الأحد، 24 أبريل 2016

أوراق ذابلة من حضارتنا 29 - والاخيرة وطوى اليهود ‏.‏‏.‏ آخر صفحاتنا المشرقة ‏ ‏

أوراق ذابلة من حضارتنا 29 - والاخيرة وطوى اليهود ‏.‏‏.‏ آخر صفحاتنا المشرقة ‏ ‏


كان رفض السلطان العظيم ‏"‏ عبد الحميد ‏"‏ تهويد فلسطين لطمة لم ينس اليهود أن يردوها للخلافة ردا سخيا لم يكن بوسع السلطان عبدالحميد أن يتخيله‏!
فإلى جانب ما ذكرناه من تحريك للقوى المناوئة للدولة ، ومن غرس لبذور الفكرة العنصرية المحاربة للراية الإسلامية الموحدة لربع البشر ‏!‏‏!‏
إلى جانب هذا ‏.‏‏.‏ هجم اليهود من الداخل على الدولة العثمانية بواسطة الأسلحة نفسها التي استعملوها في كل بلدان العالم الإسلامي، وهي أسلحة العنصرية والتحضرية، والحرية ، والإخاء ، والمساواة ‏.‏‏.‏ وهلم جرا من الشعارات التي اصطنعها الماسون ، وروجوا لها ، واستعملوا بعض المخدوعين لإذاعتها وتفتيت راية
الأمة وقبلتها وأهدافها ‏!‏‏!‏




وكانت جماعة تركيا الفتاة ثم الاتحاد والترقي هما الأداتين اللتين سخرهما اليهود وطوعوهما لهذا الغرض ‏.‏ وكانت الكاتبة ‏"‏ خالدة أديب ‏"‏ إحدى المروجات على المستوى الأدبي والفكري لفكرة القومية الطورانية ، بينما كان زعماء تركيا الفتاة هم المنفذون على المستويات الأخرى لعملية إحداث الانقلاب نحو تخلي تركيا عن هويتها ورسالتها الإسلامية ‏.‏‏.

وقد أقحم هؤلاء تركيا في الحرب العالمية الأولى دون مبرر معقول أوسبب يتعلق بها ‏.‏ فلما هزم الألمان ، أذعنت تركيا للهزيمة بنفسها ، وسجل رسميا سقوط الكرامة العثمانية الإسلامية بهدنة رودس في 1918م ‏.‏

وقد غادر زعماء تركيا الفتاة البلاد ، فقصد أحدهم ‏"‏ أنور باشا ‏"‏روسيا ، وقصد ‏"‏ طلعت باشا ‏"‏ ألمانيا ، ولقد شاء الله أن يقتص منهم قصاصا دنيويا عاجلا ، فلم يلبث ‏"‏ أنور باشا ‏"‏ أن قتل اغتيالا في تركستان ، وأن يصرع طلعت في برلين ، ويغتال جمال في تفليس ‏"‏ أما الكاتبة خالدة أديب ‏.‏‏.‏ التي طال بهاالعمر فترة ‏.‏‏.‏ فلم تلبث أن طردت شر طردة ، من تركيا بعد خلاف حاد بينها وبين الزعيم اليهودي الكبير مصطفى كمال أتاتورك ‏!‏‏!‏

ولم تكد الحرب العالمية الأولى توشك على الانتهاء حتى كانت الدول الأوروبية قد أتمت المسرحية الهزلية ‏.‏‏.‏ لاقتسام أملاك الخلافة الإسلامية الأخيرة ، ولإبراز رجل ينفذ مخططاتهم وأطماعهم بحذافيرها ‏.‏‏.‏ وعلى الرغم من أنا لكتابات الاستشراقية والكتابات الصليبية واليهودية والشيوعية تجمع على إخفاء هذه الحقيقة ، فإن الأحداث بطبيعة تطورها تثبت هذه الحقيقة ، ويكاد يصرح بهذه الحقيقة المستشرق ‏"‏ كارل بروكلمان ‏"‏ على الرغم من ذكائه الحاد في تطويع الحقائق ،وبترها وإضفاء جو إنشائي حماسي عليها ، نعم ، يكاد يصرح بهذا في كتابه الشهير ‏"‏تاريخ الشعوب الإسلامية ـ الدولة الإسلامية بعد الحرب العالمية الأولى ‏"‏ وهو يقول‏:‏ ‏"‏ عند ذلك ‏.‏‏.‏

هيأت الدول الحليفة لتركيا ـ لاحظ الحليفة ـ الفرصة السانحة للرجل الذي قدر له أن ينشئ تركية الحديثة ـ يقصد اليهودي الدونمي أتاتورك ـ ‏"‏ولنا أن نتساءل ‏:‏ أي دول حليفة لتركيا تلك التي حولتها من زعيمة روحية ـ على الأقل ـ لربع البشرية إلى دولة هزيلة تعيش بلا ماض وبلا حاضر وبلا مستقبل ‏؟‏ وأيدول هذه التي ساعدت هذا اليهودي على إلغاء الحروف العربية ، وإزالة الأوقاف

،وإغلاق المساجد ، وقصر علماء الدين على ثلاثمائة واعظ في طول البلاد وعرضها ،وتحويل مسجد ‏"‏ أياصوفيا ‏"‏ الشهير إلى متحف ، ومسجد محمد الفاتح إلى مستودع ،وإلغاء الشريعة الإسلامية ، واستبدال القبعة بلباس الرأس الوطني السابق ‏"‏ الطربوش‏"‏ وفرض اللباس الأوربي بالقوة ،وحذف اللغة العربية واللغة الفارسية من مناهج التعليم بالمرة ، وبيع الكتب والمخطوطات العربية بأبخس الأثمان ، فضلا عن التعليم العلماني الأوروبي ، ليس في المجال التقني كما يجب أن يكون ، بل ـ فقط ـ في المجال الإنساني والأدبي والديني ‏!‏ ‏.

إن إلغاء الخلافة الإسلامية وإعلان الجمهورية التركية في 29 أكتوبرسنة 1923م ، وانتخاب مصطفى كمال أتاتورك من قبل جمعية لقبت نفسها ‏"‏ بالجمعية الوطنية ‏"‏ ، إن هذا كله لم يكن يعني سقوط تركيا الإسلامية في الحقيقة ، فكم من شعارات براقة زائفة ترفع ثم لا تلبث أن تزول ‏.‏ لكن تمكن الأتاتوركي ‏"‏ الغازي‏"‏ من السيطرة على البلاد ، بمساعد ‏(‏ الدول الحليفة لتركيا ‏)‏ كما يقول بروكلمان وأمثاله ، ثم الاجراءات الخطيرة التي ذكرناها والتي اتخذها أتاتورك بعدذلك ‏.‏

هذه في الحقيقة كانت الإلغاء الحقيقي لتركيا الإسلامية وللخلافة العثمانية ‏.‏
ولم يكن الخليفة العثماني محمد السادس الذي عاصر هذا الانقلاب ، كمالم يكن الخليفة الذي وضعه الانقلابيون مكانه عبد المجيد بن عبد العزيز ‏"‏ لم يكن هذا وذاك أكثر من تحفتين تاريخيتين ‏.‏‏.‏ تحملان معالم صورة هزيلة مهتزة ، لحقيقة كانت ـ يوما ما ـ عظيمة قوية ترعب أوربا كلها ‏.‏

ومع ذلك فلقد أدرك مصطفى كمال الدونمي اليهودي أن البقاء الرمزي الصوري لهذه الحقيقة القوية العظيمة يشكل في حد ذاته خطرا على مخططاته الصهيونية‏.‏‏.‏ ولذا فلم يكد يملك السلطة في يده ويتربع بتؤدة على عرش السيطرة لمدة خمسة أشهر ، حتى أعلن إلغاء الخلافة الإسلامية ، ثم طرد آخر خليفة للمسلمين من البلاد في اليوم الثالث من مارس سنة 1924م ‏.‏


( أنتهت السلسلة )
 

يارب الموضوع يعجبكم

تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق