الأربعاء، 29 يونيو 2016

حملة سيناء وفلسطين في الحرب العالمية الأولي 5

حملة سيناء وفلسطين في الحرب العالمية الأولي 5


معـركة غزة الثانـية

بعد ضياع النصر من البريطانيين في معركة غزة الأولي ، قاموا بشن هجوم ثاني علي غزة تدعمهم مدافع أسطولهم وبعض الدبابات ، وتمثل هدفهم في تحطيم الدفاعات العثمانـية علي طول خط غزة - بئر سبع الدفاعي ، في حين كان هدف الأتراك بعد إنتصارهم في معركة غزة الأولي في أن يتمكنوا من إيقاف الحلفاء من التوغل أكثر في فلسطين .

ولذلك حاول كل من القائدين Murray و Dobell خلال إجتماعاتهم بمجلس الحرب في المملكة المتحدة وصف هجومهم الأول علي غزة بالناجح مما أعطي الساسة في بريطانيا إشارات إيجابيـة بسرعـة إستئناف الهجوم ، وكانت خطة الجنرال Dobell تشبه لحد كبير خطة الحلفاء في الجبهة الغربية "ألمانيا" وذلك بقصف تحضيري علي مواقع العدو لمدة يومين ويليه هجوم بري بالمشاة علي خنادق العدو ، فيما كان القادة الميدانيين كالجنرال Chetwode و الجنرال Chauvel أقل تفاؤلاً بشأن فرص نجاحهم في تحطيم الخط الدفاعي التـركي .


ميـزان القوي :


تم زيادة عدد القوات بإمرة الجنرال Dobell ليصبح قوامها 4 فرق مشاة " 52 و 53 و 54 و 74 المكونة من أولوية سلاح الفرسان" مع فرقة Anzac و الفرقة الجبلية و لواء الإبل البريطاني ، وستكون الفرقة 74 و فرقة Anzac إحتياطي المعـركة ولرغبة بريطانيا في تطبيق خطة هجومها بالجبهة الغربية في قتالها ضد الأتراك ، قررت إدخال الغاز السام و6 دبابات لأول مرة لساحة الجبهة الشرقية .

اما القوات التركية الموجودة بالمنطقة فيرجح عددها ما بين20 ألف إلي 25 ألف ، فيما تم تقوية الدفاعات التركية منذ المعركة الأولي لغزة ، حيث في غرب الخط الدفاعي يوجد حصن غزة ، ومن الشرق توجد معاقل Atawineh وHareira وSheria ، وبعد معقل Sheria كان الدفاعات أقل قوة ، ونظرا لندرة مصادر المياه بالمنطقة قرر الأتراك إستخدام سلاح الفرسان في شن هجماتـهم .

الهجوم :

وتم شن الهجوم الثاني علي غزة صبيحة يوم 17 إبريل بعد قصف تحضيري ضد التحصينات التركية لمدة يومين متتالين وقد إشتركت في مرحلة القصف التحضيري المدافع الثقيلة لسفن الحلفاء المتواجدة علي ساحل غزة ، ورغم عنف القصف إلا أنه لم يكن في مستوي القصف علي الجبهة الغربية ولهذا كان تأثيره ضعيف علي تحصينات غزة ..

وفي صباح يوم 19 إبريل ، تم الشروع في الهجوم البري ، وتم التركيز علي الإستيلاء علي النقطة القوية Ali Muntar جنوب شرق غزة ، لدرجة إطلاقهم لقذائف الغاز السام ، ونتج عن طول فترة القصف التحضيري أن الأتراك إستعدو جيدا لملاقاة البريطانيين وقاموا بتقوية دفاعاتهم ، وظهر قصور أخر في خطة الهجوم البريطاني ، في أن قصفهم تركز علي التحصينات دون بطاريات المدفعية التركية ..

وبدأ الهجوم البري علي غزة وخسر البريطانيين دبابة كانت تقوم بدور إسناد لمشاتهم ، وفي الساعة 7.15 تقدمت الفرقة 53 في أقصي غرب الجبهة للإستيلاء علي منطقة الشاطئ بين غزة والبحر المتوسط ، وبعد فترة قصيرة ، قامت الفرقة 52 بالهجوم في الوسط في مواجهة مدينة غزة والنقطة القوية Ali Muntar ، والفرقة 54 بالهجوم من علي يمين الجبهة ضد معقل Tank ، وعاني البريطانيين من خسائر جسيمة علي طول خط الجبهة فتوقف الهجوم ..

معقل الدبابات :

أما بالنسبة للدبابات فتم نشر الدبابات الخمس المتبقية علي طول الجبهة وإنحصر دورها في جذب نيران العدو بعيداً عن قوات المشاة ، وقامت إحدي تلك الدبابات بدور هام في يمين الجبهة حيث ساعدت الفرقة 54 مشاة في إنجاز مهامهم المطلوبة .

وكان في مواجهة نقطة "معقل الدبابة" اللواء 161 من الفرقة 54 وعلي يمينهم كانت توجد الكتيبتان الأولي والثالثة من لواء الإبل الإمبراطوري الذين قاموا بالترجل من علي الجمال ، وبدؤا هجومهم الساعة 7.30 وشاركتهم الهجوم دبابة واحدة تسمي "The Nutty البندق" التي قامت بجذب نيران مدفعية ، وتلي ذلك تمكن الدبابة من الصعود إلي قمة ربوة عالية وقامت بإطلاق النار علي العدو حتي توقفوا عن إطلاق النار .


في حين عانت قوات المشاة وكتيبة الإبل الأولي من خسائر جسيمة في طريق زحفهم ، والأن قرروا الهجوم علي خنادق العدو ، فتم تجهيز قوة من 30 جمل و 20 جندي من المشاة التابعين لفوج نورفلك ووصلوا إلي معقل أحد الخنادق وكان في مواجهتهم 600 تركي الذين قاموا بدفعهم نحو خط الدفاع الثاني في عمق الجبهة ولمدة ساعتين كان البريطانيين والإستراليين كانوا يتراجعون لخطوطهم في ظل ظروف قاسية ولم يتم تعزيزهم بأي قوات في وقت كان الأتراك علي وشـك شن هجوم مضاد عليهم ، ولذلك عملوا علي النجاة بحياتهم والعودة لخطوطهم ، وإلي اليمين غرب معقل الدبابة كانت كتيبة الإبل الثالثة تتقدم في فجوة بين معقلين للأتراك وكانت ذلك أقصي ما وصلوا إليه إلا ان ظروف تعثر جمالهم ادت إلي التراجع خوفا من إمكانـية تطويقهم ..



معقل Atawineh :

وكان التقدم البريطاني من ناحـية شرق الجبهة يتم عبر معقل Atawineh ، وكان البريطانيين يتقدمون علي النحو التالي ، من اليمين لليسار ، لواء الفرسان الرابع الخفيف و لواء الفرسان الثالث الخفيف و اللواء الجبلي الخامس والفرقة الجبليـة الإمبراطوريـة التي يقودها الجنرال Hodgson ، وكانت الأوامر الموكلة إليه غامضة ، حيث طلب منه جذب إنتباه المواقع التركية المواجهة له لمنعهم من نقل جزء من قواتهم لتعزيز القوات العثمانية بغزة ، مع التقدم إذا رأي الفرصة مواتيـة لذلك ..

وكان لدي الجنرال Dobell خطة لكسر وإختراق الخط الدفاعي التركي من الاجناب بإستخدام قواته الجبليـة الإحتياطية ، ولذلك كان يضغطون بشدة عليي معقل Atawineh رغم عظم خسائرهم علي عكس ما كانوا يتعاملون به مع خسائرهم علي طول الخط .

وبدأ لواء الفرسان الثالث تقدمه قبيل الفجر بمهاجمة الحافة الجنوبية لمعقل Atawineh وتمكنوا من الإقتـراب من المعقل حتي أضحي في مرمي أبصارهم ، إلا أن هجومهم لم يكن علي نفس وتيرة التقدم ولهذا كانت توجد وحدات متأخرة عن بعضها البعض ، وعند وصولهم علي بعد 500 ياردة ، قام لواءاي الفرسان الخامس والرابع بتقدم مماثل في قطاعاتهم حيث لا توجد خنادق تركية مقابلهم وبهذا حققوا نصراً موهوماً ..

وبعد الظـهر ، تم تعزيز الفرقة الجبلية الإمبراطورية باللواء السادس الجبلي "Yeomanry" ، وبذلك كان كل الإحتياطات البريطانية قد تم الزج بها لساحة المعركة وعلي الرغم من ذلك لم تكن هناك فرصة لنجاح هجومهم ضد الأتراك .

وبذلك كان الهجوم متعثرا علي كافة الخطوط ، ولم يحقق البريطانيين سوي مكاسب ضئيلة لا تنتاسب مع عظيم خسائرهم في القتال ، وفي ناحية الشاطئ جهة الغرب شن الاتراك هجوما مضادا ناجح ضد البريطانيين وقاموا باسترداده ..

وفي الساعة الثالثة عصرا ، إعترض البريطانيين رسالة تركية يقولون فيه بعدم إحتياج غزة لمزيد من التعزيزات ، وعلي الفور ، وجه البريطانيين معظم إحتياطياتهم ، للهجوم علي غزة علي ان يبدا شن الهجوم صباح اليوم التالي مع امكانية اشتراك الفرقة 74 في الهجوم ، لكن الهجوم تأجل لمدة 24 ساعة قبل ساعات من تنفيذه ، وكان هناك قلق يساور البريطانيين من شن الاتراك لهجوم مضاد لكن ذلك لم يحدث ..

نتيجة الهجوم:


ما سبق يتضح أن معركة غزة الثانية تعد هزيمة كارثية للبريطانيين ، فمع أي تقدم ضئيل كان يوقع بهم خسائر فادحة وبخاصة في قوات المشاة ، وتم إقالة كلا من Murray و Dobell لاخفاقهم المهين في المعركة ، وقرر مجلس الحرب ببريطانيا إسناد حملة فلسطين إلي الجنرال إدموند اللنبي وأمدته بمزيد من القوات ليكون قادراً علي كسر خط غزة - بئر سبع الدفاعي والإستيلاء علي مدينة القدس .

وكان خسائر البريطانيين تتجاوز الـ6 ألاف قتيل وجريح وكان أعظم الخسائر بالفرقة 54 مشاة ، في حين كانت مجمل خسائر الأتراك تجاوز الـ2000 قتيل وجريح ..

يتـــبع

 
يارب الموضوع يعجبكم

تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق