الأحد، 31 يوليو 2016

جذور الفكر العنصري في اوروبا 3/4

جذور الفكر العنصري في اوروبا 3/4



الجزء الثالث

النازية الجديدة



وفي ألمانيا صار المسلم عامة، والتركي خاصة قضية الساعة، فإذا تحدث الناس عن البطالة أقحم الأتراك على أنهم السبب في تفشيها، رغم أن الألمان دفعوا بهم إلى الأعمال التي يأنفون منها، مثل: المناجم وشق الطرق، وسائر الأعمال الخطرة، وإذا استعر النقاش حول مشاكل البيئة زج بهم أيضًا لأن "ذبائحهم الحلال" سبب القذارة!!

"اخرجوا أيها الأتراك".. إنه وسام الاستحقاق الأكبر على طريقة النازية الجديدة، إنه الشعار الذي يرفعونه ويطبقونه أيضًا.. الجدران والأبواب ودورات المياه والمجلات والصحف ملأى بالعبارات العنصرية المعادية.

"اخرجوا يا رعاة الإبل".. لقب آخر أعم وأشمل، إنه الإهانة الجماعية للشرق كله.. ليس ذلك فحسب، بل إن مجلة "دير شبيجل" الألمانية نشرت في عددها رقم 8221 نماذج من رسائل قرائها جاء فيها: هؤلاء الجرذان، الحثالات، الحشرات القذرة، هؤلاء الآسيويون الهمج اجتاحوا بلادنا كالجراد، وحولوا ألمانيا إلى مستعمرة ألمانية إسلامية، يجب أن نخصي رجالهم وأن نستأصل أرحام نسائهم، وأن نشجع الاعتداء على محلاتهم.. إنهم أنصاف قردة وليسوا بشرًا، ولقد آن الأوان لظهور هتلر جديد!!

وقد حملت موجة الاضطهاد والعنصرية هذه أحد الصحافيين الألمان لأن يعيش بنفسه "يوميات عامل تركي مغترب" حيث تنكر في زي تركي، لحيته وشاربه وشعر رأسه صبغها بلون أسود، ووضع على رأسه قبعة زرقاء، وعلى عينيه نظارة سوداء وأطلق على نفسه اسم "علي أوغلو"، وبدأ رحلة العذاب لمدة سنتين ونصف، صور وسجل في الخفاء أوضاع العمل الاستغلالية والعنصرية الفجة التي يعانيها المسلمون الأتراك، خاصة عبر تجربته الذاتية حين يقول: يضطر المرء للتنكر كي ينزع القناع عن المجتمع، إذ لا يمكن التوصل للحقيقة في هذا المجتمع إلا بالخداع.

الدرك الأسفل

وصور هذا الصحفي –ويدعى "جنتر ولاراف"- وسجل جميع التجارب المرعبة التي مر بها بآلة تصوير فيديو كان يحملها خفية، وقد احتلت تحقيقاته صفحات وصفحات من مجلته، قدم خلالها عرضًا موثقًا اقشعرت من هوله الأبدان، ولعل أبلغ ما قاله عبارته التي اختتم بها تحقيقاته: لقد حمدت الله أنني لست تركيًا!! وقد أصدر هذه التحقيقات في كتاب عنونه بـ"في الدرك الأسفل" بيع منه مليونا نسخة في ألمانيا وحدها، وترجم إلى مختلف اللغات الأوروبية الرئيسة، كما ترجم إلى التركية.

ويقول "ولاراف" في كتابه هذا: إن الطريقة التي يستخدم بها العمال المسلمون ليست إلا تطبيقًا للرأي السائد في ألمانيا القائل: "يجب طرد الأجانب وعدم تزويدهم بأي عمل، وإن كان ولا بد، فليزودوا بأسوأ الأعمال، وفي أحقر الظروف".

ويروي "ولاراف" أنه طلب من عامل تركي أن يتخلى عن خوذته الواقية لعامل ألماني أثناء تساقط نفايات معدنية، وقد علق هذا العامل على ذلك الطلب متسائلاً بمرارة عما إذا كان رأس الألماني هو حقًا أفضل من رأسه.

ويقول "ولاراف": لقد اهتززت من الأعماق حين اكتشفت هذه التفرقة العنصرية وتجارة العبيد الجديدة في المجتمع الألماني.

ومن التندرات الساخرة التي يتناقلونها ضد المسلمين الأتراك قولهم: ما الفرق بين الحادثة والكارثة؟ والإجابة: الحادثة أن تغرق سفينة محملة بالمسلمين الأتراك في ميناء "هامبورج"، أما الكارثة فهي أن ينجح أحد هؤلاء الأتراك في النجاة من الغرق والسباحة إلى الشاطئ الألماني!!



يتبع...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق