السبت، 30 أبريل 2016

دروس من عين جالوت(1)

دروس من عين جالوت(1) 
 
مقدمة
سقط الجيش التتري في مستنقع أعماله.
لقد أفسد جيش التتار في الأرض إفساداً عظيماً، والله - عز وجل - لا يصلح عمل المفسدين,وبرغم أن جيش التتار جيش مُفسد إلا أنه سُلط على المسلمين فترة من الزمان(أربعين سنة تقريباً)، وهُزم أمامهم المسلمون في مئات المواقع الحربية, ثم دارت الأيام وتمت المعركة الهائلة عين جالوت، وانتصر المسلمون انتصاراً مبهراً.
(وتلك الأيام نداولها بين الناس).
وهناك سؤالان قد يخطران على بال المحلل للأحداث، والمتدبر في مجريات الأمور.
وللسؤالين إجابة واحدة.
السؤال الأول هو:كيف سُلّط جيش التتار الفاسد المفسد على أمة الإسلام وهي خير منه مهما خالفت المنهج، ومهما قصّرت في واجباتها؟
السؤال الثاني هو:جيش التتار الذي انتصر على المسلمين في كل المواقع السابقة هو نفس جيش التتار الذي هُزم في عين جالوت.. لماذا انتصر في السابق؟ وما الذي حدث حتى يهلك الجيش بكامله بهذه الصورة العجيبة؟
والإجابة على السؤالين نجدها في جزء من خطاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الصحابي العظيم الملهم، وكان قد أرسل خطاباً إلى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - الذي كان يقود الجيوش الإسلامية المتجهة لحرب الفرس في موقعة القادسية.
يقول الصحابي الحكيم عمر - رضي الله عنه - يخاطب سعداً - رضي الله عنه -:
"فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو، وأقوى المكيدة في الحرب، وآمرك ومن معك أن تكون أشد احتراساً من المعاصي منكم من عدوكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما يُنصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة، لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عدتنا كعدتهم، فإن استوينا في المعصية، كان لهم الفضل علينا في القوة، وإلا نُنصرْ عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا, فاعلموا أن عليكم في سيركم حفظة من الله، يعلمون ما تفعلون، فاستحيوا منهم، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله، ولا تقولوا إن عدّونا شر منا، فلن يُسلَّط علينا، فرب قوم سُلِّط عليهم مَن هو شر منهم، كما سُلّط على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط الله كفارُ المجوس، فجاسوا خلال الديار، وكان وعداً مفعولاً".
هذا جزء من رسالة الفاروق عمر - رضي الله عنه -، والتي تُعد من أنفس ما قال، ومن أعظم الرسائل على وجه الأرض, والرسالة طويلة, ودراستها في غاية الأهمية لبناء الأمة.
في هذا الجزء الذي ذكرناه يتضح لنا أن الله - عز وجل - أحياناً يسلط الكفار والمفسدين على المسلمين إذا عمل المسلمون بمعاصي الله، فإذا التزم المسلمون بتقوى الله - عز وجل - وساروا على منهج ربهم ومنهج رسوله - صلى الله عليه وسلم - انتصروا على الجيوش التي طالما انتصرت عليهم.
لم ينتصروا عليها لقوة جسد أو لكثرة عَدد أو لكفاءة عُدد، وإنما ينتصرون لارتباطهم بربهم، وبُعد أعدائهم عنه - سبحانه -.
من هنا نفهم لماذا سُلّط التتار أربعين سنة على المسلمين في الأرض.
ومن هنا نفهم لماذا انتصر المسلمون في عين جالوت على الجيش الذي دوّخ بلاد المسلمين عشرات الأعوام.
ومن هنا أيضاً نفهم أحداثاً كثيرة في التاريخ، وأحداثاً كثيرة في الواقع.
فإذا رأيتم يا إخواني ضعفاً وخوراً وجبناً واستكانة في جيوش المسلمين.
وإذا رأيتم تبعية لغرب أحياناً، ولشرق أحياناً أخرى.
وإذا رأيتم هواناً في الرأي، وسقوطاً للهيبة، وذلة في كل الأحوال.
وإذا رأيتم موالاة لمن سفك دماء المسلمين، وتحالفاً مع من دمّر ديار المسلمين، وصداقة مع من شرّد ملايين المسلمين، واستعانةً بمن خرّب اقتصاد المسلمين.
إذا رأيتم أن الأمة العظيمة الكبيرة الكثيرة قد أصبحت لا تساوي شيئاً في عيون أعدائها, فيتطاول عليها أخس أهل الأرض، من إخوان القردة والخنازير، ومن عبّاد البقر، ومن عبّاد البشر، ومن الملحدين.
إذا رأيتم كل ذلك, فاعلموا أن الأمة تعمل بمعاصي الله، وأن الأمة لا تتبع شرع الله, وأن الأمة سقطت من عين الله, وأن الله - عز وجل - بنفسه هو الذي يُسلّط عليها الفاسدين من اليهود والصليبيين والهندوس والشيوعيين وغيرهم.
أهذا شيء يدعو إلى الإحباط واليأس؟
أبداً إنه يدعو إلى التفكر والتدبر والاستفادة من التاريخ والعمل.
وعين جالوت بين أيدينا؛ وإلا فلماذا ندرس هذه الأحداث التاريخية التي مرّ عليها قرون وقرون؟
العودة إلى الله - عز وجل - ليست صعبة.
مهما غرقت الأمة في معاصيها، ومهما ابتعدت عن كتاب ربها، ومهما ضلت طريقها، فإنها تعود إلى الله - عز وجل - في لحظة واحدة.
هذا إذا أرادت أن تعود.
هذا إذا أرادت أن تعيش.
بل هذا إذا أرادت أن تسود وتقود وترفع رأسها وتُعزّ شأنها.
مهما ابتعدنا عن الله يا إخواني فإنه يقبلنا إذا عدنا إليه, بل يفرح بنا - سبحانه وتعالى - إذا عدنا إليه.
روى البخاري عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وَبِهِ مَهْلَكَةٌ وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ)).
فقط علينا أن نعود إلى الله, وسنرى عين جالوت, وألف عين جالوت.
هذا وحده إذن هو التفسير الشرعي للانتصار والهزيمة في الإسلام ينتصر المسلمون بارتباطهم بربهم، ويُهزمون ببُعدهم عن الشرع والله - عز وجل - لا يظلم الناس شيئًا، ولكن الناس أنفسهم يظلمون.
تحرير دمشق
نعود إلى قطز - رحمه الله - بعد الانتصار الرائع في عين جالوت.
لم تنته مهمة الملك المظفر بعد, ما زال هناك تتار في بلاد الشام, ما زال هناك تتار في دمشق وحمص وحلب وغيرها من المدن الشامية, وما زال هناك تتار في العراق وتركيا وفارس وغيرها.
وليس في حياة قطز - رحمه الله – راحة.
مع كثرة الشهداء وكثرة الجراح والآلام, ومع الإرهاق الشديد الذي يعاني منه الجيش المناضل البطل,الذي عبر صحراء سيناء بكاملها في شهر يوليو، والذي حارب في غزة، ثم اجتاز فلسطين كلها من جنوبها إلى شمالها حتى وصل إلى عكا، والذي عاد بعد ذلك إلى عين جالوت، والذي خاض المعركة الهائلة مع أقوى جيوش الأرض.
مع كل هذه المعاناة إلا أن الخطوة التالية مباشرة لقطز بعد انتصار عين جالوت المجيد أن يتجه إلى دمشق في الشمال.
ودمشق هي أولى المحطات الإسلامية التي تقع تحت سيطرة التتار، وهي تقع على مسافة مائة وخمسين كيلومترًا تقريباً من عين جالوت إلى الشمال الشرقي منها.
لابد من تطهير هذه المدينة الإسلامية العظيمة من دنس التتار, ولابد من استغلال فرصة الانكسار الرهيب في جيش التتار فتُحرر دمشق وغيرها قبل أن تأتي إمدادات التتار من فارس أو من أوروبا أو من الصين.
وقطز - رحمه الله - القائد المحنك أراد أن يهيّئ الفرصة العظمى لجيشه في الانتصار على قوات التتار في دمشق، وهو يعلم أن جيش التتار قد قتل بكامله في عين جالوت، ولم ينقل أحد منهم الخبر إلى دمشق، فأراد هو أن ينقل خبر النصر العظيم إليهم، فيرفع بذلك من معنويات المسلمين، ويضع من معنويات الحامية التترية في دمشق؛ فيسهل عليه بذلك فتح تلك المدينة العظيمة.
وبالفعل أرسل رسالة عظيمة تحمل بشريات النصر المجيد, وكان مما جاء في هذه الرسالة:
"أما النصر الذي شهد الضرب بصحته، والطعن بنصيحته، فهو أن التتر خذلهم الله - تعالى –(ولاحظ أنه ينسب النصر إلى الله)، استطالوا على الأيام، وخاضوا بلاد الشام، واستنجدوا بقبائلهم على الإسلام".
وهذه عساكر الإسلام مستوطنة في مواطنها، ما تزلزل لمؤمن قدم إلا وقدم إيمانه راسخة، ولا ثبتت لأحد حجة إلا وكانت الجمعة ناسخة، ولا عقدت برجمة ناقوس إلا وحلها الأذان، ولا نطق كتاب إلا وأخرسه القرآن.
ولم تزل أخبار المسلمين تنتقل إلى الكفار، وأخبار الكفار تنتقل إلى المسلمين، إلى أن خلط الصباح فضته بذهب الأصيل، وصار اليوم كأمس ونُسخت آية الليل بسورة الشمس.
إلى أن تراءت العين بالعين، واضطرمت نار الحرب بين الفريقين، فلم تر إلا ضرباً يجعل البرق نضواً، ويترك في بطن كل من المشركين شلواً، وقتل من المشركين كل جبار عنيد، ذلك بما قدمت أيديهم (وما ربك بظلام للعبيد).
وصل الكتاب يحمل البشارة إلى أهل دمشق، وفي الغالب وصل الكتاب في يوم 27 أو 28 رمضان، واستقبل المسلمون الخبر بفرح لا يوصف؛ فقد يئس الكثير من إمكانية هزيمة التتار، فلما سمعوا بأخبار الانتصار المبهر ارتفعت هممهم إلى السماء، ورأوا عمالقة التتار أقزاماً، وقام الشعب في دمشق بثورة عارمة على جيش المغول، وأمسكوا بجنود التتار وفتكوا بهم، فما استطاعوا من قيام، وما كانوا منتصرين.
لقد سقطت هيبة التتار، وتنفس المسلمون الصعداء بعد قهر وبطش استمر أكثر من ستة شهور.
وانتهى المسلمون من أمر الحامية التترية بسرعة، فمنهم من قتل ومنهم من أسر، ومنهم من فرّ، واتجه المسلمون بعد ذلك للانتقام من النصارى الذين تطاولوا جداً على أهل الإسلام في أثناء سيطرة التتار على دمشق، وقد ذكرنا طرفاً من أعمال النصارى في دمشق قبل ذلك, وتجاوز بعض المسلمين الأمر إلى حرق الديار والكنائس، وإلى قتل البعض منهم، وكاد الأمر يخرج عن السيطرة، ونشط بعض الغوغائيين، وقرروا أيضاً الفتك باليهود الذين يعيشون في دمشق، لولا أن قام العلماء ينصحون بعدم الظلم؛ لأن اليهود لم يشتركوا مع النصارى في إيذاء المسلمين أيام حكم التتار، وتكهرب الجو في دمشق، وكادت الفتنة أن تعم في البلاد, وامتزجت في نفوس الناس مشاعر السرور والزهو بمشاعر الانتقام والتشفي, وتأزّم الموقف جداً.
وبينما هم كذلك , وفي اليوم الثلاثين من رمضان سنة 658 هجرية ـ وصل البطل العظيم الملك المظفر قطز - رحمه الله - إلى دمشق, بعد خمسة أيام من يوم عين جالوت.
واستقبله الناس استقبال الفاتحين، وعلقت الزينات في الشوارع، وخرج الرجال والنساء والأطفال يستقبلون البطل المظفر.
هذه يا إخواني هي الفرحة الحقيقية.
(قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون).
فرحة النصر لدين الله، والرفعة للإسلام والعزّة للمسلمين.
لا تقارن هذه الفرحة بفرحة الطعام والشراب والمال والجاه والسلطان.
العيد الحقيقي
دخل الجيش المملوكي المسلم دمشق, واستتب الأمن الحقيقي بسرعة عجيبة, لم يحدث شيء مما يقع عند دخول المستعمرين البلاد فتعم الفوضى، ويُترك الحبل على الغارب، وتنتهك الحرمات أمام أعينهم وتنتهب المحلات والديار وهم يشاهدون.
لم يحدث كل هذا, إنما استقر الوضع بسرعة، بل أمن النصارى واليهود على أرواحهم وأموالهم، وقام قطز - رحمه الله - بعزل ابن الزكي قاضي دمشق الذي عينه التتار، وكان موالياً لهم، وعيّن مكانه نجم الدين أبا بكر بن صدر الدين بن سني الدولة، وبدأ يفصل في القضايا، ويحكم في المخالفات التي تمت بين المسلمين والنصارى , حتى لا يُظلم نصراني في بلاد المسلمين, هذا مع كل ما فعله النصارى بالمسلمين أثناء احتلال التتار للمدينة.
وفي اليوم التالي لدخول قطز - رحمه الله - إلى دمشق كان عيد الفطر.
وهو أعظم عيد مرّ على المسلمين منذ أربعين سنة، لم يكن عيداً للفطر فقط، بل كان أيضاً عيدًا للنصر والتمكين.
(وجعل كلمة الذين كفروا السفلى، وكلمة الله هي العليا، والله عزيز حكيم).
لم يضع قطز - رحمه الله - وقتاً بل أرسل مقدمة جيشه بقيادة بيبرس تتبع الفارين من التتار، وتُطهّر المدن الشامية الأخرى من الحاميات التترية، فوصلت القوات الإسلامية إلى حمص، واقتحمت على التتار معسكراتهم ففروا مذعورين، وأطلق المسلمون الأسرى المسلمين الذين كانوا في قبضة التتار، وانطلقوا خلف الحاميات التترية الهاربة، فقتلوا أكثرهم، وأسروا الباقين، ولم يفلت منهم إلا الشريد.
وهكذا حررت حمص بسرعة، واتجهت القوات الإسلامية إلى حلب، ففر منها التتار كالفئران المذعورة، وانطلقوا يجرون أذيال خيبتهم، وسبحان مغيّر الأحوال.
ما بين طرفة عين وانتباهتها يغيّر الله من حالٍ إلى حال.
وطَهّر المسلمون بلاد الشام بكاملها في غضون بضعة أسابيع، وعادت من جديد أرض الشام إلى ملك الإسلام والمسلمين, نسأل الله لها ولسائر بلاد المسلمين دوام التحرر والعزة.
وأعلن قطز - رحمه الله - توحيد مصر والشام من جديد في دولة واحدة تحت زعامته، بعد عشر سنوات من الفرقة، وذلك منذ وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب - رحمه الله - في سنة 648 هجرية, وخُطب لقطز - رحمه الله - على المنابر في كل المدن المصرية والفلسطينية والشامية، حتى خطب له في أعالى بلاد الشام والمدن حول نهر الفرات.
وعاش المسلمون أياماً من أسعد أيامهم.
وبدأ قطز - رحمه الله - يوزع الولايات الإسلامية على الأمراء المسلمين،وكان من حكمته - رحمه الله - أنه أرجع بعضاً من الأمراء الأيوبيين إلى مناصبهم؛ وذلك ليضمن عدم حدوث الفتنة في بلاد الشام، لأنه لا شك أن هؤلاء لهم أتباع من المسلمين، ولم يخش قطز - رحمه الله - من خيانتهم، وخاصة بعد أن تبين لهم أنه لا طاقة لهم بقطز - رحمه الله - وبجنوده الأبرار.
أعطى قطز - رحمه الله - إمارة حمص للأشرف الأيوبى - الذى كان موالياً للتتار - بعد أن أظهر ندمه وتوبته، وأرسل إلى قطز قبل عين جالوت مع صارم الدين أيبك أنه سوف ينهزم عمداً بين يدى قطز، والله أعلم لو كان النصرُ حليف التتار ماذا كان فاعلاً، فهذا بينه وبين الله - عز وجل -، ولكن المهم الآن أنه اعترف بخطئه السابق الجسيم من موالاته للتتار، وقبل حكم حمص تحت رعاية قطز - رحمه الله -، وأعطى قطز - رحمه الله - إمارة حلب إلى علاء الدين بن بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل الذى مات منذ شهور قليلة، وأعطى إمارة حماة إلى صاحبها الأسبق الأمير المنصور، والذى كان يقاتل معه في القوات الإسلامية المشتركة في عين جالوت، وعين لأمير جمال الدين آقوش الشمسي على الساحل الفلسطينى وغزة، أما دمشق فقد عين عليها الأمير علم الدين سنجر الحلبى.
وهكذا استقرت الأوضاع تماماً في بلاد الشام وفلسطين، وقويت شوكة الإسلام، واختفي كلُ تهديد يمسّ أمن المسلمين ورعاياهم من النصارى واليهود.
وفي اليوم السادس والعشرين من شهر شوال سنة 658 هجرية بعد شهر كامل من يوم عين جالوت بدأ السلطان قطز - رحمه الله - رحلة عودته إلى عاصمته القاهرة, فكثير من الأوضاع السياسية هناك يحتاج إلى استقرار، وكثير من الأمور تحتاج إلى إدارة, وقد أصبحت دولة قطز - رحمه الله - تصل من الفرات إلى حدود ليبيا، ولابد من إعادة تنسيق كثيرٍ من الأوراق, ولا ننسى أن قطز - رحمه الله - لم يتول الحكم حتى ذلك اليوم إلا منذ أحد عشر شهراً فقط، فقد تولى الحكم في الرابع والعشرين من ذي القعدة سنة 657 هجرية، وما زالت تنتظره الآلاف من الأعمال.
هكذا تم النصر المبين على التتار، واستيقظ المسلمون من الكابوس المزعج الذى آلمهم في كل السنوات الماضية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق