الأربعاء، 31 أغسطس 2016

البويهيون الجزء الاول


البويهيون الجزء الاول




أصل البويهيون

اختلف الكثير من المؤرخين في أصل نسب البويهيين، فيذكر ابن خلكان، أن الصابي ذكر في كتابه (التاجي) إنهم يرجعون في نسبهم إلى بهرام جور بن يزدجر الملك الساساني، أما ابن الأثير فيرى إن نسبتهم إلى قوم الديلم بسبب طول مقامهم ببلادهم، في حين إن الأصفهاني الذي هو أكثر المؤرخين معرفة بأصول ملوك الفرس، فرغم إنه يجعل للبويهيين أصلاً يعود إلى الملك الساساني بهرام غور، إلا أنه يعود ويذكر إن علي بن بويه كان زعيماً لإحدى قبائل الديلم تسمى شيرذيل أوندن، تقيم في قرية كياكاليش في ديلمان.
البويهيون على الأرجح ينتسبون إلى الديلم سكان المنطقة الجبلية في مقاطعة جيلان من بلاد فارس (إيران)، وكان من بين من خرج مع ملك الديلم ناصر الدين الأطروش، هو علي بن بويه، وعندما تولى الحسن بن القاسم الداعي، خلافة الناصر، أرسل ولديه أحمد وجعفر لمقاتلة السامانيين فكان من بين الذين برزوا في قتال السامانيين (أبو شجاع بويه بن فناخسروا)، وكان لأبي شجاع ثلاثة أولاد قامت على أكتافهم فيما بعد الدولة البهويهية وهم: علي – الحسن – أحمد.
حكم آل بويه رقعة من العالم الإسلامي، وأقاموا دولة كبيرة عرفت بـ(الدولة البويهية) وضمت بلاد فارس والعراق، ابتدأت من عام 321هـ في فارس و334هـ في العراق، وانتهى حكمهم بسيطرة السلاجقة على ممتلكاتهم ودخولهم بغداد سنة 447هـ.
كانت بداية التسلط البويهي، عندما قلد مرداويج بن زيار مؤسس الدولة الزيارية في جرجان وطبرستان علي بن بابويه ناحية الكرج سنة320هـ/932م، ولقد أتاحت له صفاته كقائد يسعى للملك والسيطرة بأي ثمن وبأية وسيلة لأن يؤسس دولته المستقلة العظيمة.
من الكرج أستولى علي بن بويه وأخواه على أصفهان، ثم قصد فارس فسقطت مدنها الواحدة تلو الأخرى بين يديه، وتم له الاستيلاء عليها عام 322هـ/933م، ومن فارس التي جعلها قاعدة ملكة، تابع علي بن بويه وأخواه فتوحاتهم، ففي هذه الأثناء كان الأخ الثاني الحسن قد إحتل تقريباً كل إقليم الجبال، عقب مقتل مرداويج سنة 323هـ، فيما أخذ الأخ الثالث أحمد في غزو كرمان، وتم له فتحها سنة 324هـ/935م، ثم اتجه نحو خوزستان مستفيداً من صراع ابن رائق والبريدي، الأمر الذي فتح أمامه الطريق إلى بغداد بسهولة، خاصة بعد أن تمكن أحمد البويهي من السيطرة على الأهواز بصورة نهائية سنة 326هـ/937م.
ففي ظل تدهور الوضع ومساوئ الحكم العباسي واستياء طبقات العامة وتمردهم عليه، في هذه الأثناء زحف أحمد البويهي من الأهواز قاصدا بغداد، فاضطربت المدينة واختفى الخليفة العباسي المستكفي وابن شيرادار، وانسحب الجند الأتراك إلى الموصل، وبعد مفاوضات أجراها أبو محمد المهلبي صاحب أحمد البويهي، دخل الأخير إلى بغداد في جمادى الثاني 334هـ/945م حيث لقي الخليفة العباسي المستكفي وتبايعا، ولقبه الخليفة بـ(معز الدولة)، ولقب أخاه الأكبر علي بـ(عماد الدولة وأخاه الثاني الحسن بـ(ركن الدولة)، ومنذ هذا التاريخ وقعت الخلافة العباسية تحت سيطرة الأسرة البويهية، ولغاية تاريخ دخول السلاجقة بغداد وسيطرتهم بدورهم على الخلافة سنة447.
أسباب التغلب البويهي

عندما بدأ البويهيون في الظهور على مسرح الأحداث في العشرينات من القرن الرابع الهجري، ما كان لأحد أن يتوقع نجاحهم في إقامة دولة تسيطر على الخلافة العباسية وأراضيها، والواقع إن كتب التاريخ لا تجد ما تبرر به بروز علي بن بويه وبخاصة في الوصول إلى ما وصل إليه، سوى صفاته الشخصية: العسكرية والخلقية. فمسكوية يفسر نجاحات علي، بسماحته وسعة صدره وشجاعته، كذلك يفعل ابن الأثير وابن خلكان.
إلا أن البعض من المؤرخين لا يرون في تلك الصفات لوحدها مهما بلغت أهميتها في أن تكون أسباب نجاحات بن بويه، هؤلاء يرون أن ظروفاً وأسباباً معينة لعبت دوراً أساسياً في تمكينه من تثبيت حكمه في فارس، ولاحقاً فتحت أمامه أبواب بغداد على مصراعيها، ومن هذه الأسباب:
أ) تدهور أحوال الخلافة العباسية:
لقد بدأ المشروع البويهي وتطور، في مرحلة من أسوأ المراحل التي مرت بها الخلافة العباسية، ففي ظل هذه الأحوال، وخاصة بعد فشل ولاة الخليفة كياقوت وابنية في القضاء على البويهيين الذين لا يشكلون خطراً على الخلافة كالذي يهددها من جانبي القرامطة أو مرداويج بن زيار. فالخلافة العباسية التي أنهكتها فترة حكم أمير الأمراء، وجدت في البويهيين الذين بات دخولهم بغداد أمراً واقعاً، الأمل الذي سيخلصها من حالة التدهور التي وصلت إليها البلاد آنذاك.
ب) تضعضع الدولة الزيارية:
كان مرداويج بن زيار صاحب جرجان وطبرستان، قد بات القوة الأساسية في إيران، والآخذة بالتوسع تدريجياً على حساب أراضي الخلافة، ومن هذه الدولة خرج البويهيون ليأسسوا إمارتهم المستقلة منذ سنة 322هـ/933م، فان لابد من أن يشكل كل منهما خطراً على الآخر، ذلك إنهما ينتميان لنفس المنطلقة (الديلم).
وبالفعل شكلت الدولة الزيارية بقيادة مرداويج خطراً حقيقياً على المشروع السياسي لعلي بن بويه الذي حاول جهد إمكانه مداهنة مرداويج بأساليب شتى لكي يمنع المواجهة العسكرية معه أو يؤجلها، وكأنه كان يدرك إن أية مواجهة حاسمة مع مرداويج، كفيلة بالقضاء عليه، لذلك ارتضى أن يخطب له في فارس، وأن يضع أخاه الحسن رهينة لديه، أما مرداويج فقد ارتضى هذه المصالحة وفي نيته مهاجمة علي بن بويه في العام التالي. إلا أن مقتل مرداويج المفاجئ وتضعضع قوة خلفائه، أعطى للبويهيين فرصة كبيرة للانطلاق في ترسيخ وتوسيع رقعة سيطرتهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق