الأحد، 24 أبريل 2016

أوراق ذابلة من حضارتنا 28 - الموحدون ‏.‏‏.‏‏.‏‏ يسقطون

أوراق ذابلة من حضارتنا 28 - الموحدون ‏.‏‏.‏‏.‏‏ يسقطون




إنك تستطيع أن تنتصر في معركة ، وأن تقهر عدوك وأن تحكم بالموت على مدينة بريئة ، وقد يكون ذلك انتصارا لك ويمد التاريخ في عمرك عدة سنوات ‏!‏‏!‏‏.‏
لكن ‏.‏‏.‏ أن تصنع حضارة وأن تبني دولة تبقى ‏.‏‏.‏ أن تمد التاريخ بصناع مبدعين ‏.‏‏.‏ أن تفعل ذلك وأكثر منه ، فهناك طريق آخر ‏.‏‏.‏ طريق ليس ‏"‏الدم ‏"‏ من معالمه، بل هو أبرز صخوره وعوائقه ‏.‏

هذه حقيقة من حقائق الحضارة أكثر منها حقيقة من حقائق التاريخ‏!‏‏!‏ ‏.‏
لكن هذه الحقيقة غابت عن بناة دولة الموحدين التي قامت في المغرب والأندلس قرابة قرن ونصف القرن ‏(‏ 524 ـ 668 هـ ‏)‏ ‏.‏

ومنذ تأسيس هذه الدولة سواء فكريا ‏"‏ أيديلوجيا ‏"‏ على يد زعيمها الروحي ‏"‏ محمد بن تومرت ‏"‏ أو زعيمها السياسي والعسكري ‏"‏ عبد المؤمن بن علي‏"‏ وأسلوب الدم هو أبرز الأساليب التي اعتمدت عليها هذه الدولة في إرساء دعائمها‏.‏

لقد كانت دولة المرابطين هي أبرز الدول التي قامت على أنقاضها هذهالدولة الموحدية ‏.
‏ وقد استعمل الموحدون أقسى الوسائل الدموية في تصفية دولة المرابطين التي لم تكن أكثر من دولة مسلمة ، مهما قيل عن حكامها الأخيرين ، وقد أخذوا الناس بجرائر الحكام وقتلوا مع المحاربين والنساء والشيوخ ، وحكموا على مدنب أكملها بالموت ‏.‏‏.‏ هكذا فعلوا في ‏"‏ وهران ‏"‏ فقد قتل الموحدون فيها كل منوجدوهم مع المرابطين ، وعندما التجأت جماعات مرابطية على حصن من الحصون قطع الموحدون عنهم الماء فلجأ المرابطون إلى التسليم بعد ثلاثة أيام ، ومع أنهما ستسلموا فقد قتلهم الموحدون كبارا وصغارا ، وكان ذلك يوم عيد الفطر من سنة 539 هـ‏!‏‏!‏ ‏.‏

والشيء نفسه أو قريب منه قام به الموحدون عند استيلائهم على مدينة‏"‏ مراكش‏"‏، فعندما سقطت المدينة بعد مقاومة رائعة ودفاع مستميت قتل الموحدون من أبناء المدينة من الجنود والمدنيين على حد سواء نيفا وسبعين ألف رجل ، ولم يكتفوابهذا العدد من الرجال ، بل إنهم استباحوا المدينة ثلاثة أيام فاستحر برجالها القتل الذريع هذه الأيام الثلاثة الكئيبة ، لم ينج من أهلها إلا من استطاع الاختفاء فيسرب أو غيره ، وقد قيل إنه عند الانتهاء الأيام الثلاثة وإعلان العفو عن الباقين منالأحياء من أهلها لم يظهر حيا إلا سبعون رجلا ‏!‏‏!‏ وباعهم الموحدون بين أسارى المشركين ‏.‏

وهكذا كانت البداية الثورية العنيفة الخاطئة لدولة الموحدين التي نجحت في إنقاذ الأندلس في موقعة ‏"‏ الأرك ‏"‏ سنة 591 هجرية من التداعي وقامت على نحو ناجح بتوحيد المغرب العربي والأندلس ‏.‏‏.‏ ومع ذلك بقيت لعنة ‏"‏ الدم ‏"‏وراءها لقد بقي قانون الله يطالب بالقصاص العادل ، قوانين الله أكبر من أن يحيط بهاهذا الإنسان المحدود التصور والرؤية ، لقد قضى الله بعقوبة هذه الدولة من داخلها ،لقد تحول أسلوب ‏"‏ الدم ‏"‏ إلى وسيلة داخلية قتل بها الموحدون بعضهم بعضا ‏.‏‏.‏وخضعوا ـ بذلك ـ لقانون الله الذي لا يتخلف ‏.‏

ولم يمر على انتصار الموحدين الخالد في موقعة الأرك أكثر من ثمانية عشر عاما حتى انتكس الموحدون نكستهم التي كانت من أسباب تحطيم الوجود الإسلامي فيالأندلس كلها ، وكان ذلك سنة 609 هجرية حين هزموا شر هزيمة في ‏"‏ العقاب ‏"‏ التيأبيدت فيها جيوش الموحدين، وسحق نفوذهم في الأندلس من جرائها ، ومنذ هذا الوقت وصرح الموحدين يتداعى تحت ضربات ‏"‏ الدم ‏"‏ وعلى امتداد خمسين سنة ‏(‏ 609 ـ 668 هـ‏)‏ والموحدون يقضون على أنفسهم بأيديهم في معارك أهلية داخلية ‏.‏‏.‏ فالمأمون ‏"‏الخليفة ‏"‏ الموحدي العاشر ـ والرشيد ‏"‏ الحادي عشر ‏"‏ ويحيى المعتصم ‏"‏ التاسع‏"‏ ويوسف المنتصر ‏"‏ الخامس ‏"‏ وغيرهم قد استنفدت قواهم في قتال داخلي أباد كثيرا من عناصر الموحدين بل إن جهاز الدولة ، والعناصر الثائرة فيها قد تولت هي قتل الخلفاء في الآونة الأخيرة ‏.‏‏.‏ فتم قتل الخليفة الموحدي ‏"‏ أبي محمد ، عبدالواحد الرشيد ‏"‏ والخليفة العادل ‏"‏ ، بل إن الخليفة المأمون قتل أشياخ الموحدينالذين خالفوه ، وكانوا أكثر من مائة ، فقضى بهذا الأسلوب الدموي على خلاصة الزعامة الموحدية ‏.‏




يتبع
 

يارب الموضوع يعجبكم

تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق