أوراق ذابلة من حضارتنا 8 - سقوط غرناطة
كان بقاء مملكة غرناطة الإسلامية في الأندلس قرنين من الزمان معجزةمن معجزات الإسلام .
فهذه الجزيرة الإسلامية العائمة فوق بحر الصليبية المتلاطم الأمواجوالطافح بالحقد والمكر التاريخيين .. هذه الجزيرة ما كان لها أن تصمد صمودهاالمشهور إلا لأن طبيعة الصمود كامنة في العقيدة والمبادئ الإسلامية . وبدونالعقيدة الإسلامية .. ما كان لهذه الجزيرة أن تصمد وحدها في الأندلس بعد أنسقطت كل المدن والقلاع الإسلامية منذ قرنين من الزمان .
كان قانون " الاستجابة للتحدي " هو الذي أبقى غرناطة حية زاخرةبالفكر الإسلامي والرقي الحضاري هذين القرنين .. وكان شعور الغرناطيين بأنهمأمام عدو محيط بهم من كل جانب ، ينتظر الفرصة لالتهامهم ، وبأنه لا أمل لهم فياستيراد النصر من العالم الإسلامي ، وبأنه لا بد لهم من الاعتماد على أنفسهم ..كان هذا الشعور باعثهم الأكبر على الاستعداد الدائم .؟ ورفع راية الجهادوالتمسك بإسلامهم .
وبهذا نجحت غرناطة في أن تظل إلى سنة 1492م ( 897 هـ) سيدةالأندلس الإسلامي ومنارة العلوم وشعلة الحضارة الإسلامية الباقية في أوربا .
لكن الأعوام القريبة من عام السقوط شهدت تطورا في الحياة الأندلسية.. فعلى المستوى النصراني بدأ " اتحاد " كبير يضم أكبر مملكتين مسيحيتينمناوئتين للإسلام .. وهما مملكتا أرجوان وقشتالة ، وقد اندمج الاثنان في اتحادتوجاه بزواج " إيزابيلا " ملكة قشتالة من " فرناند " ملك أرجوان ..وكان الحلم الذي يراود الزوجين الملكين الكاثوليكيين ليلة زفافهما هو دخول غرناطة.. وقضاء شهر عسلهما في الحمراء ، ورفع الصليب فوق برج الحراسة في غرناطة - أكبر أبراجها - وعلى المستوى الإسلامي .. كان " خلاف " كبير قد دب داخلمملكة غرناطة ولا سيما بين أبناء الأسرة الحاكمة ، وتم تقسيم مملكة غرناطة المحدودةقسمين ، يهدد كل قسم منهما الآخر ويقف له بالمرصاد .. قسم في العاصمة الكبيرة( غرناطة ) يحكمه أبو عبد الله محمد علي أبو الحسن النصري ( آخر ملوك غرناطة) وقسم في ( وادي آش ) وأعمالها يحكمه عمه أبو عبد الله محمد المعروف بالزغل.
وقد بدأ الملكان الكوثوليكيان هجومهما على ( وادي آش ) سنة 894هـ ، ونجحا في الاستيلاء على وادي آش وألمرية وبسطة .. وغيرها ، بحيث أصبحا علىمشارف مدينة غرناطة .
وقد أرسلا إلى السلطان أبي عبد الله النصري يطلبان منه تسليم مدينةالحمراء الزاهرة ، وأن يبقى هو حيا في غرناطة تحت حمايتها .. وكما هي العادة فيالملوك الذين يركبهم التاريخ وهو يدور إحدى دوراته ، كان هذا الملك ضعيفا .. لميحسب حسابا لذلك اليوم .. ولقد عرف أن هذا الطلب إنما يعني الاستسلام بالنسبةلآخر ممالك الإسلام في الأندلس فرفض الطلب ودارت الحرب بين المسلمين والنصارىواستمرت عامين .. يقودها ويشعل الحمية في نفوس المقاتلين فيها فارس إسلامي منهؤلاء الذين يظهرون كلمعة الشمس قبل الغروب " موسى بن أبي الغسان " .
وبفضل هذا الفارس وأمثاله وقفت غرناطة في وجه الملكين الكاثوليكيينعامين وتحملت حصارهما سبعة أشهر ..
لكن مع ذلك .. لم يكن ثمة شك في نهاية الصراع .. فأبو عبدالله الذي لم يحفظ ملكه حفظ الرجال . والانقسام العائلي والخلاف الداخلي فيالمملكة في مقابل اتحاد تام في الجبهة المسيحية .. مضافا إلى ذلك حصاد تاريخطويل من الضياع والقومية الجاهلية والصراع بعيدا عن الإسلام .. عاشته غرناطةوورثته مما ورثته عن الممالك الإسلامية الإسبانية الساقطة .
كل هذه العوامل قد عملت على إطفاء آخر شمعة إسلامية في الأندلس .
وعندما كان أبو عبد الله ( آخر ملوك غرناطة هذا ) يركب سفينتهمقلعا عن غرناطة الإسلامية ، مودعا آخر أرض تنفست في مناخ إسلامي في أوروبا بعدثمانية قرون عاشتها في ظلال الإسلام ...
في هذا الموقف الدرامي العنيف .. بكى أبو عبد الله ملكه "وملك الإسلام المضاع، وتلقى من أمه الكلمات التي حفظها التاريخ ( ابك مثل النساءملكا لم تحفظه حفظ الرجال ) .
والحق أن أمه بكلمتها تلك ، إنما كانت تلطمه وتلطم حكاما في الإسلامكثيرين .. بكوا مثل النساء ملكا لم يحفظوه حفظ الرجال !!! .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
كان بقاء مملكة غرناطة الإسلامية في الأندلس قرنين من الزمان معجزةمن معجزات الإسلام .
فهذه الجزيرة الإسلامية العائمة فوق بحر الصليبية المتلاطم الأمواجوالطافح بالحقد والمكر التاريخيين .. هذه الجزيرة ما كان لها أن تصمد صمودهاالمشهور إلا لأن طبيعة الصمود كامنة في العقيدة والمبادئ الإسلامية . وبدونالعقيدة الإسلامية .. ما كان لهذه الجزيرة أن تصمد وحدها في الأندلس بعد أنسقطت كل المدن والقلاع الإسلامية منذ قرنين من الزمان .
كان قانون " الاستجابة للتحدي " هو الذي أبقى غرناطة حية زاخرةبالفكر الإسلامي والرقي الحضاري هذين القرنين .. وكان شعور الغرناطيين بأنهمأمام عدو محيط بهم من كل جانب ، ينتظر الفرصة لالتهامهم ، وبأنه لا أمل لهم فياستيراد النصر من العالم الإسلامي ، وبأنه لا بد لهم من الاعتماد على أنفسهم ..كان هذا الشعور باعثهم الأكبر على الاستعداد الدائم .؟ ورفع راية الجهادوالتمسك بإسلامهم .
وبهذا نجحت غرناطة في أن تظل إلى سنة 1492م ( 897 هـ) سيدةالأندلس الإسلامي ومنارة العلوم وشعلة الحضارة الإسلامية الباقية في أوربا .
لكن الأعوام القريبة من عام السقوط شهدت تطورا في الحياة الأندلسية.. فعلى المستوى النصراني بدأ " اتحاد " كبير يضم أكبر مملكتين مسيحيتينمناوئتين للإسلام .. وهما مملكتا أرجوان وقشتالة ، وقد اندمج الاثنان في اتحادتوجاه بزواج " إيزابيلا " ملكة قشتالة من " فرناند " ملك أرجوان ..وكان الحلم الذي يراود الزوجين الملكين الكاثوليكيين ليلة زفافهما هو دخول غرناطة.. وقضاء شهر عسلهما في الحمراء ، ورفع الصليب فوق برج الحراسة في غرناطة - أكبر أبراجها - وعلى المستوى الإسلامي .. كان " خلاف " كبير قد دب داخلمملكة غرناطة ولا سيما بين أبناء الأسرة الحاكمة ، وتم تقسيم مملكة غرناطة المحدودةقسمين ، يهدد كل قسم منهما الآخر ويقف له بالمرصاد .. قسم في العاصمة الكبيرة( غرناطة ) يحكمه أبو عبد الله محمد علي أبو الحسن النصري ( آخر ملوك غرناطة) وقسم في ( وادي آش ) وأعمالها يحكمه عمه أبو عبد الله محمد المعروف بالزغل.
وقد بدأ الملكان الكوثوليكيان هجومهما على ( وادي آش ) سنة 894هـ ، ونجحا في الاستيلاء على وادي آش وألمرية وبسطة .. وغيرها ، بحيث أصبحا علىمشارف مدينة غرناطة .
وقد أرسلا إلى السلطان أبي عبد الله النصري يطلبان منه تسليم مدينةالحمراء الزاهرة ، وأن يبقى هو حيا في غرناطة تحت حمايتها .. وكما هي العادة فيالملوك الذين يركبهم التاريخ وهو يدور إحدى دوراته ، كان هذا الملك ضعيفا .. لميحسب حسابا لذلك اليوم .. ولقد عرف أن هذا الطلب إنما يعني الاستسلام بالنسبةلآخر ممالك الإسلام في الأندلس فرفض الطلب ودارت الحرب بين المسلمين والنصارىواستمرت عامين .. يقودها ويشعل الحمية في نفوس المقاتلين فيها فارس إسلامي منهؤلاء الذين يظهرون كلمعة الشمس قبل الغروب " موسى بن أبي الغسان " .
وبفضل هذا الفارس وأمثاله وقفت غرناطة في وجه الملكين الكاثوليكيينعامين وتحملت حصارهما سبعة أشهر ..
لكن مع ذلك .. لم يكن ثمة شك في نهاية الصراع .. فأبو عبدالله الذي لم يحفظ ملكه حفظ الرجال . والانقسام العائلي والخلاف الداخلي فيالمملكة في مقابل اتحاد تام في الجبهة المسيحية .. مضافا إلى ذلك حصاد تاريخطويل من الضياع والقومية الجاهلية والصراع بعيدا عن الإسلام .. عاشته غرناطةوورثته مما ورثته عن الممالك الإسلامية الإسبانية الساقطة .
كل هذه العوامل قد عملت على إطفاء آخر شمعة إسلامية في الأندلس .
وعندما كان أبو عبد الله ( آخر ملوك غرناطة هذا ) يركب سفينتهمقلعا عن غرناطة الإسلامية ، مودعا آخر أرض تنفست في مناخ إسلامي في أوروبا بعدثمانية قرون عاشتها في ظلال الإسلام ...
في هذا الموقف الدرامي العنيف .. بكى أبو عبد الله ملكه "وملك الإسلام المضاع، وتلقى من أمه الكلمات التي حفظها التاريخ ( ابك مثل النساءملكا لم تحفظه حفظ الرجال ) .
والحق أن أمه بكلمتها تلك ، إنما كانت تلطمه وتلطم حكاما في الإسلامكثيرين .. بكوا مثل النساء ملكا لم يحفظوه حفظ الرجال !!! .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق