أنه قال : إن استطعت لأدخلنها قائماً ، فجعلها بأقتابها وأحمالها في سبيل الله .

وفي رواية أخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يا عبد الرحمن إنك من الأغنياء ، ولن تدخل الجنة إلا زحفاً ، فأقرض الله يطلق لك قدميك .. الحديث .

وفي رواية أخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( رأيت أني دخلت الجنة فسمعت خشفة بين يدي فقلت : من هذا ؟ فقيل : هذا بلال ، فنظرت فإذا أعالي أهل الجنة فقراء المهجارين ، وذراري المؤمنين .. ) إلى أن قال : ( ثم جعلوا يَعرضون علّي أمتي رجلاً رجلا ، فاستبطأت عبد الرحمن بن عوف فلم أره إلا بعد إياسه ، فلما رأني بكى ، فقلت : عبد الرحمن بن عوف ما يبكيك ؟ فقال : والذي بعثك بالحق ما رأيتك حتى ظننت أني لا أراك أبداً إلا بعد المشيبات ، قال : قلت : وما ذاك ؟ قال : من كثرة مالي مازلت أحاسب بعدك وأمحص .

التعليق : هذه القصص وهذه الروايات منكرة جداً و ضعيفة ، رواه الإمام أحمد في المسند ( 6/ 115 ) من طريق عمارة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه .

وعمارة هذا هو ابن زادان أبو سلمة الصيدلاني ضعيف الحديث . قال أحمد يروي عن ثابت عن أنس أحاديث مناكير وضعفه غير واحد من الأئمة . قال الدارقطني : ضعيف ، و قال : أبو داود : ليس بذاك .

و في سند القصة أيضاً علي بن يزيد الألهاني ، وهو ضعيف .

و الطريق الآخر الذي وردت به هذه القصة رواها ابن سعد ( 3 / 131 ) و ابن عدي في الكامل ( 3 / 12 ) من طريق سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي عن خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه .

و خالد بن يزيد بن أبي مالك هذا متروك الحديث واتهمه ابن معين بالكذب .

قال الإمام الذهبي رحمه الله في السير ( 1 / 76 – 77 ) أثناء تعليقه على هذا الخبر : أخرجه أحمد في مسنده عن عبد الصمد بن حسان عن عمارة وقال : حديث منكر .

وقال أيضاً – أي الإمام الذهبي - : وبكل حال فلو تأخر عبد الرحمن عن رفاقه للحساب ودخول الجنة حبواً على سبيل الاستعارة ، وضرب المثل ، فإن منزلته في الجنة ليست بدون منزلة علي والزبير رضي الله عن الكل .

قلت : هذا إن ثبتت القصة و صح الخبر ، فكيف بكونها منكرة وضعيفة ؟!

فإنه رضي الله عنه قد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة دون ذكر التأخير أو الدخول زحفاً ، بل قال : أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعلي في الجنة وعثمان في الجنة ، وطلحة في الجنة والزبير في الجنة و عبدالرحمن بن عوف في الجنة وسعد بن أبي وقاص في الجنة و سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في الجنة وأبو عبيدة ابن الجراح في الجنة . فضائل الصحابة للإمام أحمد برقم ( 278 ) .

ومن مناقبه رضي الله عنه أنه من أهل بدر الذي قيل لهم : ( اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة ، أو فقد غفرت لكم ، وهو قطعة من حديث عند أحمد في المسند ( 1 / 80 ) والبخاري برقم ( 3007 ) .

ومن أهل الشجرة وبيعة الرضوان الذي قال الله فيهم : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة }[ الفتح/18] .

وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رواءه . انظر : المسند ( 4 / 249 – 250 ) .

وإلى لقاء آخر .. وقصة أخرى ..

تقبلوا تحيات أخوكم : أبو عبد الله الذهبي ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق