الجمعة، 29 يوليو 2016

البحرين قديما دراسة تحليلية 1/2

البحرين قديما دراسة تحليلية 1/2
 
الجزء الاول

كتب الدكتور جواد علي في الجزء الثاني من مؤلفه "تاريخ العرب قبل الإسلام" فصلا خاصاً عن حضارة دلمون ".. وورد في النصوص الاكدية والسومرية اسم موضع آخر له علاقة على رأي غالبية العلماء ببلاد العرب هو موضع (Ni-Tuk-Ki) (Ni-Kuk) وهو دلمون Dilmun أو تلمون Tilmun وقد نذكر في النصوص الآشورية كذلك. ويظن الباحثون انه (البحرين) أو البحرين والسواحل المقابلة لها. وقد اشتهر موضع دلمون بتمره ومعادنه مثل النحاس والبرنز وبأخشابه. وكانت به مملكة يحكمها ملك. وقد ذهب كرامر إلى أن دلمون هي الأراضي التي تقع في جنوب غربي إيران وتمتد من جنوب مملكة عيلام إلى ما يقابل مضيق هرمز، ودليله على ذلك ما ورد في نص سومري، من وقوع دلمون في المشرق حيث تشرق الشمس ولهذا وجب أن تكون هذه الأرض في شرق سومر، لا في الجنوب كما هي الحال بالنسبة إلى موقع (البحرين) أو السواحل المقابلة لها. وإذا اقترن اسم دلمون باسم "مجان" و "ملوخا" وورد في النصوص الآشورية أن هذه الأرضيين تقع جنوب بيت يكين Matu Bit-ia-Kim التي تقع جنوب سومر على ساحل الأنهر المالحة أي مياه البحر وهو الخليج فان هذا الوصف يحملنا على حد قوله إلى التفكير في وقوع دلمون في جنوب غربي إيران أي في السواحل الشرقية للخليج المقابلة للبحرين والعروض.

غير أن أكثرية الباحثين ترى- كما قلت- إن دلمون هي البحرين للإشارات الواردة في النصوص الآشورية التي تدل علي أنها كانت جزيرة تحيط بها المياه، وان ملكها كان يعيش كالسمكة في وسط البحر على بعد 30 بيرو وقد ذكرها سرجون 732- 705 ق. م وآشور بانيبال. ويفهم من أقوالهما أنها جزيرة في البحر. والمسافة التي ذكرها سرجون تكاد تساوي بعد البحرين عن فم نهر الفرات. وهذا ما يحمل على الظن أن المراد ب "دلمون" البحرين - وقد ورد في أخبار سرجون الاكدي انه غزى دلمون أضاف الأرضيين المتاخمة لها إلى مملكته. وان "جوديا" حصل على الخشب. فبعد أن تمكن سنحاريب من بابل ودكها دكاً عزم على ضم دلمون إلى مملكته، أرسل وفداً إلى ملكها يخبره أمرين: إما الخضوع ل "آشور" وإما الخراب والدمار. فوافق ملك الجزيرة على الاعتراف بسيادة سنحاريب عليه، أرسل له بجزية ثمينة. كذلك كانت هذه الجزيرة في عداد الأرضيين التي كانت خاضعة لآشور بانيبال.



ثم استمر الدكتور جواد علي في ذكر أسطورة "ارض الحياة" وكيف أن هذه الجزيرة تعتبر مدفناً لما جاورها من بلدان خاصة للمنطقة المقابلة لها والمسماة جرها Garrha وهي الأحشاء في الوقت الحاضر. ثم كرر الدكتور جواد علي الرأي القائل بان مقابر (البحرين) فينيقية، ولكنه لا يرجح صحة هذا الرأي وذلك لعدم وجود القرائن والمبررات الكافية لإثبات وجهة النظر هذه.

وبهذا يلخص العلامة جواد عقب أهم ما كتب في التاريخ القديم عن جزر البحرين. ومع انه يرجح وجود حضارة خاصة بالبحرين إلا انه لم يعين بالتحديد وجوه التشابه والفروق بين (البحرين) وجزر البحرين في الجزء الثاني من مؤلفه الذي نشره سنة 1953 ويتضح كذلك أن الدكتور جواد علي فيما كتبه عن دلمون لم يحاول أن يبرز العلاقة بين دلمون وبين كل من مجان (يرجح انه عمان حالياً) وملوخا الهند. وربما تكشف التنقيبات الجارية للبعثة الدانمركية في البحرين منذ عام 1953 وبلدان الخليج عن بعض الحقائق حول هذه التسميات ومواضعها الأصلية.

يتبع ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق