الأحد، 31 يوليو 2016

من تاريخ سوريا (سلطان باشا الاطرش)

من تاريخ سوريا (سلطان باشا الاطرش)



ثار سلطان باشا الأطرش وهو في الثامنة عشر من عمره وخاض المعارك الحربية ضد الجيش التركي وكان حصاد الحملة التركية إعدام والده المجاهد ذوقان الأطرش مع بعض المجاهدين عام 1910م .

ولد سلطان الأطرش في قرية القريا عام 1886م وتمرس على الفروسية منذ نشأته وكان في طليعة الثائرين لنصرة الثورة العربية الكبرى حيث كان مع عدد من مجاهدي الجبل في مقدمة الجيش العربي عند دخوله لدمشق.

قاد ثورة الجبل الأولى على الفرنسيين عام 1922م ونودي به قائدا عاما للثورة السورية الكبرى 1925 – 1927 .

نزح مع عدد من المجاهدين إلى الأردن ووادي السرحان وقضوا فيها زهاء عشر سنوات متحملين قسوة العيش والصبر على البلاء وعاد إلى الوطن بعد صدور العفو العام.

عرف بمكارم الأخلاق والشيم والعزة والكرامة والإباء والتواضع والبطولة والتصق بالوطن والأرض والعروبة مبدأ وعقيدة حتى توفي في 26 آذار 1982م.


من أحداث الثورة في جبل الدروز

- 7 كانون الثاني 1923 أغارت الطائرات الفرنسية على قرى إمتان – ألعانات – شنّيرة – القرعة، وأصابت عددا كبيرا من النساء والشيوخ والأطفال ودمرت عددا كبيرا من المنازل .





- 3 كانون الثاني 1926 معركة أبو زريق

- 8 شباط 1912 فر ستة وعشرون معتقلا من أبناء الجبل من سجون الأتراك في عهد سامي باشا الفاروقي.

- 26 شباط 1926 قام الثوار باحتلال منطقة أللجاه

- 25 نيسان 1925 التحم الثوار مع الجيش الفرنسي بالسلاح الأبيض في معركة الرساس.

- 24 نيسان 1926 معركة عتيل وسليم

- 25 نيسان 1926 معركة عرى.

- 16 أيار 1926 معركة شهبا

- 19 أيار1937 وصول سلطان باشا الأطرش ورفاقه الثوار من المهجر إلى دمشق واستقبالهم استقبالا حافلا من قبل الدمشقيين وتقليد سلطان الأطرش وشاح أميّه.

- 23 أيار 1937 وصول الثوار بقيادة سلطان باشا الأطرش إلى السويداء .

- 29 أيار 1945 رفع أول علم سوري في القطر على دار الحكومة في السويداء.

- 2 حزيران 1926 استيلاء ثوار الجبل على أربع دبابات في معركة أم الرمان.

- 2 -3 حزيران معركة صلخد.

- 8 تموز 1922 استيلاء الثوار على عدد من المصفحات ومقتل اليوتنان "بوكسان" مع أربعة من عناصره إثر حادثة أدهم خنجر.

- 10 تموز 1922 هاجر سلطان باشا الأطرش إلى البلقاء في الأردن على إثر غارات الطائرات الفرنسية على القريا.



- 18 تموز 1925 إسقاط أول طائرة فرنسية من قبل ثوار قرية عرمان.

- 21 تموز 1925 معركة الكفر وإبادة كامل الحملة الفرنسية بقيادة الكابتان "نورمان".

- 7 آب 1922 معركة بُرد

- 2 آب 1925 معركة تل الخاروف.

- 2 آب 1925 معركة المزرعة الحاسمة ومقتل آلاف الفرنسيين والاستيلاء على الكثير من المصفحات والمدافع والعتاد.

- 24 آب 1925 معركة العادلية بالغوطة وقصف الطائرات للثوار .

- 4 آب 1926 معركتي السجن ونجران.

- 7 آب 1926 معارك عريقة وريمة الفخور.

- 23 آب 1926 معركة قيصما وانتصار الثوار وأسر اليوتنان "سيكر"

- 17 أيلول 1925 معركة المسيفرة واستشهاد 275 مجاهدا.

- 24 أيلول 1925 انسحاب الفرنسيين من قلعة السويداء واستيلاء الثوار عليها.

- 5 أيلول 1926 زحف جيش الجنرال " أندريا " من صلخد إلى المقرن الشرقي.

- 10 أيلول 1926 معركتي الشبكي والشريحي.

- 3 تشرين أول 1925 معركة عرى.

- 13 تشرين أول 1925 استبسال الثوار واستشهاد عددا منهم في معركة المجيمر.

- 14 تشرين ثاني 1925 معركة مزرعة برغز.

- 15 تشرين ثاني 1925 معركة جديدة مرجعيون واحتلالها من قبل الثوار.

- 16 تشرين ثاني 1925 نسف جسر الخردلة.

- 23 تشرين ثاني 1925 معركة راشيا والاستيلاء على القلعة وإحراقها واستشهاد أربعون ثائرا.

- 5 كانون أول 1925 معركة دوما بالغوطة واستشهاد خمسة عشر مجاهدا.

- 5 كانون أول 1925 معركة مجدل شمس من مسعده إلى المنصورة وتقهقر الجيش الفرنسي أمام هجمات الثوار.

- 18 كانون أول 1925 معركة شويا واستبسال الثوار.

- 20 كانون أول 1925 معركة حاصبيا واستشهاد عشرون ثائرا.

من تاريخ سوريا (زنوبيا)

من تاريخ سوريا (زنوبيا)


زنوبيا ملكة تدمر


اسم زنوبيا الحقيقي "بت زباي"، واسمها الأول أطلقه الرومان ويعني قوة المشتري، وكانت أمها ترجع بنسب إلى كليوباترا في مصر(4)، ولدت زنوبيا في تدمر وتأدبت في الإسكندرية فدرست تاريخ الإغريق والرومان وتخلقت بأخلاق كليوباترا وبطموحها، وكانت امرأة هاجسها المجد والسلطان.

ورأت في أذينة فرصتها لتحقيق هذا الطموح. وكانت تشهد معه مجالس القوم وجلسات مجلس الشيوخ، وهكذا نشأت معه على أهداف واحدة وكان تاج الملك يرفرف فوق رأسيهما في أحلام اليقظة، حتى إذا وصلت إلى المُلك اختطفت يد الغدر زوجها، وبعد أن قُضي على غريمه، اعتلت العرش نيابة عن ولدها "وهب اللات" وقادت الحكم والشيوخ والحروب، كما قادت أعمال الإعمار والبناء، وأكثر الآثار القائمة حتى اليوم في تدمر، يعود الفضل في تشييدها إلى هذه الملكة التي حكمت تدمر منذ اللحظة الأولى التي اعتلى فيها زوجها العرش على تدمر. فلقد كانت بذكائها وقوة شخصيتها قادرة على توجيه الحكم إلى حيث ما ترسم من مجد لتدمر ولسلطتها. وعندما اعتلت العرش كانت لا تخفي رغبتها أن تصبح يوماً إمبراطورة على روما ذاتها، ولم يكن الأمر صعباً، إذ أن أكثر أباطرة روما كانوا قد وصلوا إلى العرش عن طريق نفوذهم العسكري أو السياسي في مناطقهم النائية. وكانت زنوبيا تعد أولادها وهب اللات وتيم الله وحيران لاعتلاء العرش، وذلك بتعليمهم لغة روما وآدابها وتاريخها. واتخذت مظاهر القياصرة فكانت تركب مركبة ملكية تضاهي مركبة القياصرة، رصعتها بالذهب والفضة والأحجار الكريمة.
كان قيصر روما قد اعترف بوهب اللات ملكاً وبزنوبيا وصية عليه، فقامت أولاً بتوطيد حكمها في تدمر والبادية، وبإقامة الثغور،




مثل حلبية وزلبية، وما زالت آثار الثغرين قائمة حتى اليوم على ضفتي الفرات. وتمت لها السيادة على آسيا الصغرى ومصر.
ولقد عثر على آثار لها في الشاطئ السوري وفي الإسكندرية وبعلبك وقرب دمشق. وكانت زنوبيا تشرف بنفسها على عمليات التوسع والإنشاء. وتنتقل على ظهر فرسها تلبس لباس الرجال، تسوس دولتها بعين لا تنام ولا تغفل، وبعزيمة ترهب الرجال، وعلى الرغم من حجم إنجازاتها الحضارية ومن تحركاتها المجهدة، فإنها لم تنس يوماً حلمها بالتوسع في آسيا ومصر وروما، فلقد وصلت جيوشها إلى بيزنطة في العصر الروماني وقتلت هيراكليون قائد القصر. ثم فتحت الإسكندرية، وكانت روما قلقة جداً من توسعاتها الظافرة، حتى إذا اعتلى العرش في روما "أورليان" سنة 270، وكان قاسياً بطاشاً، مارس أولاً ليناً إزاء زنوبيا فاعترف لها بالنفوذ على الإسكندرية، ثم لم يلبث أن نقض اعترافه واسترجع نفوذه على الإسكندرية بعد عام واحد، في وقت كانت فيه زنوبيا مسلوبة القوى حزناً على وفاة ابنها وهب اللات.





وكان "أورليان" يتابع انتصاراته في آسيا، حتى هدد تدمر، فكان عليه أن يقضي على تلك المرأة المناوئة لعرشه في روما، وقبل أن يغادر أنطاكية، كانت جيوش زنوبيا تجابه زحفه إلى تدمر، لقد كانت الحرب سجالاً، ولكن خصومها القابعين في حمص خذلوا جيوشها، فعادت إلى تدمر لكي يلاحقها "أورليان" ويحاصرها.
فحاولت الاستنجاد بالفرس، وذهبت متخفية لملاقاة "هرمز" ملك الفرس. وقبل أن تعبر الفرات، كانت جيوش الرومان ترصدها، فقبضوا عليها وأعادوها إلى خيمة "أورليان" الذي عاد بها إلى روما أسيرة مكبلة بأصفاد من الذهب، ولعلها أكملت حياتها في ضاحية روما تيفولي هذه قصة العصر الذهبي الذي وصلت إليه تدمر في عصر زنوبيا. وما زالت آثار هذا العصر ماثلة في شوارع تدمر وأبوابها، وفي معابدها وفي مسرحها والأغورا.
مازالت حياة زنوبيا ملكة تدمر ، صفحة هامة من تاريخ سورية. فلقد كاد الطموح أن يصل بهذه المرأة العربية إلى سدة الحكم إمبراطورة على روما كلها هي زوجة أذينة الذي خلف والده وجعل من واحة تدمر أمارة عربية ذات حكم ذاتي موالية مبدئياً للرومان. وكانت أسرة اذينة تسمى حيران تحكم العشائر في البادية وتدمر. وتنتقل الإمارة إلى اذينة بعد أبيه ليصبح في عام 258م حاكماً لولاية سورية الفينيقية واتخذ لقب ملك الملوك واقترب من لقب الإمبراطور. وبعد مقتله في حمص 268م يصبح ولده من زنوبيا وهب اللات ملكاً وكان دون سن الرشد، فاستلمت أمه الحكم وصية أولاً، ثم ملكة واستطاعت أن تقود قومها إلى نهضة شاملة وقوة عسكرية طامحة، لقد كانت شجاعة بعيدة المطامح. لعبت دوراً كبيرا في الشرق وفي روما ذاتها، وكانت عالية الثقافة تتكلم اللغة التدمرية وهي لغة آرامية، كما تتكلم اليونانية والمصرية ، وقربت منها الفلاسفة من أمثال لونجين وكانت مولعة بالتاريخ.
ونستطيع رسم صورتها من خلال نقد نقش على رأسها جانبياً وهي ترتدي خوذة معدنية. ويصفها مؤرخو الرومان أنها كانت في ذروة الجمال سمراء سوداء العينين أسنانها كاللآلئ صوتها رنان. وكانت تساير الجنود وتركب العربة الحربية أو الجواد كأحسن الفرسان. لقد كانت أنبل النساء وأكثرهن جمالاً، بل كان جمالها يضاهي جمال كليوباترا التي ترتبط معها برباط القرابة وتنتهي قصة هذه الملكة الأسطورة على يد الإمبراطور أورليان وذكر هومو أحد المؤرخين في عصر أورليان، إن الإمبراطور

من تاريخ سوريا (دولة تدمر)

من تاريخ سوريا (دولة تدمر)



مدينة تدمر

تقع مدينة تدمر على بعد 160كم شرقي حمص وسط واحة في بادية الشام، ترويها ينابيع كبريتية، وكان أول من سكنها الكنعانيون الذين عبدوا فيها إلههم (بعل)، وكان ذلك في الألف الثالثة قبل الميلاد، ثم استوطنها الآراميون

بعدهم وقد أعطاها الآراميون اسمها ( تدمرتو ) أي الأعجوبة , أما اليونانيون و الرومان فسموها ( بالميرا ) نسبة إلى النخيل .



وفي القرن الخامس قبل الميلاد أخضعها الفرس لحكمهم، ثم استولى عليها الإسكندر الكبير المقدوني، وكانت بعد موته من نصيب السلوقيين في سورية،ولكنها بقيت بعيدة عن سيطرتهم السياسية الكاملة، ومع ذلك تأثرت بالفن الهلنسي.

وعندما فتح الرومان سورية عام 64 ق.م، ظلت تدمر خارج سيطرتهم، حتى عهد الإمبراطور (تيبرسوس 14-27م)، عندما منحها الرومان لقب "المدينة الحرة"، ثم حازت لقب (مستعمرة رومانية)، وبموجب ذلك أعفيت من الضرائب، ومنحت امتيازات كثيرة مستفيدة من وجود أباطرة عرب حكموا روما في هذه الفترة.
وقد آلت تدمر إلى الهيمنة الرومانية عام 160م،فعمل جنود الهجانة من تدمر في الجيش الروماني لحمايتها.


وعندما استولى الفرس على سوريا في حوالي عام 260 م لم يكن لدى روما جنود احتياطيين للدفاع عن سوريا، فقاد أمير تدمر سبتيمياس أوديناثوس الفرسان ورماة السهام التدميرية لصد هجوم جيش الفرس الغازي وفي عام 262 م أصبح أوديناثوس قائدًا عسكريًّا أعلى لروما على الحدود الشرقية. وبعد أن مات أوديناثوس عام 267 م تولت بعده أرملته زنوبيا زمام الأمور.
وهكذا بدأت تدمر تتألق في التاريخ كدولة غنية لدرجة كبيرة؛ مما مهد لها أن تلعب دوراً سياسياً واقتصادياً في تاريخ بلاد الشام.
حاولت زنوبيا الحاكمة القوية ،بسط نفوذها على مصر ومختلف أنحاء آسيا الصغرى وقد أفلحت قواتها في الاستيلاء على أراض من أباطرة الرومان. غير أن الإمبراطور الروماني أوريليان ألحق بزنوبيا الهزيمة وأسرها عام 274 م، ودمر تدمر . لكن الإمبراطور ديو كليشيان الذي امتد حكمه من 284 إلى 305 م، أعاد بناء المدينة ، وظلت الحال على ما هي عليه حتى تغيرت طرق القوافل .
وقد انتهت دولة تدمر فيما بعد، وبقيت منطقة نائية إلى أن دخل المسلمون تدمر في السنة الثالثة عشرة للهجرة، وكان فتحها بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه، صلحاً من غير إراقة دم.



من معالم تدمر :

ـــ قوس النصر : و له ثلاثة مداخل و تتبعه أعمدة يبلغ عددها 150 عموداً علو الواحد منها سبعة أمتار .

ــ المسرح : بناء نصف دائري قطر صحنه عشرون متراً و عد د درجاته 13 و طول منصة التمثيل 50 متراً بعمق عشرة أمتار و هي مزدانة بأعمدة رشيقة .

ـــ معبد بل : شيد في القرن الأول الميلادي و هو بطول 205 أمتار و عرض 310 أمتار يتوسطه هيكل و مذبح زخرفته رومانية . يحيط بالمعبد من الداخل أربعة أروقة .الرواق الغربي منها فيه 390 عموداً عالياً بقي منها سبعة قائمة , و في المعبد هيكل فيه محرابان يحتوي الشمالي منها على تماثيل الآلهة التدمرية الثلاثة الكبرى و سقفه مؤلف من قبة مزدانة بصور الكواكب السبعة .

ــ معبد بعلشمين : بني عام 130 م على أنه إله الخصب و النماء و ما زال محتفظاً بحالته و رونقه . يرتكز سقفه على ستة أعمدة .

ـــ معبد نب و : عاصر كما تدل الأثريات معبد بل و كرس لعبادة الإله البابلي ( نبوبن مردوخ ) و كان هو كاتب الآلهة و أمينها . لم يبق من المعبد سوى أجزاء من الأعمدة و يبدو أن رواقا كان يحيط بحرم المعبد دون أعمدة .

ـــ المدافن : (و هي ثلاثة أنواع ): القبور البرجية و تألفت من ثلاثة أو أربعة طوابق صممت في جدرانها غرف تضم الموتى . ثم القبور المنزلية وتتألف من باحة مربعة محاطة بالأروقة ذات الأعمدة , حفرت في جدرانها تجاويف مزدانة بالزخارف . النوع الثالث هو قبور الأقبية و هي الأوفر و الأغنى بالنقوش و الزخارف و يتم الهبوط إليها بسلم حجري و كانت أبواب التوابيت فيها تسد بتمثال للميت.

نبع أفقا: ـــ

نبع صحي يتدفق من مغائر قديمة تفيض بالبخار الكبريتي وتشعّه دافئا. وتبلغ درجة حرارة المياه 33ْ في الصيف والشتاء. وهذه المياه المعدنية، كانت منذ عصر زنوبيا وقبلها موئلاً لسكان تدمر الذين وجدوا فيها وسيلة للاستشفاء من كثير من الأمراض الجلدية والمعدية والمفصيلة .
ولقد عثر على كتابة مؤرخة في عام 162م تتضمن عبارة التقدمة النذرية للإله العظيم زفس سيد الكون من يولدوا ابن زبيدة المتولي المسؤول عن نبع افقا.
ولقد أثبتت التحاليل التي أجريت في باريس أن هذه المياه تحتوي على كمية جيدة من الكبريت والكلورور، وأنها غنية بالصوديوم والكالسيوم وبكميات أقل من المغنزيوم والبوتاسيوم والنيكل.
وعند إنشاء فندق ميريديان في تدمر والذي أصبح أسمه تدمر الشام، تم تحسين موقع النبع لاستقبال زبائن الفندق، كما تم جر مياه النبع إلى أجنحة الفندق المستقلة.

ـــ قصور تدمر قصر الحير الغربي : يبعد 80 كم عن المدينة بناه هشام بن عبد الملك بين القريتين و تدمر على مربع طول ضلعه 70 مترا . قسمه الأسفل من الحجرالكلسي والأعلى من الآجر المشوي , نقلت واجهته الأمامية إلى متحف دمشق .

ـ قصر الحير الشرقي : على بعد 120 كم من تدمر و هو عبارة عن قصرين تحيط بهما جدران من الأجر و الجبس و الحجر و كان مركزاً لتجمعات زراعية هامة في منطقة قرية الطيبة الحالية و هي الآن محطة للراحة.

من تاريخ سوريا (الشيخ صالح العلي)

من تاريخ سوريا (الشيخ صالح العلي)





الشيخ صالح العلي شيخ الثوار وأول الثائرين في طريق التحرر من الاحتلال. ولد الشيخ صالح العلي عام 1883م في قرية المريقب ناحية الشيخ بدر في منطقة طرطوس من أسرة عُرفت بالزعامة المدنية والدينية وتميز والده الشيخ علي سلمان بالتقوى والصلاح وكان مثالاً يحتذى في الإيمان والعمل الوطني. بدأ الشيخ صالح العلي نضاله بعد إعلان ثورة الحجاز بزعامة الشريف حسين 1916 ضد الحكم التركي فكان في طليعة من استجابوا لنداء الواجب والعروبة.
مع انتهاء الحرب العالمية الأولى أنزل الفرنسيون قواتهم في بيروت وفي الساحل السوري فسارع الشيخ صالح العلي إلى دعوة زعماء ووجهاء المنطقة الساحلية لتدارك الموقف الجديد وقد عُقد هذا الاجتماع في قرية الشيخ بدر ونتج عنه قرار إيقاد الثورة في الجبال الساحلية وتكليف الشيخ صالح العلي ليكون قائداً للثورة، ومراسلة الحكومة المركزية لتقوم بمدّ الثورة بما تحتاجه من وسلاح وعتاد ومؤن.
وصل نبأ الاجتماع إلى قادة الجيش الفرنسي فقاموا بعمليات المداهمة وألقوا القبض على بعض الزعماء الذين حضروا الاجتماع وزجوهم في سجن بانياس. في الوقت نفسه ، وجِّهت للشيخ صالح العلي دعوة لمقابلة قائد حامية بانياس إلا أنه تجاهلها لعلمه بخبث نوايا الاحتلال الفرنسي فما كان من الفرنسيين إلا أن قاموا بتجهيز حملة قوامها كتيبة مشاة مدعومة بالمدفعية تحركت من بلدة بالقدموس لاحتلال قرية الشيخ بدر واعتقال قائد الثورة.
بلغت أنباء الحملة للشيخ صالح العلي ولم يكن قد أتمّ استعداداته العسكرية وكان القرار بالمقاومة والتصدي لهذه الحملة فجمع عدداً من الرجال مع متاع قليل من الذخيرة وخرج باتجاه الحملة في أحراج وصخور (النيحا) حيث تمركز المجاهدون في نقاط تشرف على الطرق التي من المتوقع وصول الفرنسيين منها.
وبالفعل قامت معركة دامية سقط فيها عدد كبير من الجنود الفرنسيين قدر عددهم بـ 35 قتيلاً وغنم المجاهدون عدداً كبيراً من البنادق وصناديق الذخيرة والمعدات، وانتشر خبر هذا النصر المؤزر في جميع الجبال الساحلية وبدأ تقاطر المجاهدين للانضمام إلى ثورة الشيخ صالح العلي حيث وصل عدد من ضباط الحكومة المركزية للعمل كمستشارين عسكريين للثورة أرسلتهم دمشق للمساعدة في تنظيم المجاهدين. أدرك الشيخ صالح العلي أن المعركة قد بدأت خصوصاً بعد قيام الجيش الفرنسي بعمليات تبديل للقادة والوحدات لمنع الثوار من إكمال استعداداتهم للقتال حيث وجه الفرنسيون حملة أكبر باتجاه الشيخ بدر في 2 شباط 1919م وكان الشيخ صالح العلي قد تهيأ لملاقاة الفرنسيين هذه المرة، ودارت معركة كبيرة انتهت بهزيمة جديدة للفرنسيين.
بدأت أخبار الثورة تنتشر حيث وصلت إلى شمالي اللاذقية وغربها وبانياس وتنادى زعماء المناطق لعقد اجتماع لدعم ثورة الشيخ المجاهد والوقوف صفاً واحداً لمواجهة المحتل وكانت معركة (بابنَّا) شرقي اللاذقية 16 نيسان 1919 حيث هاجم الثوار القاعدة الفرنسية ببابنا وخسر الفرنسيون عدداً كبيراً من المقاتلين، وكانت بعدها عدة معارك كبيرة كمعركة (سلمى) ومعركة (ترتاح) حيث التقى ثوار من ثورة هنانو في الشمال مع ثوار الشيخ صالح العلي.
اتفق الفرنسيون على طلب المعونة البريطانية وبتاريخ 25 أيار 1919م وجه الجنرال ألنبي رسالة مطولة إلى الشيخ صالح العلي حملها ضابطان بريطانيان يعبر فيها عن خيبة أمل الحلفاء الذين قدموا لتخليص سورية من الاحتلال العثماني وإعطائها الحرية والاستقلال وطلبوا منه عدم التعرض للقوات الفرنسية التي ستنسحب من الشيخ بدر إلى القدموس ومنها إلى طرطوس. ورأى الشيخ صالح العلي أن نزوح القوات الفرنسية من القدموس إلى طرطوس يساعده في نقل الثورة باتجاه الشمال، أي العمل ضد الفرنسيين من جهة واحدة فقبل رغم توقعه الغدر. وتم الاتفاق على السماح للقوات الفرنسية بالمرور من منطقة الشيخ بدر والتزود بالماء على ألا تقف أكثر من ساعة ولا تنزل حمولتها ولا تنصب خيمة.
اتفق الجانبان العربي والفرنسي على عقد هدنة بشرط عدم إلقاء القبض على عناصر من أبناء المنطقة وتجنب الاحتكاك بالقوة الفرنسية منعاً للغدر، وأمر الشيخ صالح العلي بإخلاء قرية الشيخ بدر وحصّن رجاله في التلال المحيطة بها وكما توقع الشيخ صالح العلي .. فقد تقدّمت القوات الفرنسية إلى منطقة الشيخ بدر وشرعت فوراً بإنشاء المتاريس ومرابض المدفعية لاعتقال قائد الثورة وتدمير معقل الثوار والسيطرة التامة على المنطقة فأمر الشيخ صالح بالانقضاض على الفرنسيين لخرقهم الهدنة وحصلت معركة دامية استمات فيها المجاهدون انتهت بهزيمة الفرنسيين ونتيجة هذه المعركة تدفق عدد كبير من الرجال للتطوع في الثورة، وعلى أثر هذه المعركة رحل وفد من حكومة دمشق يحمل المساعدات والإمدادات وعدد من الضباط للانضمام إلى هيئة أركان حرب الثورة.
أما في الجانب الفرنسي فقد أصبح الموقف أكثر حرجاً دلّت على ذلك المراسلات بين الحاكم مينو حاكم اللاذقية والجنرال هاملان قائد القوات الفرنسية في المشرق وكانت هذه الرسائل مليئة بطلب المساعدات وزيادة قواته. بعد ذلك أعد الفرنسيون حملة كبيرة في طرطوس للهجوم على الشيخ بدر واحتلالها وتقدمت الحملة بقيادة الجنرال /جان/ مجهزة بكل وسائل القتل والتدمير وكان ذلك في 15 حزيران 1919 حيث وضع الشيخ صالح خطة للتصدي لهذه الحملة الكبيرة ووزع المجاهدين على رؤوس الجبال ونصب الكمائن ومرت الحملة بوادٍ اسمه وادي (ورور).
ولما توسطت الحملة الوادي رفعت راية الثورة إشارة لبدء القتال وبصوت الله أكبر انقضّ المجاهدون على الجنود الفرنسيين حيث استمرت المعركة حتى منتصف الليل وبلغ عدد القتلى والجرحى زهاء 800 جندي كما أسر 16 جندياً وتمكن الباقي من الفرار تاركين أسلحتهم ومعداتهم وراءهم وكردّ فعل اتخذت القوات الفرنسية إجراءات شديدة لمواجهة الثورة فجهزت حملة كبيرة طوقت قرية (الرستة) وذلك في 21 حزيران 1919 ونفذت عملية هدم للقرية ولم تتمكن من إلقاء القبض على الشيخ الثائر نتيجة لتصدي المجاهدين لهذه العملية البشعة وفي ذلك الوقت اتصل الشيخ صالح العلي بالثورة في جبل الزاوية بزعامة إبراهيم هنانو يطلب العون والتثبيت بين الثورتين وقيام لجان في دمشق لجمع التبرعات والإعانات والإمدادات للثورة.
وفي مطلع تموز 1919 سادت فترة هدوء نسبي في جبال اللاذقية إلى أن توجه رتل فرنسي من طرابلس بقيادة الجنرال (مينو) على طول الساحل لفرض سيطرة الجيش الفرنسي على المنطقة وتجريد السلاح وأسر المجاهدين. وفي 21 تموز قامت مجموعة من الثوار بالهجوم على قلعة المرقب الحصينة حيث انسحب الفرنسيون منها، وفي ذلك الوقت طلبت القوات الفرنسية مساعدة القوات البريطانية الموجودة في حماة وحمص لاستخدام الطيران لضرب الثوار إلاّ أن الجنرال ألنبي لم يستجب لطلب هاملان وأرسل رسالة إلى الشيخ صالح العلي في 4 آب 1919 يحتج فيها على مقتل عدد من رجاله ويحمّله المسؤولية الشخصية.
كانت تلك الرسالة حصيلة الاجتماع الذي عقد بين بيكو المفوض السامي والجنرال هاملان والجنرال بولس رئيس هيئة أركان المارشال ألنبي. حيث تقرر العمل السياسي وذلك بتشكيل لجنة للاتصال بالشيخ صالح العلي وإذا أخفقت اللجنة سيستأنف العمل العسكري من قبل قوات مختلطة بريطانية وفرنسية.
وقبل الشيخ صالح العلي بالمفاوضات على الأسس التالية: ـ ضم الساحل إلى الحكومة العربية وجلاء القوات الفرنسية عنه وإطلاق سراح الأسرى. ـ دفع تعويضات للسكان عن الأضرار التي ألحقها الجيش الفرنسي. ونقل الوسيط الشروط إلى القيادة الفرنسية فقبلها وطلبت تحديد موعد للقاء الشيخ صالح العلي لإجراء المفاوضات والدخول بالتفاصيل وتم الاتفاق على اللقاء في قرية الشيخ صالح العلي وحدد الموعد النهائي للاجتماع. وفي حين كانت قيادة ثورة الشيخ صالح العلي تترقب نتيجة المفاوضات وردت إليها أخبار عن تحشدات عسكرية فرنسية وبدأ الشيخ صالح العلي استعداده لمواجهة هذا الزحف. وبدأت رحلة جديدة بالإغارة على حامية طرطوس وقامت ثلاث كتائب بقيادة العقداء: سليم صالح، إسبر زعيتي، عزيز بربر وبعض القادة الآخرين بالهجوم على طرطوس من الجهات الثلاث حسب الخطة وفي أعقاب الهجوم على طرطوس وما تلاه من ذعر بين الفرنسيين زحف الشيخ صالح برجاله وبلغ عددهم 4000 مقاتل في 3 آذار 1920م على القدموس حيث وجه إنذاراً إلى قائد الحامية بالاستسلام فوراً، وجاءت إشارة سقوط القدموس في برقية غورو إلى الخارجية في 17 آذار 1920م.
وشهدت الجبهة الساحلية منذ نهاية آذار 1920م معارك دامية وكانت إحداها في منطقة السودا حيث استخدم الفرنسيون الطيران ومدافع الأسطول.
كانت نتيجة هذه المعركة الكبيرة غير ما يرغب به قائد الثورة إذ حصلت خسائر بشرية كبيرة، ووقع عدد من الثوار بالأسر. قام الفرنسيون بإعدامهم و شرعوا على الفور بمتابعة الهجوم ظناً منهم بأن الثوار قد انسحبوا، ولكن حصل العكس فكانت المقاومة شديدة واستمرت المعركة عدة أيام وكأنها بين جيشين نظاميين، وكانت الخسائر كبيرة جداً بين الطرفين، واستطاع الفرنسيون احتلال عدد من القرى لكن الثوار وبعد صراع استمر أكثر من شهر استطاعوا أن ينتزعوا النصر باستعادة بعض القرى والحصول على الكثير من الأسلحة والذخائر وذلك بفضل الصبر والفطنة. وفي هذه المرحلة قام وزير الحربية في حكومة دمشق يوسف العظمة بزيارة مناطق القتال واجتمع بالشيخ صالح العلي في قرية السودا. ووعد وزير الحربية يوسف العظمة بإرسال إمدادات عاجلة للثورة وتعاهد الرجلان على متابعة النضال. بعد ذلك عاد الفرنسيون إلى العمل السياسي بإرسال وسطاء لقبول الهدنة والموافقة على الشروط السابقة التي وضعها الشيخ، لكن الشيخ صالح العلي أخبر الوسطاء أنه لن يستقبل الفرنسيين وأنهم يخططون لعدوان جديد وفي الوقت نفسه وصل خبر إحراق قرية كوكب الهوى فرجع الوسطاء معلنين استياءهم من التصرف الفرنسي. وفي نفس الوقت، كانت القيادة الفرنسية قد كلفت أحد كبار الضباط وهو (نيجر) الخبير بالمنطقة الساحلية ووضعت تحت تصرفه أكثر من 30000 رجل من المشاة والخيالة تعززها أسراب الطيران وأرتال المصفحات. وبدأت الحملة بين قريتي خربة الروح (خربة تقلا) ونهر الصوراني شمال الشيخ بدر وبدأ الزحف على جبهة 30 كم مما اضطر الثوار إلى الانسحاب حتى قرية وادي العيون حيث حصلت معركة كبيرة فيها، اضطرت الفرنسيين لتغيير طريقهم باتجاه القدموس، مما أوقعهم بكمائن الثوار وعاد الوسيط البريطاني لطلب الصلح والالتقاء بالشيخ صالح بطرطوس فرفض الشيخ ذلك وطلب أن يكون اللقاء في الشيخ بدر وحضر جنرال فرنسي وآخر بريطاني مع حضور بعض الأسرى كحسن نية وانتهت المفاوضات دون تحقيق أية نتائج فما كان من الطرف الفرنسي إلا أن أعلن ضم الساحل إلى الدولة المركزية في دمشق وهو من الشروط الأساسية التي وضعها المجاهد الشيخ للتفاوض. في هذه الفترة وصل رسول من قبل الشيخ صالح العلي إلى المجاهد إبراهيم هنانو وعرض التعاون بين الشيخ صالح والمجاهد إبراهيم هنانو. رحب إبراهيم هنانو بالعرض وتم التنسيق للعمل العسكري وهذا الأمر جعل القيادة الفرنسية تفكر بإنهاء فوري للعمليات باستخدام قوات كبيرة مدعومة بالمدفعية وأسراب الطيران حيث وصل نبأ هذه الحملة إلى الشيخ صالح العلي عن طريق مصياف مما أدى إلى نقل عدد كبير من الثوار إلى مصياف. عند ذلك وجهت حملة كبيرة من القوات الفرنسية باتجاه الشيخ بدر والمريقب واحتلتها، واتخذت القيادة الفرنسية مقراً لها قريتي القمصية والشيخ بدر. وصلت أخبار الحملة إلى الشيخ صالح العلي وهو في منطقة السقيلبية عند ذلك عاد إلى مصياف وأعاد تجميع قواته للاستمرار بالصراع ضد الفرنسيين، وأعلن أنه سيواصل الثورة وأرسل وفداً إلى إبراهيم هنانو ليطلب المساعدة، حيث لبّى هنانو نداء الشيخ صالح العلي وأرسل بضعة ضباط وبعض السلاح حسب ما تيسر له. بعد ذلك، حصلت عدة معارك في بشراغي ووداي فتوح وتل صارم ومعركة قرية الدويلية ومعركة رأس قاسم ومعركة البودي. وبعد اكتمال إعادة تشكيل جيوش الشرق تقرر العمل في المنطقة الساحلية على إنهاء ثورة الشيخ المجاهد صالح العلي وتأمين خضوع المنطقة للفرنسيين. وكان من أسباب تمكن الفرنسيين من الثورة احتلالهم دمشق وتوقف الإمدادات وانتشار الفرنسيين في كافة المدن السورية. وفي رسالة لغورو إلى وزير الحربية وصف القادة الفرنسيون صعوبة الأعمال القتالية واعتبروا الشيخ صالح العلي عدواً يصعب التمكن منه لأنه روح العصيان في المنطقة الساحلية كما وصفه الجنرال غورو. بعد ذلك أصدر الفرنسيون عفواً عاماً وعرض الفرنسيون على الشيخ صالح العلي المشاركة في الحكم في دمشق فرفض وعرضوا عليه أموالاً فرفضها أيضاً. توفي الشيخ صالح العلي في 13 نيسان 1950م ودفن في قرية الشيخ بدر. ترك الشيخ صالح العلي مآثر وملاحم بطولية للأجيال القادمة بصلابته وحكمته وذلك باعتراف العدو قبل الصديق.

من تاريخ سوريا (المسجد الاموي بدمشق)

من تاريخ سوريا (المسجد الاموي بدمشق)




يشغل المسجد الأموي الكبير بدمشق، موقعاً في وسط المدينة التاريخي في ذات البقعة التي كانت في السابق مكاناً لأبنية ذات طابع عبادي وديني منذ قرون. فقبل تشييد المسجد الأموي، كان قد أقيم في الموقع نفسه في العهد الآرامي أوائل القرن العاشر قبل الميلاد معبد "حَـدَدْ" إلـه العاصفة والمطر والخصب في سورية. ثم أنشيء على أنقاض معبد "حدد" القديم، معبد آخر هو "جويبتير" في العهد الروماني وكان هذا الأخير يشمل منشآت عديدة " كالهيكل " أو " السيلا Cella " ـ وهي قدس الأقداس، تقع في منطقة وسط المعبد؛ ثم ساحة التيمينوس Themenos التي تحيط بالهيكل؛ وثمة ساحة أخرى وهي البيربول Peribol بأبعاد 310 × 380 متراً تحيط بهما. ويحد ساحة البيريبول سور خارجي وأروقة داخلية أو مخازن تفتح على أروقة تحمي المارة والمشترين. وبقي من آثار السوق الخارجي والأسواق بعض الأعمدة والأروقة مع طنفاتها في الجهة الغربيـة (باب البريد) وفي الجهة الشرقية (باب جيرون) وفي الجهة الشمالية (الكلاسة) " ويعتبر الجدار الجنوبي للمسجد " الذي ينفتح في وسطه الباب الرئيسي الثلاثي الفتحات.. من مخلفات المعبد الروماني القديم" (1) وتحول المعبد في وقت لاحق الى " كنيسة "، عندما استعمل " تيودوس " المنشآت المتبقية في المعهد الروماني ليحولها الى " كنيسة مسيحية "، في عام 379 م تحت اسم كنيسة القديس يوحنا المعمدان (2).
لقد رافق انشاء مسجد خاص بالمسلمين في موقع المعبد القديم بمدينة دمشق عند فتحها عام 10 هـ (636م) (3) كثير من الحكايات المختلفة والمختلـقة التي ارتقى بعضها، حد الأساطير الخيالية فيما يخص تاريخ ومكان وكيفية بناء أول مسجد بالمدينة القديمة الذي تم لاحقـاً في موقعه وعلى أنقاضه تشييـد المسجد الأموي الكبير إبان عهد الخليفة الوليد، فـي بدايات القرن الثامن الميلادي. إذ أشارت هذه الحكايات الى قصة " اقتسام " المسلمين لكنيسة المسيحيين التي كانت موجودة في موقع المعبد. وقد وصل الالتباس والتشويش في هذه القضية ـ قضية اقتسام الكنيسة ـ ذروته عندما تبنى بعض المهتمين من العرب والأجانب في تاريخ وعمارة المسجد الاموي مشروعية عملية " الاقتسام الفيزياوي " لفضاء الكنيسة، الأمر الذي يحتم على الطرفين المسلمين والمسيحيين في النتيجة إجراء طقوس العبادة في فضاء واحد، وهو " أمر لا يقبله الواقع " كما يؤكد الدكتور عبدالقادر الريحاوي في كتابه " العمارة والحضارة الإسلامية، ويشير المؤلف بأن مرد خطأ الرواة والمؤرخين الذين اشاروا الى هذا الموضوع " … لم يميزوا بين معبد، وكنيسة ؛ فقالوا باقتسام الكنيسة، وهم يريدون اقتسام المعبد، وفعلاً فان المسلمين أخذوا النصف الشرقي للمعبد وأقاموا عليه مسجدهم وتركوا الكنيسة القائمة في القسم الغربي للنصارى، واستمـر الحـال على هذا المنوال قرابة سبعيـن عاماً إلى أن تمكن الوليـد من تشيـيد جامعه الكبير " (4).
ومهما يكن من أمر فان جميع الدلائل تشير بأن الوليد بن عبد الملك كان قبل الشروع بتشييد المسجد الأموي بدمشق الذي عرف أحياناً بمسجد الوليد، قد أزال غالبية المنشآت السابقة الموجودة في الموقع. ويذكر ابن الفقيه (توفي عام 290 هـ ـ 903 م) بأن الوليد حاول في البدء إقناع المسيحيين بإعطائهم موقعاً آخر بدلاً عن كنيستهم التي رأى فيها نوعاً من العرقلة لما نوى عليه من أعمال زيادة في المسجد واعادة بنائه بصورة لائقة، فأبوا ولم يوافقوا على مقترح الوليد " … إنا نريد أن نزيد في مسجدنا كنيستكم هذه ونعطيكم موضع كنيسة حيث شئتم، فحذروه ذلك وقالوا : إنا نجد في كتابنا أن لا يهدمها أحد إلا خنق. فقال الوليد : فأنا أول من يهدمها. فقام عليها، وعليه قباء أصفر فهدمها بيده، وهدم الناس معه، ثم زاد في المسجد " (5. وإثر ذلك بدء العمل في تشييد المسجد في ذي الحجة من عام ستة وثمانين (86 هـ) للهجرة (705 م) وانتهي منه بعد عشر سنوات من العمل الإنشائي الواسع والمتواصل ، في96 هـ (715) م (6 (أي في السنة التي مات بها الوليد). وباكتمال تشييد المسجد الجامع بدمشق فان مرحلة جديدة من التطور المعماري في العهـد الأموي قد أنجزت، وظهر المنشأ الجديد بصيغته الفنية المتكاملة كأنه مأثرة معماريـة حقاً أبانت للعالم بأسره نضج القيم التكوينية الجديدة واكتمال المفاهيم التصميمية تلك المفاهيم التي لا يتعدى عمرها عمر ظهور الاسلام نفسه، أي قبل أقل من ثمانية عقود لاغير!
أثارت الأبعاد القياسية للمسجد الجامع بدمشق وأسلوب ترتيب فضاءاته ودقة ورهافة الأعمال التزيينية وسعتها وكذلك حذق العمل الإنشائي وأساليبه البنائية، أثارت دهشـة واعجاب جميع مشاهديه، ومازالت ذات الدهشة والإعجاب تستـولي على مستخد ميه وزوّاره حتى الوقت الحاضر.

من تاريخ سوريا (المسجد الاموي في حلب)

من تاريخ سوريا (المسجد الاموي في حلب)



يتحدث المؤرخ المشهور المقدسي عن سليمان بن عبد الملك وإنشائه مدينة الرملة قبل أن يصبح خليفة وعن تشييد المسجد الجامع فيها.
ثم يقول إن سليمان بنى أول مسجد جامع في حلب، ويتابع المؤرخون ترديد هذا القول وتأكيده، ويقول ابن الشحنة، كان مسجد حلب الكبير منافساً لمسجد دمشق في زخرفته وكسوته الرخامية وفسيفسائه. ويقول، سمعت إن سليمان بن عبد الملك هو الذي بناه رغبة منه في أن يجعله مساوياً لأعمال أخيه الوليد في مسجد دمشق الكبير.
ولكن خلافة سليمان لم تكن طويلة 97ـ99هـ/715ـ717م ومن المرجح أن الوليد بن عبد الملك الذي حكم من 705ـ715م ابتدأ ببنائه في حياته وأكمله أخوه سليمان بعده وهذا يعني أن المسجد أنشىء خلال عامي 92ـ99هـ/710ـ716م.

وهذا المسجد أنشىء في وسط مدينة حلب التي تعتبر أقدم مدينة في التاريخ، ولا شك أن الخليفة انتقى مكاناً وسطاً فيها، ولم يكن أصلح من منطقة متهدّمة متروكة كانت عليها كنيسة هيلانة أم قسطنطين إمبراطور بيزنطة، وكانت قبلاً أغورا المدينة في العصور الهلنسية الرومانية
.
وليس من السهل التعرف على هوية المسجد الأموي، ذلك إن هذا المسجد أصيب بويلات صعبة، كان أقدمها ما فعله العباسيون إذ أزالوا بعض زخارفه. ثم أصابه حريقان كبيران؛ الأول بفعل نقفور إمبراطور الروم والثاني بسبب داخلي.


ويعود الفضل في إعادة ترميمه إلى سيف الدولة الحمداني ملك حلب. ثم قام نور الدين بتوسيعه فأصبح مربع الشكل. على أن الوضع الحالي للمسجد في أبعاده وأقسامه ـ فيما عدا مئذنته ـ يعود إلى عصر المماليك؛ الملك الظاهر بيبرس، والسلطان قلاوون وابنه الناصر محمد
.
ومع ذلك فإن وصف ابن جبير في رحلته، لهذا الجامع الذي زاره سنة 580هـ/1183م يبين حالة المسجد قبل حريقه مع الأسواق سنة 564هـ/1168م وترميمه من نور الدين فيقول: "إنه من أحسن الجوامع وأجملها، قد أطاف بصحنه الواسع بلاط كبير متسع مفتح كله أبواباً قصرية الحسن إلى الصحن، عددها ينيف على الخمسين، والبلاط القبلي الحرم لا مقصورة فيه فجاء ظاهر الاتساع".(4)



ثم يصف المحراب والمنبر وزخارفهما فيقول "ما أرى في بلدٍ من البلاد منبراً على شكله وغرابة صنعته، واتصلت الصنعة الخشبية منه إلى المحراب فتجللت صفحاته كلها خشباً على تلك الصنعة الغريبة وارتفع كالتاج العظيم على المحراب، وعلا حتى اتصل بسمك السقف وقد قوّس أعلاه.. وهو مرصع كله بالعاج والأبنوس

إن المنبر والمحراب الذي يصفه ابن جبير قد صنع في الوقت الذي أمر فيه نور الدين بصنع منبر للمسجد الأقصى، نقله فيما بعد صلاح الدين بعد تحرير القدس سنة 583هـ/1187م. ومن المؤكد أن صناع هذا المنبر وهم معالي وأولاده المذكورون على منبر المسجد الأقصى الذي أحرقه الصهاينة سنة 1969، أي أنه يحمل نفس الشكل والزخارف. ولقد قام هؤلاء بصنع محراب مدرسة الحلوية على غرار محراب مسجد حلب الذي وصفه ابن جبير. إذ إن ورشة أولاد معالي كانت تعمل في فناء الحلوية المجاور للجامع الكبير. على أن المنبر الحالي يعود إلى أيام الملك الناصر محمد. والمحراب الحالي يعود إلى عصر السلطان قلاوون، كما سنرى
.

وإذا أردنا وصف المسجد الكبير في نظامه الجديد، فإننا نراه محاطاً بواجهات جديدة تنفتح منها أبواب قديمة أربعة، باب من كل جهة. وهو مؤلف من صحن واسع محاط بأروقة ثلاثة، وحرم في الجهة القبلية والصحن مغطى ببلاط رخامي بلونين أصفر وأسود وبتشكيلات هندسية مازالت تميز هذا الصحن، وتعود إلى العصر العثماني وقد جددت مؤخراً. وتنفتح على الصحن عقود عشرة من الجانبين وستة عشر عقداً في الشمال ومثلها في الجنوب تعود إلى الحرم وقد أغلقت هذه بأبواب خشبية، وفي وسطها مدخل كبير يصل إلى الجناح الأوسط الممتد حتى المحراب الكبير. وتنهض جميع العقود نصف الدائرية، على عضادات مستطيلة وليس على أعمدة. وفي وسط الصحن ميضأة حديثة مغطاة بقبة، وثمة قبة أخرى تحمي ساعة شمسية أما الحرم فإن سقفه محمول على عضادات مشابهة لتلك الموجودة في الصحن، تحمل أقواساً متصالبة على شكل عقد في ثمانية أجنحة عرضية موازية لجدار القبلة في جنوبي الحرم، وتعلو الجناح المتوسط قبة صغيرة تغطي منطقة المحراب.
وفي الحرم سدة من الخشب المزخرف بألوان مختلفة مع كتابة تشير إلى عصر بانيها "قره سنقر كافل حلب

ويعود المنبر إلى عصر الملك الناصر محمد، وصنعه محمد بن علي الموصلي، كما تشير الكتابة عليه، وهو من أجمل المنابر مزخرف بالرقش العربي الهندسي المركب من خشب الأبنوس والمنزل بالعاج والنحاس البراق ويعود المحراب إلى عصر السلطان قلاوون وقد تم بإشراف كافل حلب قره سنقر سنة 681هـ/1281م وهو مبني بالحجر المشقف بزخارف هندسية رائعة وكما هو الأمر في الجامع الأموي بدمشق، فإن ضريحاً يطلق عليه اسم الحضرة النبوية، ويقال إنه يحوي قبر النبي يحيى، موجود وفيه أشياء ثمينة محفوظة، منها مصاحف شريفة كتبها كبار الخطاطين الأتراك، وفيها قناديل قديمة مذهبة ومفضضة وقواعد شمعدان ولقد أنشىء هذا الضريح منذ عام 907هـ/1500م ورمم مراراً، وكانت آخر الترميمات سنة 1030هـ/1620م وكسيت جدرانه الثلاثة بألواح الخزف القاشاني وأقيم باب الضريح وفوقه قوس من الحجارة بلونين أسود وأبيض إن أروع ما يحويه هذا المسجد، هو مئذنته المربعة المرتفعة خمسين متراً والتي جددت سنة 873هـ/1094م بديلاً عن مآذن أموية نعتقد أنها كانت أربع مآذن في أركان المسجد، وكانت مربعة ولا شك على غرار جامع أمية الكبير بدمشق والجوامع الأخرى التي أنشئت في عصر الوليد

ولكن المؤرخين يتحدثون عن منارة واحدة كانت سابقة لهذه المئذنة أنشئت في عصر آق سنقر سنة 482هـ/1089م وكان طولها 46متراً أي ما يقارب طولها الحالي واحترقت سنة 574هـ/1178م. والمئذنة اليوم، هي أشبه بآبدة تذكارية رائعة متناسقة الأبعاد ارتفاعاً وعرضاً. ولقد زخرفت وجوهها الأربعة بزخارف حجرية بارزة وزّعت على أقسامها الخمسة، وأجملها القسم العلوي الذي يزدان بفتحةٍ محاطة بزخارف مقرنصة وتحتها قسم مؤلف من نافذتين مغلقتين يعلوهما قوس دائري، وينهض فوق القسم العلوي شرفة الأذان تغطيها مظلة خشبية محمولة على أعمدة خشبية وفي أعلاها ذروة مكعبة تجعل هذه المئذنة فريدة من نوعها لا تشبهها إلا مئذنة جامع المعرّة، مدينة أبي العلاء، والتي مازالت قائمة حتى اليوم، إلا أنها أصغر حجماً من مئذنة الجامع الكبير في حلب

من تاريخ سوريا (الدولة الحمدانية)

من تاريخ سوريا (الدولة الحمدانية)


الدولة الحمدانية
(317-399هـ/ 929-1009م)
ينتسب الحمدانيون إلى قبيلة تغلب، وكان بنو تغلب بن وائل من أعظم بطون ربيعة بن نزار، وكانوا من نصارى العرب الجاهلية الذين لهم محل في الكثرة والعدد.
وكانت مواطنهم في الجزيرة وديار ربيعة، ثم ارتحلوا مع هرقل إلى بلاد الروم، ثم رجعوا إلى بلادهم، وفرض عليهم عمر بن الخطاب الجزية، فقالوا: يا أمير المؤمنين، لا تذلنا بين العرب باسم الجزية، واجعلها صدقة مضاعفة ففعل.
وعلى هذا فالحمدانيون من بني تغلب ينحدرون من أصل عربي أصيل من العدنانية التي ولدت العربية في كنفها.
وما زالوا يتنقلون بماشيتهم وأموالهم وخيامهم على مثل حالة القبائل العربية من تهامة إلى نجد إلى الحجاز إلى أرض ربيعة إلى ضفاف الفرات حيث نزلوا ساحل "الرقَّة" الفسيح، ومنها انتقل حمدان بن حمدون إلى "الموصل".
وكان حمدان جد الأمراء الحمدانيين رئيس قبيلة أنجبت عدة أولاد اعتمدوا على أنفسهم، وألقوا بأنفسهم في ميادين المغامرة والحرب، فانتصروا وخذلوا، وكانت حياتهم تتصف بالعنف والقوة، ولا تعرف الهدوء والسلم إلا قليلا.
وقد رافقت نشأة الحمدانيين ضعف الدولة العباسية، وغروب شمسها .
ويشاء الله أن يشهد الحمدانيون الأحداث التي هزت الإمبراطورية الإسلامية هِزَّة انتهت إلى فرط عقدها وظهور دويلات وإمارات مستقلة على يد الأتراك، والفرس، والكرد، وبعض القبائل العربية، وشهدوا تقلص نفوذ العرب وذوبانه تحت سيطرة الدخلاء بشكل يدعو للأسف، فرأوا أن يقوموا بنصيبهم من حمل هذا العبء، وأن يصونوا التراث العربي، وأن يردوا ما استطاعوا هجمات الروم عن الثغور الإسلامية.
يرافق ظهور الأسرة الحمدانية ارتقاء "المتقي"عرش الخلافة، وقد تسلمها وهي على ما هي عليه من التفكك والانحلال، على يد الأتراك أصحاب وظيفة "أمير الأمراء" في بغداد ؛ حيث استبد أولئك الأمراء بالسلطة دون الخليفة العباسي، وراحت بعض القبائل العربية التي سكنت بادية الشام ووادي الفرات تستغل ضعف الخلافة العباسية، وتستقل بالمدن والقلاع الواقعة في أرضها.
ويعتبر ما قامت به قبيلة "تغلب" مثلا لهذا الذي كان يقع في فترة ضعف الخلافة وسيادة الأمراء.
الدولة الحمدانية في الموصل:
لقد استطاعت "قبيلة تغلب" بفضل أبناء زعيمها "حمدان بن حمدون" أن تؤسس دولة في شمال العراق، وأن تتخذ من مدينة "الموصل" عاصمة لها (317-358هـ/ 929-969م).
وتعصبت هذه الدولة للعروبة، وساءها استبداد الأتراك بالخلافة العباسية، فجاء زعيمها "الحسن بن عبد الله الحمداني" إلى بغداد، ومعه أخوه لمناصرة الخليفة المتقي بالله سنة 330هـ/ 942م.
وكافأ الخليفة هذا الزعيم الحمداني بأن عينه في وظيفة "أمير الأمراء"، ومنحه لقب "ناصر الدولة"، ثم منح الخليفة المتقي أخاه لقب "سيف الدولة الحمداني".
موقف توزون:
وعاش الأخوان: "ناصر الدولة" و"سيف الدولة" ببغداد إلى جانب الخليفة الذي عرف لهما قدرهما، ولكن ذلك لم يعجب الأتراك، فاستطاعوا بزعامة قائدهم "توزون" أن يطردوا الحمدانيين، وأن يحملوهم على العودة إلى الموصل سنة 321هـ/ 933م.
الدولة الحمدانية في حلب:
وتطلع سيف الدولة بعد خروج الحمدانيين من بغداد إلى القيام بمغامرة حربية تعلي من شأن دولته بالموصل فسار سنة 323هـ/ 935م إلى شمال الشام واستولى على "حلب" وأخرج منها حاكمها التابع للدولة الإخشيدية، صاحبة السيادة حين ذاك على مصر والشام.
وكانت هذه النزاعات بين أقاليم الأمة المسلمة الواحدة وراء التعجيل بنهاية هذه الدولة، وأصبح سيف الدولة بذلك صاحب الدولة الحمدانية وعاصمتها حلب التي استمرت في شمال الشام حتي سنة 399هـ/ 1009م.
ومن يقلِّب صفحات التاريخ يجد مجالس سيف الدولة الحمداني تضم أولئك المشهورين في تاريخ الحضارة الإسلامية وعلى رأسهم الشاعر أبو الطيب المتنبي، والمؤرخ أبو الفرج الأصبهاني صاحب كتاب الأغاني، والخطيب الفصيح ابن نباتة، والفارابي الفيلسوف المشهور، والشاعر أبو فراس الحمداني.
قتال البيزنطيين:
وكان قيام الدولة الحمدانية على طول منطقة الأطراف الإسلامية المتاخمة لأراضي الدولة البيزنطية في جنوب آسيا الصغرى وفي شمال العراق حاجزًا ضد هجمات البيزنطيين في وقت أضحت الدولة الإسلامية نهبًا للفوضى والقلاقل الداخلية، وليس لديها قوة حربية كافية!
ولقد خلد التاريخ اسم "سيف الدولة" من خلال حروبه المتكررة ضد البيزنطيين، والتصدي لأعمالهم العدائية على أرض المسلمين.
لقد بدأ إغارته على آسيا الصغرى سنة 337هـ/ 949م دون أن تمر سنة واحدة بغير تجهيز حملة حربية لهذا الغرض النبيل، ولقد تسنى له أن يستولي على كثير من الحصون البيزنطية مثل "مرعش" وغيرها من مدن الحدود.
ومن بطولات سيف الدولة: استيلاؤه على قلعة الحدث (وهي قلعة متاخمة لحدود الدولة البيزنطية) كان سيف الدولة قد بناها، وهجم عليها الرومان فخربوها، وهدموها فأعد سيف الدولة جيشًا قويا، وهزم الروم هزيمة ساحقة، واستولى على قلعة الحدث، وقد قال المتنبي في ذلك قصيدة طويلة في مدح سيف الدولة وبطولته في هذه المعركة، منها:
يكلف سيف الدولة الجيش همـــه وقد عجزت عنه الجيوش الخضارم
سقوط حلب في أيدي البيزنطيين:
ولقد عاصرت حركات سيف الدولة قيام أعظم إمبراطورين عسكريين عرفتهما الدولة البيزنطية في هذه الآونة، فقد استطاع نقفور فوقاس أن يستولي على "حلب" نفسها عاصمة سيف الدولة سنة 351هـ/ 962م ودخل أنطاكية بجنوده، وقتل فيها ما يقرب من عشرين ألفًا، غير أن الدولة البيزنطية انسحبت منها بعد ثمانية أيام بسبب المقاومة الحمدانية. وقد اتجه الإمبراطور الروماني "حنا شمشيق" إلى الاستيلاء على "بيت المقدس"، وتوغل كثيرًا في أراضي الشام، ولكنه عاد سريعًا من غارته الخاطفة بفضل مقاومة الحمدانيين في حلب، ومقاومة الفاطميين في سائر الشام.
سعد الدولة:
ولقد تولى "سعد الدولة" ابن سيف الدولة بعد أبيه سنة (357- 381هـ/ 967 - 991م)، لكن الدولة دخلت في مرحلة الضعف والنزاع الداخلي، وذلك بعد أن اعترف منصور بن لؤلؤة والي الحمدانيين على حلب بسلطان الفاطميين على حلب عام 383هـ وأصبحت إمارة فاطمية بعد أن كانت حارسة على أطراف الدولة الإسلامية في وقت لم يدرك الخلفاء العباسيون في بغداد قيمة الدفاع عنها.
ولجأ بعض المتنازعين على السلطة من الحمدانيين إلى الخلافة القائمة في مصر والشام وقت ذاك على حين ظلت الخلافة العباسية غارقة في الضعف والفوضي.
ورغم كل ذلك سقطت الدولة الحمدانية التي تمثلت كل عظمتها في شخص "سيف الدولة".

من تاريخ سورية( بكلمتين ساعة باب الفرج )

من تاريخ سورية( بكلمتين ساعة باب الفرج )



شيدت هذه الساعة بأمر من السلطان عبد الحميد خان الثاني العثماني, وقد أُحتفل بوضع الحجر الأول في أساسها تجاه باب الفرج في 15/ ربيع الأول /1316 هـ لتحل مكان قسطل السلطان ( وهو من آثار السلطان سليمان خان العثماني )



وقد تمت عمارتها وأصبحت على صورتها الحاضرة في عام (1317) هـ , و بلغ مصروف عمارتها نحو 600 ليرة عثمانية جمعت من ذوي الثروة واليسار , وقد وُضع لبنائها المهندس شارتيه أفندي مهندس الولاية وبكر صدقي أفندي مهندس المركز , وتتألف من أربع واجهات وقاعدة واسعة وساعة تعمل بتوقيتين عربي وغربي في آن واحد ولها أربع وجوه , وُيظهر هذا البناء من حسن صنعته ما وصل إليه فن العمارة في حلب

من تاريخ سوريا (المسجد الاموي بدمشق)

من تاريخ سوريا (المسجد الاموي بدمشق)


يعتبر الجامع الأموي بمنطقته في دمشق من اهم المناطق الدينية المقدسة على مر التاريخ .. ففي المكان الذي يقام عليه المسجد الاموي الكبير حاليا، كانت تقام في الالف الاول ق.م معابد عديدة أهمها معبد الاله حدد الآرامي، الاه المطر والعواصف والخصب .. وبعد انتشار الديانة المسيحية في بلاد الشام أنشأ الامبراطور«تيودوس» كنيسة في عام /379/ م عرفت باسم كنيسة القديس ماريوحنا المعمدان. وعندما تسلم الوليد بن عبد الملك ،الخلافة الاموية عام/705م/ ضم الكنيسة الى الجامع ,بعد ان كانت على عهد والده أبو عبيدة مقسوم لنصفين .. نصف جامع ونصف اخر كنيسة ..

وقد ذكر صاحب كتاب "نزهة الأنام في محاسن الشام" قصة الجامع (المسجد) الأموي في دمشق نقلاً عن الحافظ بن عساكر فقال :
: "لما فتح الله تعالى على المسلمين الشام بكماله (بلاد الشام كلها) ومن جملته (ومن ضمنها) دمشق المحروسة بجميع أعمالها وأنزل الله رحمته فيها وساق برّه إليها،

كتب أمير المؤمنين وهو إذ ذاك أبو عبيدة رضي الله عنه كتاب أمان وأقرّ بأيدي النصارى (ترك لهم) أربع عشرة كنيسة وأخذ منهم نصف هذه الكنيسة، وأخذ منهم التي كانوا يسمونها كنيسة مر يحنا (مار يوحنا) بحكم أن البلد فتحه خالد بن الوليد رضي الله عنه من الباب الشرقي بالسيف وأخذت النصارى الأمان من أبي عبيدة وهو على باب الجابية، فاختلفوا ثم اتفقوا على أن جعلوا نصف البلد صلحاً ونصفه عنوة، فأخذ المسلمون نصف هذه الكنيسة الشرقي فجعله أبو عبيدة رضي الله عنه مسجداً وكانت قد صارت إليه إمارة الشام فكان أول من صلى فيه أبو عبيدة رضي الله عنه ثم الصحابة بعده في البقعة التي يقال لها محراب الصحابة رضي الله عنهم، ولم يكن الجدار مفتوحاً بمحراب محنى وإنما كان المسلمون يصلون عند هذه البقعة المباركة.

وكان المسلمون والنصارى يدخلون من باب واحد وهو باب المعبد الأصلي الذي كان في جهة القبلة مكان المحراب الكبير الذي هو اليوم حسبما سلف لنا ذكره، فينصرف النصارى إلى جهة الغرب لكنيستهم ويأخذ المسلمون يمنة إلى مسجدهم. ولا يستطيع النصارى أن يجهروا بقراءة كتابهم ولا يضربون بناقوس إجلالاً للصحابة رضي الله عنهم ومهابة لهم وخوفاً منهم!."

"وقال ابن عساكر: لما صارت الخلافة إلى الوليد بن عبد الملك عزم على أخذ بقية هذه الكنيسة وإضافتها إلى ما بأيدي المسلمين وجعل الجميع مسجداً واحداً، وذلك لتأذَي المسلمين بسماع قراءة النصارى في الإنجيل ورفع أصواتهم في الصلاة، فأحبَّ أن يبعدهم عن المسلمين فطلب النصارى وسألهم أن يخرجوا عن بقية الكنيسة ويعوّضهم إقطاعات كثيرة عرضها عليهم وأن يقرّ لهم أربع كنائس لم تدخل في العهد (أي أن يسمح لهم بإبقاء أربع كنائس من كنائسهم لهم) وهي كنيسة مريم وكنيسة المُصلَّبة وكلاهما داخل الباب الشرقي وكنيسة تل الجبن وكنيسة حميد بن درّة التي بدرب الصيقل، (سميت بهذا الاسم لأن الدرب أي الطريق كان إقطاعاً لحميد بن عمرو بن مساحق القرشي العامري وأمه درة بنت أبي هاشم خال معاوية بن أبي سفيان

. وكان الخلفاء يمنحون الإقطاعات من الأراضي التي يحتلونها لمن شاؤوا من أتباعهم ) فأبوا ذلك (رفضوا) أشدّ الأباء، فقال: أئتونا بعهدكم الذي بأيديكم في زمن الصحابة، فقُرئَ (العهد) بحضرة الوليد، فإذا كنيسة توما التي كانت خارج باب توما لم تدخل في العهد، وكانت فيما يُقال أكبر من كنيسة مر يحنا (ليس في التاريخ ما يشير إلى وجود كنيسة أكبر من كنيسة مار يوحنا في دمشق آنذاك) فقال أنا أهدمها وأجعلها مسجداً، فقالوا بل يتركها أمير المؤمنين وما ذكر من الكنائس ونحن نرضى بأن يأخذ بقيـة كنيسـة مر يحنا، فأقـرّهم على تلك الكنائس، وأخذ منهم بقية الكنيسة.

ثم أمر الوليد بالهدم، فجاءت أساقفة النصارى وقساوستهم وقد ندموا فقالوا يا أمير المؤمنين إنا نجد في كتبنا أن من يهدم هذه الكنيسة يجن، فقال أنا أحب أن أجن في الله، والله لا يهدم فيها أحد قبلي، ثم صعد المنارة الغربية وكانت صومعة عظيمة، فإذا فيها راهب فأمره بالنزول منها فأبى الراهب، فأخذه بقفاه وحدّره منها (أي دحرجه من أعلاها) ثم وقف على أعلى مكان منها فوق المذبح الأكبر الذي يسمونه الشاهد وأخذ فأساً وضرب أعلى حجر فألقاه، فتبادر الأمراء والأجناد إلى الهدم بالتكبير والتهليل، والنصارى تصرخ بالعويل على درج باب البريد وجيرون وقد اجتمعوا، فأمر الوليد صاحب الشرط (رئيس الشرطة) أن يضربهم، وهدم المسلمون جميع ما كان من آثارهم من المذابح والحنايا حتى بقي صرحةً مربعة.

(لم تهدم الكنيسة بأكملها بل أبقي على هيكلها الخارجي الذي لا زالت أثار المسيحية ظاهرة عليه) ويتابع الكتاب قائلاً: "واستعمل الوليد في هذا المسجد خلقاً كثيراً (عدداً كبيراً من الناس) من الصناع والمهندسين والمرخّمين. وكان المُسْتَحثّ على عمارته (أي الموكل إليه بشؤون بنائه) أخوه سليمان بن عبد الملك، ويقال أن الوليد بعث إلى ملك الروم يطلب منه صناعاً في الرخام والأحجار وغير ذلك ليعمروا هذا المسجد على ما يريد، وأرسل يتوعّده إن لم يفعل ليغزونَّ بلاده بالجيوش وليخربنَّ كل كنيسة في بلاده حتى القيامة التي بالقدس الشريف ويهدم كنيسة الرها وجميع آثار الروم .

فبعث ملك الروم صناعاً كثيرة جداً وكتب إليه (ملك الروم) يقول له: إن كان أبوك فهم هذا الذي تصنعه وتركه فإنه لوصمة عليك، وإن لم يفهمه وفهمته أنت فإنه لوصمة عليه! فأراد (الوليد) أن يكتب إليه الجواب، وإذا بالفرزدق الشاعر دخل عليه فأخبره بما كتبه ملك الروم فقال (الشاعر) يا أمير المؤمنين أنت جعلت أخاك سليمان هو القائم بأمر العمارة (أي أنك لست المسؤول عن ذلك لأن أمر العمارة هو بيد سليمان) والجواب بنص القرآن، " ففهَّمناها سـليمان وكُلاًّ آتينا حكماً وعلماً!" (سورة الأنبياء 79 ) .

فأعجب ذلك الوليد وأرسل به جواباً لملك الروم. (هنا يظهر استهتار الوليد في استعماله لآية قرآنية قصد بها القرآن الملك سليمان الحكيم فأجاب بها يسخر بتأنيب ملك الروم له على قيامه بعمل ينافي الأصول والأخلاق. ويذكر الدكتور فيليب حتي في كتابه "تاريخ سورية ولبنان وفلسطين" أن الوليد أرسل إلى إمبراطور الروم في طلب مئة من الفنانين اليونان لبناء المسجد، بينما يذكر ابن عساكر وكتاب العيون، أن عدد الصناع كان مئة ألف وأن بعضهم استخدموا في مكة والمدينة. بمعنى آخر المسجد الأموي ليس مثالا على العمارة العربية)

ويتابع الكتاب قائلاً: "وعن يزيد بن واقد قال: وكّلني الوليد على العمال في بناء الجامع فوجدنا فيه مغارة فعرّفنا (أي أعلمنا) الوليد. فلما كان الليل وافى وبين يديه الشمع فنزل فإذا هي كنيسة لطيفة ثلاثة أذرع في ثلاثة أذرع ، وإذا فيها صندوق ففتح الصندوق فإذا فيه سفط (إناء) وفي السفط رأس يحيى بن زكريا. فأمر الوليد بردّه إلى مكانه وقال: اجعلوا العمود الذي فوقه مُعيَّناً بين الأعمدة. فجعلوا عليه عموداً مسفّط الرأس .

" يتابع الكتاب قائلاً: "وقال بعض المؤرخين، أن الشرقية (أي المنارة الشرقية من الجامع) احترقت في سنة أربعين وسبعمائة فنقضت وجددت من أموال النصارى لكونهم اتّهموا بحرقها وأقرّ بعضهم بذلك، فقامت على أحسن شكل، وقال بعض العلماء في المنارة الشرقية البيضاء التي ينزل عليها عيسى بن مريم عليه السلام في آخر الزمان بعد خروج الدجال كما ثبت في صحيح مسلم عن النواس بن سمعان والله أعلم.

يتابع الكتاب قائلاً: "ومن محاسن الشام ما وصف جامعَها به العلامة اليعقوبي، قال: مدينة دمشق جليلة قديمة وهي مدينة الشام في الجاهلية والإسلام.. وأما جامعها فليس في مدائن الإسلام أحسن منه، بناه الوليد في خلافته بالرخام والذهب سنة ثمان وثمانين." وينقل الكتاب عن مؤرخ آخر وهو الشيخ بن جبير، قوله: "وكان أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه لما دخلها، صالح النصارى بأن أخذ نصف الكنيسة الشرقي فصيره مسجداً وبقي النصف الغربي للنصارى، فأخذه الوليد وأدخله في الجامع (ضمّه إلى الجامع) بعد أن أرغبهم في التعويض عنه، فأبوا فأخذه قسراً!"

والجدير بالذكر أن أهم الآثار المسيحية المتبقية هو كما ذكر الكتاب رأس القديس يوحنا المعمدان و جرن المعمودية وهو جرن رخامي عظيم القدم تظهر على جوانبه آثار المستحاثات . أما ما يُخشى عليه فهو الكتابة الموجودة على البوابة الجنوبية والمنقوشة بالأحرف اليونانية والتي تقول: "ملكك أيها المسيح ملك كل الدهور وسلطانك في كل دور فدور." هنالك أيضاً صورة لوجه السيد المسيح وعلى رأسه إكليل شوك، ظهرت مؤخراً على يسار البوابة الجنوبية الأخرى المواجهة لسوق الصاغة وقيل أنه قد سبق وان حاول المسؤولون إزالة هذه الكتابات والصور ولكن تدخل هيئة الآثار الدولية وتقديم تبرعات مادية قد حال دون ذلك

أما في باحة الجامع، فهناك بقعة من الأرض تحت فناءٍ مسقوف، إذا ما وقف الزائر في منتصفها وضرب عليها بقدمه، فإنه يسمع صدىً عميقاً لهذه الضربات. ومردّ ذلك هو أن هذه البقعة، حسب خبراء الآثار، كانت مدخلاً أو مخرجاً لنفق طويل يربط كنيسة القديس يوحنا (الجامع الأموي) بكنيسة حنانيا، وهي كنيسة صغيرة تبعد عن المكان بما يقل عن الميل، وتقع إلى الجهة الشمالية من الباب الشرقي لدمشق في نهاية طريق صغير يحمل اسم الكنيسة نفسها. ولدخول هذه الكنيسة، ينبغي للزائر أن ينزل عدة درجات تحت الأرض وهناك يجد نهاية النفق في أسفل منتصف الحائط الغربي، وقد سدّ ببعض الأحجار خوفاً من دخول أحد إليه. وقيل أن المسيحيين كانوا يستعملون هذا النفق للانتقال بين الكنيستين أو كمعبر هروب خوفاً من الاضطهاد. وفي الستينات، خلال عمليات الحفر التي كانت تجري لتوسيع كنيسة الروم الأرثوذكس المعروفة بالمريمية، والواقعة بين كنيسة يوحنا وحنانيا، ظهرت أجزاء من النفق وقيل أن جماجم وهياكل بشرية عثر عليها في داخلها. . وعندما احتلّ المسـلمون مدينة حماه، حولوا الكنيسة التي نعتها أبو الفداء أحد المؤرخين الأهليين بالكبرى، إلى الجامع الأكبر. ولا تزال الواجهة الغربية في حالة سليمة. وكذلك المسجد الأكبر في حمص ومسجد حلب، فقد كانا من معابد النصارى. (البلاذري) ولا تزال الآثار المسيحية والأعمدة الرومانية ظاهرة للعيان في معبد حمص".

من تاريخ سوريا (مملكة ماري)

من تاريخ سوريا (مملكة ماري)




تميزت ماري بموقعها الاستراتيجي وإمكاناتها الاقتصادية وفعالياتها الحضارية وصلاتها المختلفة بممالك الشرق القديم (مثل: أور، كيش، إيسين، لايسا، أوروك، نيبور، أشنونا، بابل، إيبلا، أكاد، آشور، يمحاض). واشتهرت ماري كعاصمة للسلالة العاشرة بعد الطوفان، مما يدل على قدمها. وكان من أشهر ملوكها «آنسود»، الذي ربما كان مؤسس هذه السلالة الحاكمة، التي حكمت نحو 136 عاماً. وتجدر الإشارة إلى هدية ملك أور (ميسانيبادا) إلى حليفه ملك ماري (آنسود)، التي اكتشفت في ماري، وهي محفوظة في المتحف الوطني بدمشق، تجسد العلاقات الودية بين ملوك هاتين المملكتين.
وكان التنافس الدولي ورغبة ملك أوروك «لوجال زاجيزي» في التوسع، مما أساء إلى العلاقات بين مملكتي ماري وأوروك، بل وأدى ذلك إلى حرب عنيفة، انتهت بقضاء «لوجال زاجيري» على مملكة ماري وازدهارها الحضاري، فغدت مدينة عادية. ولكن إمكاناتها الاقتصادية وصلاتها الودية الدائمة بعرب البادية والموجات العربية، يفسر لنا سرعة تحررها من النفوذ السومري واستئناف فعالياتها المختلفة من جديد. وقد أصبح الاكاديون عصرئذِ قوة هامة في المنطقة وشكلوا إمبراطورية هامة وتوسع ملكهم سرجون الأكادي، حتى وصلت حملته الحربية إلى غابة الأرز في لبنان. وعرف (ميجير دجن»، حاكماً لمدينة ماري في ذلك العصر، ثم ظهر نارام سين بفتوحاته الحربية، التي خلد أحدها بنصب حجري هام محفوظ في متحف اللوفر. ولكن حكم الأكاديين في ماري لم يدم طويلاً، وينسب بعضهم ذلك إلى غزوات القوطيين، وأثرها الكبير في تغيير الوضع الدولي السائد في ذلك العصر، وظهور اضطرابات في عهد سلالة أوروك الرابعة والخامسة. وفي عهد سلالة أور الثالثة، استطاع قواد ماري الموهوبون أن يظهروا كحكام هذه المدينة وعرفوا بلقب «شاكاناكو»، واستمر حكمهم من نحو 2285ق.م حتى نحو 1755ق.م.


وبعدما أصبح للعموريون أهمية كبيرة في بداية الألف الثالثة قبل الميلاد، شكلوا ممالكهم العمورية وازدادت فعالياتهم، التي تتحدث عنها نصوص الرُقم الطينية المكتشفة في ماري وغيرها. وكان أشهر ملوك العموريين، ياجيد ليم، الذي اتخذ ماري عاصمة له، وتنازع مع إيلا كابكابو وشمش حدد، واشتهر ملك ماري «يهدون ليم» بقوته، التي جعلته يعرف كملك حرب وقتال، قاد حملات حربية وحقق مشاريع ري مفيدة. وعندما استولى الاشوريون على ماري، عهد الملك «شمش حدد» إلى ابنه «يسمع حدد» بحكم ماري.
كانت الاضطرابات والفتن المختلفة قد جعلت «زمري ليم» يلجأ إلى قصر «ياريم ليم»، الذي أدرك بذكائه أهمية موقع ماري، عاصمة الفرات الأوسط وطاقات شعبها وإمكاناتهم المختلفة، وفائدة تأكيد الصلات الودية بين مملكتي ماري ويمحاض. كل ذلك يفسر دعمه للأمير «زمري ليم»، بل وزواج هذا الأمير لأسباب سياسية من ابنة ملك يمحاض. واستفاد «زمري ليم» من الظروف الدولية المستجدة في ذلك العصر، ومن ضعف مملكة أشنونا، ووفاة الملك الآشوري «شمش حدد»، وضعف وتردد ابنه «يسمع حدد»، الذي هرب من ماري، مما جعله يستغل الدعم العسكري الكبير، الذي قدمه له ملك يمحاض «ياريم ليم». فاستطاع زمري ليم أن يحرر بلاده ويطرد المحتلين منها، بعدما دام حكمهم فيها نحو 28 عاماً، من عام 1260ق.م حتى عام 1232ق.م، ثم أخذ ينصرف إلى تنظيم مملكته من رواسب الفتن والاضطرابات، فتطلب ذلك منه نحو عام أو عامين وقد زودته الحياة بتجارب وخبرات جديدة مفيدة وهامة في ميادين السياسة والعلاقات الدولية والعمران والاقتصاد والفنون، مما جعله يحقق لبلاده الازدهار الاقتصادي والنهضة الفنية، التي تجلت في فنون العمارة والنحت والتصوير الجداري والحفر والفنون لصناعية وفن الكتابة على الرُقم الطينية.
استطاع بعد خمسة أعوام من حكمه أن يحقق انتصاراً حربياً على مملكة أشنونا، مما يفسر قوله المأثور بأنه (انتزع من بلاده ظفر أشنونا)، التي كانت حليفة ملك الآشوريين «شمش حدد»، كما استطاع «زمري ليم» أن يفرض هيبة الحكم ويأمر الولاة بإرسال تقاريرهم إليه ويحرض على حسن اختيار حكام المناطق في بلاده، مثل تعيينه «ماري لاناسوم» حاكماً على توتولتل البيعة قرب الرقة حالياً. وإن المراسلات المتبادلة بين حمورابي وزمري ليم، توضح الظروف الدولية عصرئذٍ.


استطاع ملك بابل «حمورابي» أخيراً أن يحقق انتصاراً حاسماً على «زمري ليم» ويقضي نهائيا على مملكة ماري وسلالتها الحاكمة،التي استطاع بعض أفرادها الوصول إلى ترقا تل العشارة ومتابعة الحياة فيها.


وفي عهود الآشوريين كانت ماري مدينة صغيرة، تابعة لإمبراطورية الآشوريين يحكمها «شمش رش أوزور»، كما يحكم بلاد سوهو (ترقا). وبعدما قضى الكلدانيون والميديون على إمبراطورية الآشوريين نهائياً عام 609ق.م.


شكل «نابو بولاصر» قيادة في ماري وبلاد سوهو. وفي العصر الهلنيستي، انتقلت شعلة الحضارة في حوض الفرات إلى مدينة دورا اوروبوس قرب قرية صالحية الفرات. وعندما قضى الفراتيون على مدينة «دورا» عام 256م، كانت مدينة ماري قليلة الأهمية قرب تل مدكوك، الذي لفت نظر الرحالة إلى حوض الفرات، وقد نسيت الأجيال مملكة ماري حتى تاريخ اكتشافها عام 1933م.

من تاريخ سوريا (قلعة سمعان)

من تاريخ سوريا (قلعة سمعان)


قلعة سمعان

تقع قلعة سمعان في أقصى النهاية الجنوبية من قسم جبل ليلون. وهي مبنية على نتوء صخري، يبلغ ارتفاعه عن سطح البحر/ 564 / م. وكان القديس سمعان، قد اختار هذا المكان المنعزل، بقصد التقرب إلى الله للعبادة جريا على عادة الرهبنة عند النصارى .( ولد سمعان أو سيمون حوالي عام 368 للميلاد في بلدة (سيس) القريبة من مدينة أضنة الحالية في تركيا. كان في صغره راعيا للماشية، وانضم في ريعان شبابه إلى جماعة من النساك قرب (سيس)، وبقي معهم مدة سنتين، ثم انتقل إلى منطقة دير تلعادة جنوبي جبل شيخ بركات وأمضى هناك عشر سنوات في الصلاة والتقشف، حيث كان يتناول الطعام مرة واحدة في الاسبوع، فطلب منه مغادرة الدير لشدة أذاه على نفسه، فلجأ في عام 412 م إلى بلدة تيلانيسوس (دير سمعان) الحالية وعاش فيها ثلاث سنوات، وصام هناك أربعين يوما دون أن يأكل أو يشرب، إلى أن أصبحت عادة لديه. ثم أرتقى إلى قمة الجبل وربط نفسه هناك بسلسلة حديدية إلى صخرة، وراح الناس يقصدونه من كل حدب وصوب، فبنى لنفسه عمودا ليقيم عليه تلافيا لازدحام الناس وتقربا إلى الله، وظل يعلي العمود بين الحين والآخر إلى أن وصل ارتفاعه إلى /16/ مترا، وأمضى عليه اثنين وارعين عاما لحين وفاته وهو على عموده سنة 459 م ) يصل موقع القلعة في الشمال بامتداد تضاريس سطح الجبل. وتتحدد الجهات الثلاث الأخرى بجروف صخرية عالية، خاصة من الناحية الغربية، حيث يزيد ارتفاعه هنا عن مائة متر. فالقلعة تنتصب على نتوء صخري يطل من جهة الغرب على سهل جومه ( عفرين ) الفسيح، الذي يخترقه نهر عفرين من وسطه، كأفعى فضية عملاقة، ويؤطر هذا المشهد الخلاب في أقصى الغرب جبل الآمانوس لتشكل لوحة طبيعية رائعة، خاصة وقت الغروب. فللغروب في القلعة سر خاص، وجمال لايوصف. وعلى حد قول الأب ( قوشاقجي )، فان هذا الجمال الطبيعي الأخاذ، كان يؤجج نار الإيمان في قلب مار سمعان مع كل إطلالة لشمس أو غروبها وهو من فوق عموده متأملا هذه الطبيعة المدهشة من حوله.

- تاريخ بناء ( القلعة ) الكنيسة:

تعتبر كنيسة مار سمعان من اكبر كنائس العالم، وأفخمها إلى يومنا هذا. فقد اتخذ البناءون من عمود (مار سمعان) مركزا لبنائها الذي أخذ شكل صليب، ذراعه الشرقي أطول قليلا من الأذرع الثلاثة الأخرى المتساوية. وتبلغ مساحة الكنيسة / 5000 / مترا مربعا. وبدئ العمل ببنائها عام / 476 / م، وتم الانتهاء منها سنة / 490 / م. ثم أضيفت ملحقات الكنيسة بعد ذلك لسنوات، وهي: (الدير الكبير، وبيت المعمودية، والمقبرة، وبعض دور السكن لطلاب العلم، وفنادق للضيوف)، حتى بلغت مساحة البناء الإجمالية / 12000 / مترا مربعا.
في عامي / 536 و 528 / م، وقعت زلازل شديدة في المنطقة، فألحقت ضررا كبيرا بالكنيسة، وربما سقط سقفها الخشبي وقتئذ.

وبعد خضوع المنطقة للمسلمين، بقيت الكنيسة بيد أصحابها المسيحيين مقابل دفع الجزية، واستمر الأمر على ذلك إلى أن ضعفت الدولة الإسلامية، فسيطر عليها البيزنطيون مجددا في أواسط القرن العاشر الميلادي، حينما انتصر (نقفور) البيزنطي على الحمدانيين في حلب عام 970 م، فبنى حولها سورا قويا مدعما بـ / 27 / برجا. وتحولت الكنيسة وملحقاتها من مركز ديني مرموق، إلى قلعة عسكرية حصينة، في منطقة حدودية بين البيزنطيين والمسلمين، وعرفت من يومها بقلعة سمعان.

ثم توالت أحوال الكنيسة بتغيرات على النحو التالي:

ففي عام 985 م، استولى عليها سعد الدولة بن سيف الدولة فترة وجيزة، وقتل رهبانها، وباع بعضهم عبيداً ( حجار ص 43 ). كما سيطر عليها الفاطميون عام 1017م. وفي القرنين الحادي عشر والثاني عشر، تحولت المنطقة إلى دائرة صراع بين القوى المختلفة المتنازعة في السيطرة على مناطق حلب، وانطاكية، من البيزنطيين والصليبيين والزنكيين ثم الأيوبيين، ومن بعدهم المماليك والعثمانيين. وفي غمرة هذه الأحداث العسكرية والفوضى العامة، تراجعت الأهمية الحربية للقلعة، وهجرت تدريجيا، إلى أن جاء القرن السادس عشر، فاستوطنها أحد سكان جبل ليلون، وأضاف في الضلع الشرقي من الكنيسة طابقين (د.شعث ، ص 25 ). وظلت هكذا إلى قامت الجهات المختصة في سوريا بالاعتناء بها كمعلمة أثرية تاريخية.

وتبعد القلعة عن مدينة عفرين نحو/ 20 / كم. وعن حلب حوالي/ 40 / كم. ويؤمها سنويا عشرات الآلاف من الزوار، وآلاف السياح من مختلف الدول، والأوربية منها خاصة.

قرية دير سمعان:

بعدما توفي مار سمعان ( الذي ذاع صيته سائر البلدان )، اكتسبت المنطقة شهرة ومكانة مرموقة ومقدسة بفضله. فتحولت هذه القرية المجاورة إلى مدينة للرهبان، وبني فيها ثلاثة أديرة، لكل منها كنيستها والملحقات الأخرى للدير، إضافة إلى فنادق لاستقبال الحجاج وكبار الضيوف الوافدين إليها حتى القرن الحادي عشر الميلادي . والدير الوحيد الذي بقي سالما نوعا ما إلى يومنا هذا، هو الدير الصغير الموجود في الجهة الجنوبية للقرية، وشيد بناؤه عام / 550 / م تخليدا لذكرى مار سمعان.



كانت تيلانيسوس ( دير سمعان) في العصر البيزنطي مركزا معروفا للعلوم الدينية المسيحية من جهة ومنتجعا للأغنياء من أهل إنطاكية. كما كانت ملجأ للمتهربين من دفع الضرائب، وتأدية الخدمة العسكرية في الفترة البيزنطية. فانتعشت المدينة كثيرا في القرن الخامس وبداية السادس الميلادي، بسبب وقوعها على طريق أفاميا وسيروس، مما دعى إلى إنشاء الكثير من الفنادق والمضافات لكبار الزوار فيها.

ومدينة تيلانيسوس أو قرية ( دير سمعان ) الحالية لاتبعد سوى / 500 / م عن القلعة، الأمر الذي لا يدع مجالا للشك بأنها شهدت نفس الأحداث والمراحل التي حلت بالقلعة، حتى آل مصيرها إلى الخراب هي الأخرى في فترة إهمال القلعة خلال القرنين/ 11 و12 / الميلاديين

من تاريخ سوريا (قلعة المرقب)

من تاريخ سوريا (قلعة المرقب)



قلعة المرقب

تقع قلعة المرقب قرب مدينة بانياس الساحلية في محافظة طرطوس، وتتوضع على هضبة صخرية بركانية ترتفع 360 متراً عن سطح البحر، مما يعطيها موقعاً منيعاً جعلها تتحكم بالساحل السوري على البحر الأبيض المتوسط لفترة طويلة من الزمن. بناها العرب المسلمون ثم استولى عليها البيزنطيون قبل أن يتناوب عليها العرب والفرنجة في مراحل تاريخية عديدة. ولا تزال آثارها المهيبة شاهداً على الأدوار التاريخية العظيمة التي لعبتها.


الموقع الجغرافي:

تقع قلعة المرقب في محافظة طرطوس ، تتوضع القلعة في مدينة بانياس الساحلية التي تبعد 55 كم جنوبي اللاذقية، وهي مرفأ فينيقي قديم، كانت تعرف أيام اليونان باسم (بلانيا) وكانت تشتهر ببساتينها ورياضها الكثيرة وبتصدير الخشب. يظهر جمال هذه المدينة من خلال حدائقها والتلال الخضراء العالية التي تبدو وراء المدينة والتي تعلو إحدى قممها قلعة المرقب المهيبة الضخمة بأحجارها البازلتية السوداء.

تتوضع القلعة على هضبة صخرية بركانية ترتفع 360م عن سطح البحر مطلة على البحر الأبيض المتوسط، وتتميز بموقعها المنيع وتحكمها بالطريق الساحلي القديم أنطاكية- طرابلس والطرق الداخلية القديمة المؤدية إلى القدموس ومصياف.

يحد القلعة من الشرق سلسلة من الجبال الداخلية والوديان العميقة أما في الجهة الجنوبية الغربية فتتوالى الارتفاعات والمنخفضات إلى أن تزول تماماً قرب سطح البحر.


لمحة تاريخية:

عرفت قلعة المرقب من قبل اللاتين باسم مارغت ( margat ) وعند البيزنطيين مارغاتوم (margathum) ومارغانت ( margant ) وأطلق عليها العرب اسم قلعة المرقب حيث يقول ياقوت الحموي في معجم البلدان : «المَرقَب بالفتح ثم السكون ثم بالقاف المفتوحة هو اسم الموقع الذي يرقب منه».

أول من بناها هم العرب المسلمون عام 1062م أثناء استيطانهم في المنطقة الذي دام حتى عام 1104م. حيث استولى عليها البيزنطيون بعد ذلك بقيادة جون كانتازيسنوس خلال صراعه للحصول على مدينة اللاذقية، ثم استولى عليها العرب مرة أخرى وقاموا بترميمها مابين عامي 1116-1118م وبعد مفاوضات تم التنازل عن القلعة من قبل حاكم المرقب ابن محرز إلى أمير أنطاكية روجر مقابل مقاطعة أخرى، ثم تنازل عنها الأخير مقابل فدية إلى عائلة منصور.

في الأعوام 1157-1170- 1186م تعرضت القلعة للزلازل واستهلك ترميمها مبالغ كبيرة أنفقت من قبل عائلة منصور. ثم تنازلت عائلة منصور عن القلعة إلى الإسبتارية مقابل مبلغ من المال وبذلك انتقلت ملكيتها إلى برنارد مارغت.

في عام 1188 مر صلاح الدين الأيوبي من المرقب آتياً من شمال سورية ولكنه لم يهاجمها، ثم سير الملك الظاهر غازي سلطان مدينة حلب عام 601 هـ (1204-1205) حملة إلى المرقب خربت أبراج السور ولكنها انسحبت لمقتل قائد الحملة بعد أن قاربت من الاستيلاء على القلعة. وفي عام 1269-1271 قام العرب بمهاجمة القلعة مرة أخرى.

ومع سقوط قلعة الحصن المجاورة عام 1275 أجبر فرسان المرقب على التنازل عن جزء من أراضيهم مقابل عدم التعرض للقلعة إلى أن حاصرها السلطان قلاوون عام 1285م وحفر نفقاً تحت الواجهة الجنوبية ثم قصفها بالمنجنيق حتى انهار البرج الخارجي الجنوبي المعروف ببرج الأمل فاستسلم الإسبتارية مقابل ضمان حياتهم وقد سمح لهم بالخروج بكامل أمتعتهم وسلاحهم وألفي قطعة ذهبية في موكب مهيب.

احتفظت القلعة بنفوذها في القرنين 14-15 حيث استخدمت كسجن وفي الفترة العثمانية تم إجراء تغييرات في القلعة لتلائم وجود الحامية العسكرية التركية والتي سكنت القلعة فترة من الزمن.



الوصف المعماري:
إن مسقط القلعة الضخم عبارة عن مثلث ضيق مساحته حوالي 60000 م2 تتجه زاويته الحادة نحو الجنوب، ويندمج حرفه مع الصخور المشكلة لجبل الأنصارية، تبدو نقطة ضعف الموقع في الجهة الجنوبية التي كانت السبب في زيادة التحصين عند هذه الزاوية الدائرية لصد الهجمات المتوقعة من ذلك الاتجاه. تتألف القلعة من سور مزدوج أحدهما خارجي والآخر داخلي لزيادة تحصين القلعة ومناعتها، كما تقسم القلعة إلى قسمين، القلعة الخارجية التي تشمل الأبنية السكنية والقلعة الداخلية التي تضمن مجموعة الأبنية الدفاعية المحصنة بأبراج دائرية ومستطيلة يعلوها البرج الرئيسي، والتي تسيطر على مساحة واسعة تمتد إلى كل الجهات وقد زودت بمرامي السهام والحجارة بشكل تنعدم فيه النقاط الميتة تماماً؛ ويحيط بالسور الخارجي من الجهة الشرقية خندق عميق محفور في الطبقة الصخرية.

أما الحصن الداخلي فهو عبارة عن قلعة صغيرة مستطيلة الشكل تقريباً لها حلقتان من الأسوار تقع على الذروة الجنوبية للقلعة ويفصلها عن القلعة الخارجية قناة مائية عريضة في الجهة الشمالية من الحصن الداخلي ويشكل السور الخارجي خطوطاً دفاعية للحصن الداخلي.

يتم الدخول إلى القلعة عبر برج البوابة الرئيسي والذي يمكن الوصول من خلاله إلى الحصن الداخلي و إلى القلعة الخارجية مشكلاً صلة وصل بين السورين الداخلي والخارجي. أما قاعات القلعة فموزعة في أبراجها ومزودة بكوات ومرامي السهام كما تتناوب الأبراج الدائرية والمستطيلة على الواجهات الخارجية، ومن منشآت القلعة:
· مسجدها الذي بني بعد استرجاعها من الفرنج.

· كما يوجد العديد من (الاصطبلات) و(المخازن) والمستودعات المنفصلة.

· برج الفرسان الذي استخدم كبرج مدخل ثانوي إضافة لبرج المدخل الرئيسي ويمكن منه الوصول مباشرة إلى التحصينات الواقعة في الجهة الجنوبية.

· أما المجمع العثماني الداخلي فهو عبارة عن مجموعة من الغرف المبنية على عدة مستويات وعلى عدة مراحل.



· الكنيسة وهي أكثر الأبنية ارتفاعاً بين الأبنية المحيطة بالساحة الرئيسية وهو بناء موجه باتجاه شرق – غرب وبشكل طولاني كما هي معظم الكنائس تبلغ أبعاد الكنيسة ( 7.64م × 19م) ومخططها شبيه بمخطط كنائس جنوب فرنسا في القرن الحادي عشر، ويمكن أن نعيد بناء الكنيسة للربع الأخير من القرن الثاني عشر أي بعد بداية استيلاء الإسبتارية على القلعة.

· البرج الرئيسي وهو أهم بناء في القلعة، ويعد نموذجاً مثالياً للأبراج الدائرية التي أقيمت في القرن الثالث عشر حيث يبلغ قطره 21م تقريباً وهو مكون من طابقين مع متراس دفاعي يتوج الطابق الأول، زود بمرامي السهام التي وزعت على محيط البرج بحيث لا تترك حول البرج أي نقطة لا يمكن الدفاع عنها. إن الفخامة التي يتمتع بها هذا البرج من حيث الارتفاع والقطر وسماكة الجدران المجهزة، تؤكد أن هذا البناء كان على الأغلب مخصصاً لقائد حامية القلعة.

· القلعة الخارجية: يظهر فيها عدد من أبراج السور الخارجي ومراميه.

· برج قلاوون الشمالي: برج دائري بقطر 25م تقريباً يتكون من نواة أساسية مشكلة من برج نصف دائري وقد تم تصفيح هذا البرج بحجارة بازلتية كبيرة الحجم ومنحوتة بطريقة متقنة.

· برج المراقبة أو برج الصبي:هو جزء مهم من دفاعات قلعة المرقب، يقع جنوب غرب بانياس على يمين أوتستراد طرطوس-اللاذقية، يعود بناؤه إلى الفترة الصليبية ، مبني بحجارة بازلتية، مربع الشكل، ومؤلف من طابقين، يبدو أن هذا البرج أقيم لهدفين مراقبة الساحل وكمركز للدفاع عن القلعة. في جدرانه مرام للسهام عثر في أحدها أثناء الترميمات عام 2001م على لوحة من الفرسك تمثل سمكة بنية اللون ضمن حوض ماء أزرق اللون.


ذكرها (كرنيلوس فانديك)[1] قائلاً: «...وإلى الجهة الشمالية الشرقية من طرطوس، وعلى مسافة نحو ستة ساعات تقع قلعة المرقب. وهي على رأس جبل يرتفع نحو ألف قدم عن سوية البحر. وفيها الكثير من الآبار والمخازن....».
ووصفها (راي)[2] بقوله: «المرقب أشبه بمدينة فريدة من نوعها، تقع على صخرة كبيرة مشرفة على كل من حولها يمكن الوصول إليها في حالة النجدة ولا يمكن الوصول إليها في حالة القتال، النسر والصقر وحدهما يمكنهما التحليق فوق أسوارها».

من تاريخ سورية (محمد علي العابد)

من تاريخ سورية (محمد علي العابد)


هو محمد علي بن أحمد عزت بن محيي الدين أبو الهول ابن عمر بن عبد القادر العابد، ولد في دمشق عام 1867. والده أحمد عزت العابد، ولد في دمشق وتلقى علومه فيها ثم تابع في بيروت، وأتقن الفرنسية والتركية بالإضافة إلى لغته العربية. عُين مفتشاً للعدلية في سورية واعتبر واحداً من أشهر سياسي عهد انهيار السلطة العثمانية عدّ في بدء أمره من أنصار الإصلاح، وأصدر جريدة أسبوعية بالعربية والتركية أسماها (دمشق). ثم سافر إلى الأستانة وخدم السلطان عبد الحميد الثاني فأصبح مستشاره الأقرب خصوصاً فيما يتعلق بسياسة السلطان الأوروبية، حيث أعانه عزت العابد على انتهاج سياسة تحول دون اتفاق الدول الأوروبية على البلاد. كثرت فيه أقوال الناس بين معجب بدهائه وبين ناقد يتهمه بالاشتراك في استبداد الحكومة العثمانية. من أهم ما هو معروف عن عزت العابد مسعاه الدؤوب لإنشاء سكة الحديد الحجازية، غادر البلاد العثمانية بعد انقلاب 1908، فذهب إلى لندن ثم أخذ يتنقل بين إنكلترا وسويسرا وفرنسا إلى أن استقر في مصر وتوفي فيها عام 1924 فنقل جثمانه إلى دمشق.

نشأ محمد العابد في دمشق، وتعلم القراءة والكتابة في معاهدها الابتدائية ثم انتقل إلى المدرسة الإعدادية في بيروت، وبعد أن نال شهادتها انتقل إلى الأستانة لاحقاً بأسرته، فدخل مدرسة غلطة سراي، ثم أُرسل إلى باريس فدخل كلية الحقوق ونال شهادتها. عاد إلى الأستانة فعُين في قلم المستشار القضائي لوزارة الخارجية. ثم درس أصول الفقه الإسلامي بعدما درس الفقه الروماني والتشريع الأوروبي، وظل يتدرج في مناصب وزارة الخارجية بفضل نفوذ والده وقربه من السلطان حتى عُين سنة 1908 وزيراً مفوضاً للدولة العثمانية في واشنطن، فقصدها مع زوجته وأولاده.

لم تطل إقامة محمد علي العابد في واشنطن، بل اضطر أن يغادرها على أثر إعلان الدستور العثماني يوم 23 تموز عام 1908، وفرار والده من الأستانة بباخرة خاصة خوف فتك الشعب به، وشعر محمد علي وهو في واشنطن بما شعر به والده من الخوف من الأستانة فغادرها سراً، ومنها قصد كاليفورنيا وركب البحر متخفياً وانضم إلى والده وظلا يتنقلان مع أسرتيهما بين سويسرا وفرنسا وإنكلترا ومصر حتى وضعت الحرب العالمية أوزارها، فقدما مصر وفيها توفي والده.

انتقل محمد علي إلى دمشق في صيف 1920 بعدما تم للفرنسيين الاستيلاء عليها، ولما أنشأ الجنرال غورو الاتحاد السوري سنة 1922 عينه وزير مالية له، فظل في هذا المنصب نحو سنة ثم غادره لإلغائه.



أجاد العابد عدا لغته العربية اللغتين التركية والفرنسية إجادة تامة، وهو محيط بتاريخ الأدب الفرنسي وبالعلوم الاقتصادية فلا يكاد يفوته الإطلاع على شيء، يكتب في جميع هذه العلوم تقريباً. وكذلك فهو يفهم الإنجليزية والفارسية ويستطيع التفاهم بهما.

انتخب محمد علي العابد في 30 نيسان 1932 نائباً عن دمشق بصفته أحد مرشحي السلطة الفرنسية وفي يوم 11 حزيران من السنة نفسها انتخب رئيساً للجمهورية السورية وقد تميز عهده بخضوع الدولة للسلطات الفرنسية، حيث كانت الإرادة الشعبية والوطنية مغيبة.

ظل محمد علي العابد رئيساً للجمهورية السورية حتى عام 1936 حيث استقال ثم غادر البلاد إلى باريس، وتوفي في عام 1939 فنقل جثمانه إلى دمشق. وقد استمر في منصبه رئيساً للجمهورية أربع سنوات وست أشهر وعشرة أيام.

من تاريخ سوريا(ادهم خنجر)

من تاريخ سوريا(ادهم خنجر)





المجاهد الشهيد أدهم خنجر مفجر الثورة الأولى في جبل العرب عام 1922

كان أدهم خنجر قد اشترك مع خليل مريود ومحمود البرازي ومحمد ظاهر وشريف ومحمود حسن وشكيب وهاب بالكمين الذي نصب للجنرال غورو ومرافقيه في موقع (كوم الرويسة) على طريق القنيطرة،

<--SS-- language=--SS-- type=text/--SS-->

حيث امطروهم بوابل من الرصاص فقتل الملازم (برانات) وجرح مرافقهم حقي العظم وكتبت النجاة للجنرال غورو والقومندان كاترو وجرى ذلك في اواخر شهر حزيران عام 1921 وعلى اثر هذا الحادث بدأت السلطة الفرنسية حملة واسعة للقبض على الفاعلين، وبعد فترة من الهرب لجأ ادهم خنجر الى القريا قرية سلطان باشا الاطرش ولم يصل بيته حتى ألقي القبض عليه من قبل مدير الناحية وعسكره حيث جردوه من حصانه وسلموه الى القلعة في السويداء.

علم سلطان باشا الاطرش بالامر فأسرع الخطا قاصدا بلدته التي وصلها في اليوم الثاني حيث اعلمه اهل بيته انهم لا علم لهم بأي ضيف او دخيل، في هذه الاثناء وصلته رسالة من ادهم نفسه يعلمه فيها بما حصل معه ويطلب منه الاسراع في إنقاذه لأن حياته مهددة بالقتل.

على الفور قام سلطان باشا بإرسال اخيه علي الى السويداء لمقابلة المستشار الفرنسي ترانكا. وكان رد ترانكا يتضمن كل معاني الاثارة والتحدي حيث قال: (ان الرجل في القلعة ليأت أخوك ويأخذه لقد صار في حوزة الجند الفرنسي، عندكم المحافظة على الضيف وعندي المحافظة على الجاني).

حاول سلطان باشا الاتصال بالمراجع العليا حيث راسل المندوب السامي في بيروت دون ان يستجيب.

كان ادهم خنجر بالنسبة لأحرار السويداء من المجاهدين الذين يقومون بواجبهم الوطني ويؤدون فريضة الجهاد المقدس لطرد الاجنبي ولا يمكن تصنيفه بشكل من الاشكال من زمرة الجناة والمجرمين الذين ينالون عقابهم بالطريقة التي يريدها الفرنسيون.

في اعقاب انسداد طريق الحل السلمي الذي اتبعه سلطان الاطرش لفك اسر ضيفه جمع اهالي قريته وعرض عليهم الموضوع فثارت ثائرتهم وهبوا لإنقاذ ضيفهم بحماسة كبيرة فاتجهوا نحو السويداء مشاة وفرسانا بعد ان ارسلوا (المفزّع) يطلب النجدة من


سلطان باشا الاطرش

قرى الجنوب واتفقوا ان يجتمعوا في قرية رساس غرب السويداء.

وسرعان ما توافدت إلى رساس بيارق قرى المقرن الجنوبي يسير تحتها حوالي ألفي فارس بالاضافة الى فرسان عشيرة السردية بقيادة خلف الكليب.

ووضع سلطان باشا الاطرش مع رفاقه خطة تقضي بتطويق السويداء ومنع الدخول اليها والخروج منها إلا بالحالات التي تستوجب التساهل لمصالح الناس.

كان بيت نجم عز الدين مقرا للقيادة، وكلف مصطفى الاطرش وخيالته بمراقبة طريق السويداء– الثعلة.

وفي 21 تموز عام 1922 سمع الحشد طلقات البنادق والرشاشات فأسرع سلطان الاطرش ورفاقه الى مكان الحادث في تل الحديد قرب قرية كناكر حيث وجدوا المعركة دائرة بين مصطفى الاطرش وخيالته، وثلاث مصفحات قدمت من درعا لنقل ادهم خنجر الى دمشق فاستولوا على مصفحتين بعد وصول سلطان الاطرش ورفاقه بقليل وهربت الثالثة وقد قتل ثلاثة جنود فرنسيين وضابط يدعى بوكسان واسر اربعة جنود ولم يقتل احد من الثوار بل جرح مصطفى الاطرش بجرح بليغ اثناء عملية الانقضاض على المصفحتين وبعد فترة من انتهاء المعركة وصل وفد كبير يضم أغلبية اعضاء البرلمان بينهم نسيب الاطرش والامير سليم الاطرش حاكم الجبل المدني.

وبعد نقاش حاد كاد يتطور الى اصطدام عنيف اتفق الجانبان على ما يلي:

ان يفك الحصار عن السويداء وتعود القوات الى قراها وتسليم الجنود الاسرى الاربعة على ان يتعهد الوفد بتسليم ادهم خنجر لسلطان الاطرش ورده سالما في اقرب وقت.

كان الخطأ الذي ارتكبه سلطان باشا الاطرش كما قال أنه فرط بالاسرى الاربعة دون ان يضمن عودة ادهم خنجر الذي لم يعد، فقد غدرت به فرنسا مرة اخرى وقتلت أدهم خنجر، وتعلم القائد سلطان الاطرش ان الاعداء لا يمكن الوثوق بهم مهما فعلوا، وبقي هذا الحادث ماثلا في رأسه زمنا طويلا حتى قيام الثورة الكبرى عام 1925.

من تاريخ سوريا (سليمان الحلبي)

من تاريخ سوريا (سليمان الحلبي)



من هو سليمان الحلبي ؟
من المعتقد أن سليمان الحلبى ولد عام1777 م حيث أنه لم يعرف سنة ميلاده فى التحقيقات التى أجراها الجيش الفرنسى له فى اليوميات الذى سجلها المؤرخ المسلم الجبرتى وستجد نص التحقيقات التى نشرها الجيش الفرنسى فى مصر موجوده فى هذا الموقع في قرية " كـُوكـَانْ فوقاني " والتي عرفت فيما بعد بأسم " الجَزْرُونِيَّة " ( وهي قرية تابعة لمنطقة عفرين في من أبٍ كان يعمل بالتجارة فى السمن والزيوت هو : محمد أمين من عائلة أُوْسْ قـُوبَار ( Ous Qopar ) من عائلة قباد ( عثمان آغا ) .
فتعلم مهنة الكتابة وساعد أبيه وكان بيع السمن وزيت الزيتون مع ابيه إلى أنْ بلغ العشرين من عمره , ثم أرسله أبوه عام 1797 بَرّاً إلى القاهرة ليتـلقي العلـوم الإسلامية في جامعة الأزهر واستقرَّ في " رُوَاق الشُّوَام " المخصص لتعليم الطلبة القادمين من الشام فى الأزهر العلوم الدينية .

سبب أغتيال سليمان الحلبى لكليبر هو وعد الأتراك له برفع الضرائب عن ابيه

غرامة ضرائبية على الزمن أستغلها الأتراك العثمانيين فى دفعه إلى إغتيال كليبر
--* وظل سليمان الحلبي غياب ثلاث سنوات فى مصر وبعد أن أصبح مقرءاً توجه إلى مكة فترة من الوقت مسقط رأسه ( قرية كوكان /عفرين ) وهناك فوجئ بفقر أبيه نتيجة لأنه مطالب بدفع غرامة ضرائبيه كبيرة إلى إبراهيم بيك والى حلب فلم يستطع العيش هناك وفكر فى الرجوع إلى القاهرة

،تابع سليمان الحلبي مسيره حتى وصل إلى القدس ، وصلى في المسجد الأقصى في مارس (آذار) عام 1800 ليلتقي في القدس ( بأحمد آغا) وهو من انكشارية (إبراهيم بك ) ، فيخبره (الآغا) بأن والي حلب العثماني فرض غرامة كبيرة على والده محمد أمين / تاجر السمن والزيت/ ، ووعده بالسعي لرفع الغرامة عن أبيه ، وطلب منه التوجه إلى مصر وكلفـه بمهمة اغتيال خليفة بونابرت الجنرال كليبر ووعده برفع الضرائب عن أبيه
بعد عشرين يوماً من إقامته في الخليل ، سار في أبريل (نيسان) 1800 إلى غزة لينزل ضيفا عند " ياسين آغا " أحد إنكشارية إبراهيم بك " في الجامع الكبير ، وأنتظر هناك حتى يقابل ياسين أغا , سَلَّمَ ياسين آغا 40 قرشا إلى سليمان الحلبي وهو مبلغ كبير جداً فى ذلك الوقت ووعده أنه سيكون من الوجاقات .. لتغطية نفقات سفره برفقة قافلة الجمال التي تحمل الصابون والتبغ إلى مصر ، وليشتري سـكينة من محلةٍ في بلدة غزة ( وهي السكينة التي قتل بها سليمان ، الجنرال كليبر ) .
استغرقت رحلة القافلة من غزة إلى القاهرة ستة أيام ، وذهب سليمان ثانية إلى الأزهر الشوام المقيمين في ( رواق الشوام ) ولأجل أن يوافق الشيوخ الأربعة المسؤولين عن رواق الشام ببياته فى الجامع اخبرهم بخطته ، وكان منهم أربعة مقرئي القرآن من غزة أبناء غزة ، هم : محمد و عبد الله و سعيد عبد القادر الغزي ، وأحمد الوالي . وأعلمهم سليمان عزمه على قتل الجنرال كليبر .
في صباح يوم 15 يونيو 1800 .. كتب سليمان الحلبي عدداً من الابتهالات الضارعة إلى ربه كما تعود المسلمين أن يفعلوا قبل الشروع فى القتل أو أثناء عملية القتل .. على عدد من الأوراق .. وثبتها في المكان المخصص لمثلها في الجامع الأزهر .. ثم توجه إلى الجيزة وراقب كليبر وذهب وراءه إلى بركة الأزبكية حيث كان كليبر يبنى بيتاً له على بركة الأزبكية ؛ وكان يقيم الجنرال كليبر في قصر ( محمد بك الألفي ) الذى كان قد تهدم نتيجة لأستيلاء العثمانيين على القاهرة وكان يمشى معه مهندس الحملة ، وهو البيت الذي سكن فيه نابليون بونابرت .
--* فرغ كليبر من تناول الغداء في قصر مجاور لسكنه ( ساري عسكر داماس ) ومعه كبير المهندسين الفرنسيين قسطنطين بروتاين .. وكان سليمان قد دخل حديقة القصر ، وتمكن من طعن الجنرال كليبر بسكينته أربع طعنات قاتلة في الكبد والسُرَّة ، وفي ذراعه اليمنى وخده الأيمن , وعندما صرخ المهندس فقام سليمان بطعن كبير المهندسين قسطنطين بروتاين ست طعنات في أماكن مختلفة من جسمه ولكنه لم يمت مباشرة ..
ألقيَ القبض عليه في الحديقة التى بجانب بيت كليبر من قبل الفرنسيين : العسكري الخيَّال الطبجي جوزيف برين ، والعسكري الخيال الطبجي روبيرت وراء حائط مهدم ، ووجدا سكينته من سكينته فى نفس المكان .
--* أجريت محاكمة البطل سليمان .. .. ونفى صلته بالشيخ الشرقاوي ،
لكنه ألمح في مجريات التحقيق إلى أنه بات 34 يوماً قبل إقدامه على تنفيذ ( مهمة القتل ) مع المقرئين الأربعة من أبناء غزة .. وأنه أسَرَّ إليهم بعزمه على قتل الجنرال كليبر ..
· - أدانت المحكمة على الفلسطينيين الأربعة بالتستر على الجريمة قبل وقوعها وحكمت المحكمة بما يلي :
· ـ حُكِمَ علىسليمان الحلبي بالإعدام بالخازوق حتى الموت .
· ـ وعلى أحمد الوالي و محمد وعبد اللّه الغزي إعداماً بقطع رؤوسهم أمام سليمان الحلبي .. قبل إعدامه بالخازوق . ( بإستثناء سعيد عبد القادر الغزي الذي فرّ هارباً ) .

الجنرال المسلم عبدالله مينو يحكم على سليمان الحلبى بالإعدام حرقاً وعلى خازوق كما نص القرآن

وكان الجنرال المسلم عبدالله جاك مينو الذي كان من قبل ( صاري عسكر مدينة رشيد ) . وأطلق عليه المسلمين أسم عبد اللّه مينو عندما أعتنق الإسلام ، وتزوج من سيدة مطلقة تدعى : زبيدة بنت محمد البواب .. وقد انجب منها ، ورحلت معه إلى فرنسا بعد نجاح الخلافة العثمانية بالتحالف مع بريطانيا في إقناع الفرنسيين على الانسحاب من مصر ومعه كل رجاله .. لينضم إلى مسيرة نابليون بونابرت فى حروبه فى أوربا ..
وفي الساعة 11.30 من يوم 28/6/1800 .. نفذ حكم الجنرال المسلم عبدالله مينو الإعدام بالفلسطينيين الثلاثة أمام سليمان ، وتمَّ حرق أجسادهم حتى التفحم . ثم غُرِزَ وتد الخازوق في مؤخرة سليمان الحلبي فوق تل حصن المجمع " تل العقـارب " . وبقي جثمانه على الخازوق عدة أيام .. تنهشـُهُ الطيور الجوارح ، والوحوش الضواري وقد طبق الجنرال المسلم عبدالله مينو حكم الإعدام السابق على سليمان الحلبى طبقاً للشريعة أفسلامية والقرآن الذى آمن به عندما نطق بالشهادتين ..
يقول الجبرتي : " وكان ذلك عقب دفن الجنرال كليبر في موضع قريب من ( قصر العيني ) بالقاهرة .. باحتفال رسمي ضخم .. ثم وضع جثمانه في تابوتٍ من الرصاص ملفوفٍ بالعلم الفرنسي ، وفوق العلم سكين سليمان الحلبي المشتراة من غزة ." .
خلفه .
حمل الجنرال عبد اللّه جاك مينو معه إلى باريس ، عظام الجنرال كليبر في صندوق ، وعظام سليمان الحلبي في صندوق آخر .
وعند إنشاء متحف ( انفاليد ـ الشهداء ) بالقرب من ( متحف اللوفر ) في باريس خصص في إحدى قاعات المتحف إثنان من الرفوف : رف أعلى .. وضعت عليه جمجمة الجنرال كليبر ، وإلى جانبها لوحة صغيرة مكتوب عليها : جمجمة البطل الجنرال كليبر . ورف أدنى تحته .. وضعت عليه جمجمة سليمان الحلبي ، وإلى جانبها لوحة صغيرة مكتوب عليها : جمجمة المجرم سليمان الحلبي . والجمجمتان لا تزالان معروضتين في المتحف المذكور ( انفاليد ) حتى اليوم ..

الحلبي، سليمان (1777-1800): طالب سوري شارك في الثورة المصرية ضد الفرنسيين أيام حملة نابليون واستشهد فيها. ولد في قرية عفرين شمال غرب حلب. سافر إلى القاهرة للدراسة في الأزهر عام 1797، وكان هناك حينما غزت البلاد الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت وشارك في أعمال المقاومة للاحتلال الفرنسي. في 14 حزيران (يونيو) 1800 تبع الجنرال كليبر، رئيس أركان القوات الفرنسية، وطعنه فأرداه قتيلاً قبل أن يلوذ بالهرب. ألقي القبض عليه بعد يومين وأعدم في القاهرة بطريقة وحشية. نقل الفرنسيون جثته إلى فرنسا، وعرضت جمجمته لطلاب الطب في باريس على أن شكلها يدل على "الإجرام والتطرف". نقلت الجمجمة بعد ذلك إلى "متحف الإنسان" في باريس ولا تزال هناك. كما لا يزال الخنجر الذي طعن به كليبر محفوظاً في مدينة كاركاسو الفرنسية

من تاريخ سوريا (قلعة صلاح الدين)

من تاريخ سوريا (قلعة صلاح الدين)




قلعة صلاح الدين

http://www.discover-syria.com/image/300px/ds_13990.jpg

أحد أبراج قلعة صلاح الدين الأيوبي
في اللاذقية - الحفة

تعتبر قلعة صلاح الدين من أهم قلاع القرن الوسطى في سورية، تقع على بعد 33كم شرقي مدينة اللاذقية، قرب مدينة الحفة.

شغل مكان القلعة الحالية حصن بيزنطي، انهارت أجزاء كثيرة منه، كما انهارت أجزاء من الحصن الذي شيده الفرنجة، وتعود أغلب الآثار المعمارية المتبقية حتى اليوم إلى العهود الاسلامية.

حاصر صلاح الدين القلعة خلال حملته، وحررها من يد الفرنجة عام 1188، ولكنها لم تستمر طويلاً في يد المسلمين، إذ استعادها الفرنجة قبل أن تعود إلى يد المماليك.

تقع القلعة فوق جرف صخري متطاول، ويفصلها عن باقي الهضبة قناة محفورة في الصخر. وقد تم بناء قرية صغيرة خارج القلعة مباشرة على أرض عالية تقع إلى الشمال الشرقي.

مع تحياتي

من تاريخ سوريا (مملكة ايبلا)

من تاريخ سوريا (مملكة ايبلا)



إيبلا.. المملكة السورية المفقودة التي غيرت تاريخ العالم

صحيفة تشرين . الدكتور دارم طباع

لم تكن حادثة اكتشاف مملكة ايبلا أمراً اعتيادياً بالنسبة لعالم الآثار الإيطالي باولو ماتييه الذي قضى أربع سنوات من عمره في سورية يبحث عن تلك المملكة المفقودة في التاريخ والتي لم يتعرف عليها أحد بعد.

في نهاية السنوات الأربع وفي اليوم الذي أبلغت فيه الحكومة الإيطالية العالم ماتييه عن انتهاء فترة عمله في التنقيب في سورية، وبينما كان يحزم امتعته استعداداً للعودة الى ايطاليا بعد فترة طويلة من البحث الممل، وقع رقم فخاري بين يديه أعاد إليه بريقاً من الأمل كاد أن يتلاشى من عينيه، وما أن شرع يخط رسالته الى سفارته معلماً إياها بهذا الحدث العظيم حتى تتالت الاكتشافات وظهرت الألواح والرقم الفخارية بالعشرات ثم بالمئات لتصبح آلافاً فيما بعد كاشفة النقاب عن أضخم الاكتشافات الأثرية التي عرفها تاريخ العالم حتى اليوم وليرتبط اسم ماتييه بسورية على مدى اربعين عاماً متواصلة. ‏

عندما تطالعك تلك المساحات الخضراء الممتدة سهولاً مزروعة على طرفي الطريق بين حماة وحلب، لن يلفت انتباهك أي شيء مميز سوى لافتة صغيرة قرب تل مرديخ كتب عليها (إيبلا) وما إن تتجه شرقاً وسط الطريق المتعرج المؤدي الى قرية صغيرة حتى تبدأ الأرض بالتغير، وتبدو الى ناظريك تلك التلال المرتفعة على شكل جدار مغطى بالرمال، وسط سهول تلك المنطقة.



في هذه البقعة من الأرض حيث تمتد مجموعة من التلال، كانت تختبئ مملكة عظيمة اسمها إيبلا عصيت على العالم حتى استطاع ماتييه عام 1968 أن يجد فيها مع مجموعته التنقيبية تمثالاً للإله عشتار يحمل اسم ملك إيبلا (ابت ليم) هذه المملكة التي عرفت سابقاً في نصوص السومريين والأكاديين وقدماء المصريين كانت أعظم مفاجأة فيها عام 1975 عندما اكتشف 15000 لوح فخاري قادت الى تحديث تقرير التنقيب الذي كان ضئيلاً ومملاً من قبل، ليصبح واعداً بمعلومات مذهلة عن هذه المنطقة الغنية من العالم، وكم كان مؤسفاً للفريق الايطالي أن لايجد في العام 1976 سوى 1600 لوح فخاري فقط عرف من إحداها أن مدينة إيبلا كان يقطنها 260 ألف نسمة. ‏

أما اليوم فقد عرف أن الألواح الفخارية المكتشفة، والتي بلغت 17000 لوح، ليست جميعها من الأرشيف الملكي العام، بل هي عبارة عن سجلات مجموعة ومحفوظة قرب المحكمة المركزية. ‏

وقد حوت هذه الألواح العديد من الأسماء الشخصية، كما أمكن في نص واحد التعرف الى اسماء مواقع جغرافية يفوق عددها 260 موقعاً، ووجد في نصوص أخرى قوائم تدل على الحيوانات والأسماك والطيور والمهن وأسماء الموظفين في تلك المملكة. ‏

كذلك احتوى العديد من الألواح على نصوص تاريخية يمكن ربطها بسجلات أخرى كتلك المتعلقة بمدينة (ماريك) تعود الى زمن (نارام سين 2259--*2223 ق.م) الذي هاجم منطقة إيبلا بقوة، ويبدو أن المدينة قد تم الدفاع عنها من قبل المرتزقة بدلاً من أن يدافع عنها جيشها، وهذا مايفسر سبب تغلب آكاد على إيبلا، كما تدل الألواح على أقدم الأجيال التي عاشت في المدينة والتي تعود الى حوالي 2300 ق.م. ‏

كانت عقائد إيبلا وآلهتها تتوسط مفهوم الإله «أنليل وأنكي» في أكاد مع الإله أيل في كنعان. ‏

وتبدو هذه العقائد متقاربة تتجه نحو التوحيد. فلقد حفلت أسماء شخصيات إيبلا بإضافة اسم «أيل» في آخرها، ما يدل على سعي للتقرب من هذا الإله وتلمس حمايته، ومع ذلك فإن بعض الآلهة كانت مشتركة في المنطقة كلها، مثل الإله دجن.





كما احتوت النصوص الأدبية أيضاً على خلفيات عقائدية ترتبط بمجموعة من الآلهة عرف بعضها في المرحلة المتأخرة من التراث البابلي ومنها (إنكي إله المياه السفلية العذبة وإله الذكاء والخلق ومهارة الصنع--* انليل سيد مجمع الآلهة--* اوتو إله الشمس السومري--* إنانا إلهة الحب والخصب--* إضافة الى تيماموت--* مردوخ--* ونادو وغيرهم) كما أن إله مدينة كيش التي تقع الى الشمال الشرقي من بابل مذكور فيها. ‏

هذه الألواح الفخارية يعالج معظمها جوانب اقتصادية كالتعرفة وأصول الاستلام وغيرها من الأمور التجارية إضافة الى أشياء اخرى كتلك القرابين التي تقدم للآلهة. ‏

لقد أوضحت الوثائق أيضا أن لغة إيبلا كانت واحدة من اللهجات التي يمكن وضعها تحت التسمية العربية، وإن كانت تكتب بالخط المسماري السومري مثل لهجة أكاد، وإن لهجة إيبلا تقف في منتصف الفارق بين لهجتي أكاد وكنعان على الساحل السوري وقد قسمت قوائم المفردات فيها الى لغتين اساسيتين أمكن التنقل بينهما عبر نصوص قواعدية محكمة، حيث حوت بعض النصوص مالا يقل عن 114 مفردة إيبلية --* سومرية وهذه سابقة في الاكتشاف لا مثيل لها في التاريخ، كما احتوى بعض الألواح مفردات تضم تقريباً حوالي 1000 كلمة مترجمة تملك أكثر من 18 مرادفاً. ‏

لقد عرف منذ وقت طويل أن بعض الأوصاف في الألواح الآشورية قد نسخت من البابلية لكنه ثبت الآن ان العلماء من بلاد الرافدين قد نسخوا بعضاً من ألواحها أيضاً من المكتبة السورية. ‏

هذا التنوع المعلوماتي الكبير يدلنا على حضارة عالية التطور تملك أسساً قضائية وتضمن حقوق الأفراد ما يجعل قانون إيبلا يعد الآن من أقدم القوانين المعروفة في التاريخ ولاسيما في مجال العقوبات الخاصة بالحوادث وغيرها من الجرائم، كما تضم العقوبات المرتبطة بالعلاقات الجنسية حيث يحكم على الشاب بالموت إذا اثبتت الفتاة أنها كانت عذراء وتم اغتصابها بالقوة، وإلا فهو مجبر على دفع غرامة يرتبط مقدارها بحيثيات الحالة. ‏

ولعل الرقيم الكبير 24ھ21سم الذي عثر عليه في القصر والذي ينص على معاهدة بين ملك إيبلا وملك آخر يعتقد أنه ملك «أبار سال»، هو أقدم أثر لمعاهدة تكشف عن ذهنية سياسية وحربية متقدمة تفرض شروطاً والتزامات، وتعطي إيبلا حق التصرف بمقدرات السكان والممتلكات في «أبار سال»، تحت ضغط وسلطان إله الشمس وإله الطقس اللذين سيقومان بإنزال أشد العقوبات على سكان «أبار سال» في حال مخالفة شروط المعاهدة. ‏

إن مفهوم المعاهدة والحلف الذي نقرؤه في الألواح الطينية يتمثل بوضوح في النحت الرائع المنقوش بارزاً على حوض يعود الى عام 1800 ق.م، وعليه يبدو مجموعة من الرجال يتصافحون ويتعاهدون على حلف أو معاهدة لاندري مع من تم الاتفاق عليها، وفي الوجه الآخر للحوض تماثيل آلهة لعلها آلهة إيبلا التي مثلت لتحمي هذا التحالف، ولقد عثر على هذا الحوض في معبد إيبلا الواقع في سهل المدينة، وهو محفوظ في متحف حلب. وأصبح من المعروف الآن ان هذه الألواح المكتشفة أكثر بأربع مرات على الأقل من أية مجموعة ألواح عرفت قبلها تعود الى المرحلة ذاتها التي تقع مابين عام (2400--*2250) ق.م وأقرب الشبه يعود الى مااكتشف في مملكة ماري على الرغم من أن الأخيرة متأخرة أكثر من عدة مئات من السنوات بعدها. ‏

يتميز ملك إيبلا باللقب السومري (ان ) ووفقاً لقائمة المفردات المماثلة للكنعانية القديمة فهو يسمى (ملك) كما يطلق لقب (أبو) المشابه للغة العربية وباقي اللغات المحلية السائدة في المنطقة والتي تعني الأب. ‏

كان النظام السياسي في إيبلا قائماً على الأمن والتوسع للسيطرة على التجارة في المنطقة من خلال تحقيق وحدة سياسية. وكان الملك يقف على رأس هذا النظام، وكان للملكة والشيوخ نفوذ مساعد، ويقوم ولي العهد الابن البكر بمهام السفارة أو يقوم بحكم بعض المناطق النائية، أو يتولى الشؤون الداخلية وحفظ النظام. وتذكر وثائق إيبلا أسماء ستة ملوك، وفي الحقبة التي حكم فيها آخرهم، كانت مدينة ماري خاضعة لإيبلا وتدفع لها الجزية التي وصلت الى 2193 ميناً من الفضة و134 ميناً من الذهب، أي حوالي 1052كغ من الفضة و5،64 كغ من الذهب. ‏

أما مايميز آخر ملوك إيبلا أبي سيبش الذي هو حفيد الملك ابراهيم أنه خرق نظام الانتخابات الملكي التي حددت مدة الحكم في مملكة إيبلا بسبع سنوات ومدد فترة حكمه بحجة الأوضاع المتقلقلة التي كانت تمر بها البلاد وقتها حيث حكم إيبلا قبله الملك إيغيش حلم تلاه إركاب دامو فآرإينوم تلاه ابراهيم فإيبيت ليم. ‏

وتظهر عن طريق الأسماء الشخصية روح الآلهة في إيبلا حيث يقال (ميكايا) والتي تعني الذي يشبه (يا) وتقابلها في اللغات القريبة الأخرى (ميكايل) والتي تعني الذي يشبه (يل) كما يقال (إنانيا) والتي تعني أن الإله (يا) له مني الشكر أو (ري إنا أدد) التي تعني أن الإله حدد هو الراعي، وهذا قريب من مفهوم الإله في الديانة المسيحية حيث يقال أن السيد راعينا. ‏

كذلك عرفت بعض المدن من سجلات الألف الأولى والثانية حيث ظهرت الآن ايضاً في ألواح الألف الثالثة قبل الميلاد كمدينة ملكي صادق إضافة الى مدن حاصور، لكش، مجدو، غزة، دور، سينا، عشتاروت، جوبة، دمشق، كما يعتقد أن من الأسماء المهمة التي وردت في هذه الألواح اسم أورو ساليما التي تعني القدس والتي يعد ذكرها هنا أقدم أثر مرجعي لهذه المدينة في التاريخ. ‏

فكما هو واضح ذكرت إيبلا التاريخية بشكل خاص كمركز عسكري سياسي له تأثير تجاري مذكور في النصوص الأكادية 2300 ق.م. و ورد في إيمار التي هي مسكنة اليوم عام 1400 ق.م كما ورد ذكرها في سجلات تحوتمس الثالث ووضعت على جدران معبد الكرنك في مصر وفي نصوص الحثيين التي وجدت في أناضوليا. ‏

هذه المملكة بقيت اسطورة حتى بعد ان ظهرت الى الوجود قرب تل مرديخ بأبعاد تفوق 60 هكتاراً واكتشف فيها آثار أبنية عامة وسور محيط وقصور ومعابد تحمل النمط العمراني لإيبلا، كما توجد فيها صخور بيضاء تعود الى العمارة الشكلية السائدة في التلال القريبة في المنطقة والتي تدل على ترابط هذه المملكة مع مناطق جبال طوروس في الشمال وحدود نهر الفرات الخالد في الشرق وصولاً الى حماة في الجنوب وهذا ما أعطى المملكة اسمها (إيبلا ½ الصخرة البيضاء). ‏

تحتل المدينة السفلى مايقارب 45 هكتاراً وكانت محوطة بسور عال من الطين والحجارة ولها بوابات أربع تصلها بأرباع المدينة العائدة للعصر البرونزي، والتي كان يقدر عدد سكانها بعشرات الآلاف. وواحدة من هذه البوابات لاتزال ترى بخطوطها الحجرية السوداء والبيضاء والتي تعود للعصر البرونزي الأوسط. ‏

يتوسط المكان كله التل أو المعبد المتوج ببقايا القصور والبنى الإدارية المميزة عن غيرها. ‏

وقد زينت أبنية القصر البرونزي الأحواض البازلتية بواجهاتها الجميلة المنحوتة بأشكال مختلفة والتي لها تأثير متنوع مأخوذ من مملكتي كركميش وقبرص، وهناك يوجد المعبد الذي يحوي تمثال عشتار وألواحاً تدل على الملك إيبت ليم، وهذه المنطقة تعود الى العصر البرونزي المبكر (2400--*2300ق.م) كذلك زينت درجات المعبد بالفسيفساء المرصوف على الألواح الخشبية التي يمكن مشاهدتها في منطقة التنقيب. ‏

وكما تدل اكتشافات البعثة الإيطالية من جامعة روما لوسابينا التي يقودها باولو ماتييه فإن إيبلا قد وصلت الى قمة مجدها كعاصمة لأغنى طريق تجاري في المنطقة في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، وأظهرت الألواح المكتشفة في إيبلا والتي كتبت باللغة السامية التي عرفت باسم اللغة الإيبلية تغييراً كبيراً في أكثر ماعرف سابقاً عن البنية المدنية في مدن الألف الثالث قرب التوسع العموري في تلك الفترة حيث كانت إيبلا مملكة مستقلة لها حضورها ودورها المميز في المنطقة ولاسيما بالنسبة للمملكة يمحاض التي عاصمتها حلب. ‏

لقد أظهرت نصوص إيمار وأوغاريت من الألف الرابع والسابع وأرشيف ماري مع ما اكتشف في إيبلا عظمة الصورة الحية للمشهد الدولي المتميز الذي تمتعت به الحضارة السورية المحلية في ذلك الوقت حيث ظهرت ممالك عدة مستقلة فيما بينها إلا أنها كانت تمارس علاقات سياسية وتجارية مع جيرانها في الشمال والشرق والجنوب لم تؤثر إطلاقاً على استقلالها الإداري وتميزها الحضاري الذي بدأ يفهم من جديد في النصف الأخير من القرن العشرين. ‏

لقد بدأ بحث الإيطاليين عن إيبلا كمؤشر لمستعمرات العصور البرونزية الوسطى والقديمة لكن الاكتشافات أظهرت استيطان الانسان فيها بفترات أقدم من ذلك بكثير حيث تعود بعض القرى المكتشفة هناك الى بدايات الألف الرابع قبل الميلاد، تبعها وجود مستوطنات سورية قديمة كتلك التي اكتشفت في خربة كرك. ‏

وفي الألف الثالث دلت الكتابات على ازدهار الصناعة حيث تطور انتاج وتربية الأغنام التي تنتج الصوف وبالتالي صناعة الأنسجة الصوفية التي ميزت أنسجة إيبلا في كل أنحاء العالم حيث ورد ذكرها في مدينة ولاية لاغاش السومرية. ‏

أما أقسام القصر فهي عبارة عن مجمعين ضخمين يضمان جناح الاحتفالات والجناح الإداري وجناح الإقامة إضافة الى الأرشيف الملكي الذي يحيط بقاعدة التل. ‏

وتدل القطع التي تم اكتشافها في أجزاء القصر على العلاقة الوثيقة مع بابل أو النموذج القائم فيها. فالقطع المزينة ولاسيما الشخصية منها قد رصعت بالذهب واللازورد والعقيق والعاج. أما الوجوه المحفورة على الأختام فهي متنوعة بالاشكال البابلية التي تشاهد عليها والتي يعد أروعها تمثال الثور ذي الرأس البشري حيث تمت تغطية الجسم الخشبي بورقة مذهبة ملبسة بنمط آشوري. ‏

كذلك وجدت أحجار كلسية تمثل جنوداً أو كهنة أو حيوانات على النمط السومري أهمها الفهد المنتصب على قوائمه الخلفية. وقد اكتشف بالمصادفة مجموعة من القبور الملكية كقبر ملك الماعز الذي يتضمن صولجاناً فرعونياً مرصعاً بالفضة والذهب والمرمر كتب عليه اسم فرعون مصر من العائلة الثالثة حورمحب الذي حكم بين 1775--*1765 ق.م ووجدت بعض المجوهرات الذهبية التي أخذت النمط السومري والشامي مع منحوتات عاجية ذات نموذج مصري قد تكون هدايا للدولة من مختلف حكام المناطق المحيطة. ‏

كانت إيبلا في بداية عصر السلالات الملكية قد تحملت عمليات حربية توسعية من سلالة «صارغون» الأكادي الذي ادعى أن الإله «دجن» ومقره «توتول» وهو تل البيعة بالقرب من الرقة قد منحه هذه الأرض من ماري إلى إيبلا. ‏

ولعل «صارغون» أو حفيده «نارام سين» كما ادعى هو الذي قضى على إيبلا حوالي 2300ق.م ثم نهضت إيبلا فيما بعد لتقوي علاقاتها مع جيرانها في الشرق.. ولقد اكتشف في عام 1994 بئران تحتويان على كمية من الطاسات والأباريق، وكذلك تماثيل ثعابين وثيران، وعلى أساور وخرزات من معادن وأحجار ثمينة ومشخصات أنثوية فخارية، وبقايا أضاحٍ حيوانية كانت قد ألقيت في البئرين في أزمان مختلفة بين 1900--* 1750ق.م. ‏

ويذكر «نارام سين» في لوح اكتشف في مدينة «أور» أنه في جميع العصور منذ خلق الإنسان، لم يقم ملك من الملوك بتدمير أراضي أرمانوم التي يقصد فيها على مايعتقد حلب وإيبلا. ‏

وعندما فتح الإله «نرجال» الطريق أمام «نارام سين» الشجاع دفع بأرمانوم وإيبلا إلى يديه، ومنحه أيضاً جبال الأمانوس وجبل الأرز والبحر الأعلى المتوسط، هكذا يقول نارام سين الشجاع ملك الجهات الأربع. ‏

وفي عام 1990 تم التنقيب في منطقة سور المدينة الذي يعود إلى العصر السوري القديم. ‏

وكان الهدف تحديد أبعاد القلعة المقترحة، فتم اكتشاف ثلاثة أبنية ضخمة لها علاقة بمدخل المدينة. ‏

ولقد سيطرت إيبلا على ماري ثانية خلال حكم ملوك إيبلا «ايبيريوم» و«أبي سيبيش» و«دبوحوعدا»، وتم آنئذ تنصيب «شورا داموا» الإيبلائي ملكاً على ماري. ‏

وأوضحت قراءة وثائق إيبلا التوازن في القوى بين دولة أكاد ودولة إيبلا، هاتين القوتين العظيمتين ذوات الحضارة العريقة، في أكاد الرافدين وفي إيبلا السورية، التي نعرف مكانها وحجم حضارتها بينما لم نكتشف بعد مكان مدينة أكاد. ‏

لقد توسع نفوذ إيبلا، وليس من السهل تحديد خارطة نفوذها، إذ إن بعض المدن كان يديرها أحد قادة إيبلا ويسمى نفسه ملكاً عليها كما يتم في ماري، وبعض المدن يحكمها ملك من أهلهاولكنها ترتبط بمعاهدة سياسية مع إيبلا كما تم في «أبارسال» وآشور وحماة، وبعض المدن تخضع لنفوذ إيبلا عن طريق دفع الجزية، مثل أكاد وكانيش. ‏

في هذا العصر، سيطرت إيبلا على مدن كبرى كانت تشكل مع ضواحيها ممالك، وهكذا فإن ماري على الفرات كانت حاضرة مستقلة واسعة سجلت بعض أسماء حكامها في قائمة ملوك سومر، وحسب وثائق إيبلا يتضح لنا المركز القوي الذي كانت تتمتع به ماري، وذلك عند الحديث عن الحرب التي شنها «أنا دجن» أحد قادة «إيبلا» على «إيبلول إيل» ملك ماري ونصب نفسه ملكاً عليها بعد أن أحتل «إيمار». ‏

ويبدو مع التتبع التاريخي لطبقات المملكة أنها تمت مهاجمتها من الجيوش الحثية بقيادة مورشيلي الأول أو ماتوسيللي الأول حوالي عام 1600ق.م. ‏

بعد ذلك تتالت عليها فترات مختلفة كالآرامية بين 720--*535ق.م، والفارسية والهلنستية حتى حوالي عام 200 ق.م، ولا توجد فيها آثار رومانية بل وجدت مجموعة مسيحية بيزنطية صغيرة على طرف المعبد يعود تاريخها إلى حوالي القرن السابع بعد الميلاد عندما تلاشت بعدها المملكة وأخبارها. ‏

ومما يدل على عظمة هذه المملكة أنها كانت تضم 250 مدينة يعمل في إدارتها حوالي 6000 موظف وقد كانت مركزاً تجارياً هاماً امتلك أبناؤها قطيعاً من الماشية يقدر بحوالي 200000 رأس (أبقار وأغنام وماعز).. وأهم موادها التجارية الأخشاب التي كانت تأتيها من الجبال المجاورة والأقمشة والمفروشات المرصعة باللآلئ. ‏

منذ عامين وتحديداً في 28 تشرين الأول 2002 زارت السيدة أسماء الأسد عقيلة السيد الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية مملكة إيبلا ودشنت المنتزه التاريخي فيها، وتابعت تطور العمل في هذا المنتزه مع الجامعة الإيطالية لو سابينا والبروفيسور باولو ماتييه إلى أن أصبح في 28 تشرين الأول 2004، أي بعد عامين، جاهزاً لتقوم عقيلة السيد الرئيس بافتتاحه كواحد من أهم المنتزهات التاريخية الزاخرة في العالم. ‏

وتقديراً لهذا الاهتمام الكبير والمتابعة المستمرة والدعم المتواصل الذي يدل على اهتمام سورية بتاريخها وأوابدها الأثرية، فقد منحت جامعة روما لوسابينا السيدة أسماء الأسد الدكتوراة الفخرية لها ليكون هذا التقدير اعترافاً صريحاً بالدور البارز الذي لعبته سورية ولا تزال كمركز للقاء الحضارات وتواصلها عبر التاريخ. ‏