الأربعاء، 29 يونيو 2016

بحوث 00 دراسات 00 مقالات 00 نظريات 00 رؤى تاريخيه 3

بحوث 00 دراسات 00 مقالات 00 نظريات 00 رؤى تاريخيه 3


هل المؤامرة مستمرة ؟



ولعل الحديث هنا سيطول ؛ ولكننا سنقوم كمدخل لهذه الدراسة بقصتين شهيرتين من تاريخنا الوسيط بالأندلس في عهد المعتمد بن عباد والتاريخ المعاصر بالعراق وقصة صدام حسين ؛ بحيث يمكن لنا أن نفهم تاريخ المؤامرة المستمرة , فقد كانت الحكومة الخفية لليهود قد انتقلت من بابل تحت ظل حكم الفرس إلى الأندلس في ظل حكم المسلمين بعد سقوط الإمبراطورية الفارسية وفتح الأندلس فيما بعد ؛ حيث رأت الحكومة اليهودية المستخفية أنها ستكون هناك أكثر أمناً ونشاطاً ؛ وعاشوا أكثر من ثمانية قرون في أمن وازدهار ؛ بحيث تمكنت تلك الحكومة من تشديد قبضتها على المجتمعات اليهودية في الشتات , ثم فيما يبدو أنهم أصبحوا بالاتفاق مع الأسبان تحت حكم أسبانيا النصرانية بعد ضعف قوة المسلمين هناك , وربما كانوا يعملون على إضعاف الطرفين من أجل ضمان مصالحهم ؛ سواء في الجزيرة الأيبيرية أو في العالم .

ويرى المؤرخ البريطاني دوغلاس ريد في كتابه الذي اختفى من الأسواق ( جدل حول صهيون دراسة للمسألة اليهودية منذ ألفين وخمسمائة عام ) فيقول (( إن الإسلام ...لم يظهر العداء للديانة اليهودية وأوغسطين [ وهو مؤرخ يهودي ] نفسه كان راضياً إلى حد ما حيث قال " إن الإسلام أجاز لغير المؤمنين الحرية الاقتصادية وإدارة الحكم الذاتي ...إن الإسلام كان متسامحاً بوجه عام مع أتباع الديانات الأخرى ...وإن ما حققه الدين اليهودي من ازدهار بحرية في ظل الإسلام ما كان بالإمكان تحقيقه في بداية انتشار الديانة المسيحية "ويواصل دوغلاس ريد قوله - وإن " إمكانيات الازدهار " هذه تم خلقها لليهود من قبل الإسلام على الأراضي الأوروبية في أسبانيا لقد فتح الإسلام الغرب ليدخله بذلك " أعنف عدو ظالم [يعني اليهود ]...إلا أن نظرة الاحتقار تجاه اليهود من قبل الشعب الأسباني كانت قوية جداً بشكل عام ... وبغض النظر عن كراهية ونفور السكان تجاه اليهود والمارانو ؛ فقد كلف الملوك الأسبان وزراء المال من الطائفة اليهودية بصورة عادية خلال مرحلة طويلة بعد خروج الإسلام من أسبانيا )) ويضيف دوغلاس ريد إن المؤرخ اليهودي الصهيوني اعترف وأكد (( أن اليهود قدموا " مساعدات مالية "لمسيحيي الشمال في الغرب أثناء صراعهم مع المسلمين القادمين من الجنوب )) (دوغلاس ريد ص 120- 121). هذا رغم أن المسلمين هم الذين قدموا الأمن لليهود بدخولهم الأراضي الأوروبية آمنين على أموالهم ودماءهم وديانتهم .

وكان هذا وضع اليهود في أسبانيا حتى عهد المعتمد بن عباد , ويبدو أن اليهود في تلك المرحلة التاريخية قد توصلوا إلى نظام عالمي جديد يخضعون فيه المسيحيين في ممالك أسبانيا النصرانية لنفوذ الحكومة اليهودية الخفية ؛ تحت طائلة حاجة حكومات أسبانيا لتغطية مصروفات الحرب التي تغذيها القروض اليهودية ضد المسلمين , وأمام ضعف المسلمين فقد كان اليهود يقدمون القروض للنصارى في حربهم الصليبية بالأندلس مقابل أن يعهد لهم أخذ الجزية التي فرضت على ملوك الطوائف بما فيهم من ضعف أدى إلى قبولهم لذلك الوضع الذليل .

يقول المقري التلمساني : ((قال ابن اللبانة رحمه الله تعالى : ولم يزل المعتمد بخير إلى أن كانت سنة خمس وسبعين وأربعمائة ووصل اليهودي ابن شاليب [وهو ربما هو عضو الحكومة الخفية اليهودية بأسبانيا آنذاك ] لقبض الجزية المعلومة مع قوم من رؤساء النصارى وحلُّوا بباب من أبواب أشبيلية فوجه لهم المعتمد بن عباد المال مع جماعة من وجوه دولته , فقال اليهودي : والله لا أخذت هذا العيار , ولا آخذه منه إلا مشجراً , وبعد هذا العام لا آخذ منه إلا أجفان البلاد , ردوه إليه , فرُد المال إلى المعتمد ؛ وأعلم بالقصة , فدعا بالجند , وقال : ائتوني باليهودي وأصحابه , واقطعوا حبال الخباء , ففعلوا وجاؤوا بهم , فقال : اسجنوا النصارى واصلبوا اليهودي الملعون , فقال اليهودي : لا تفعل وأنا افتدي منك بزِنَتِي مالاً, فقال : والله لو أعطيتني العدوة والأندلس ما قبلتهما منك ؛ فصُلِب , فبلغ الخبر النصراني [ألفونسو ] فكتب فيهم [ أي بالسجناء من النصارى ] فوجه إليه بهم , فأقسم النصراني أن يأتي من الجنود بعدد شعر رأسه حتى يصل إلى بحر الزقاق , وأمير المسلمين يوسف بن تاشفين إذ ذاك محاصر سبتة , فجاز المعتمد إليه , ووعد بنصرته , فرجع , وحث ملوك الأندلس على الجهاد, ثم وصل ابن تاشفين فكانت وقعة الزلاقة المشهورة , ورجع ابن تاشفين إلى المغرب , ثم جاز بعد ذلك إلى الأندلس , وتوهم ابن عباد أنه إذا أخذ البلاد يأخذ أموالها ويترك الأجفان , فعزم ابن تاشفين على أن يخلع ملوك الأندلس , ودارت إذ ذاك مكايد جمة ...وكان ذلك بدسيسة من بعض أهل الأندلس نصحا لابن تاشفين ))(المقري التلمساني , نفح الطيب , ج 4 , 246-247).

لقد كانت الحكومة الخفية لليهود المستقرة تحت مملكة ليون وقشتالة تريد من المعتمد بن عباد منحها أطراف البلاد كمقاطعات أو إقطاعيات خاضعة لجباية اليهود أو الحكومة الخفية مباشرة ؛ مقابل تأمين أموال سلفاً ونقداً للحكومة الأسبانية ؛ وحين رفض ابن عباد وقتل مبعوث تلك الحكومة الخفية ( السرية ) غضبت كل العملاء لتلك الحكومة , فالملك الفونسو أجبر على شن حرب لا هوادة فيها ضد المعتمد , وحين وجد المعتمد الحل في مواجهتهم بالاستنصار بابن تاشفين قام عملاء الحكومة اليهودية السرية من المسلمين وأهالي الأندلس ؛ بتحريض ابن تاشفين باسم المصلحة العليا للمسلمين بالقضاء على حكم المعتمد بن عباد وأسرته ولعل هذه القصة التاريخية تقطع السنة كل المتهكمين بحقيقة المؤامرة بأنها قديمة منذ أكثر من ألفي عام .

لو قرأ أحد المشككين هذه القصة لتصنع ضحكاً مدوياً وسيقول وهل ستشن أسبانيا النصرانية حرباً ضد المعتمد بن عباد من أجل يهودي , لعل الإجابة لدى البروفيسور عبدالوهاب المسيري في كتابه ( اليد الخفية دراسة في الحركات اليهودية الهدامة والسرية ) يقول في ص61-62 : (( ولعل حادثة ديفيد باسيفيكو (1784-1854) تلقي مزيداً من الضوء على المصالح اليهودية وباسيفيكو هذا هو تاجر ودبلوماسي بريطاني يهودي ولد في جبل طارق , وأخذته أعماله التجارية إلى البرتغال ...وعين قنصلاً عاماً للبرتغال لدى المغرب ثم لدى اليونان بين 1837- 1842م , ولكنه أقيل من منصبه نتيجة خلافات مع الحكومة البرتغالية ...وظل باسيفيكو باليونان حتى 1847 مشتغلاً بالتجارة , ولكنه دخل في مواجهة خطيرة مع الحكومة اليونانية أسفرت عن مجيء الأسطول البريطاني إلى شواطئ اليونان مما أثار ضجة كبيرة في أنحاء أوروبا وداخل بريطانيا ؛ ففي هذا العام منعت الحكومة اليونانية الجماهير المسيحية من إجراء الطقوس التقليدية لعيد الفصح , وهو إحراق تمثال خشبي يرمز إلى يهوذا , وذلك احتراماً لوجود أحد أفراد عائلة روتشيلد المالية اليهودية في أثينا لإجراء مفاوضات مع الحكومة اليونانية بخصوص قرض , وقد استثار ذلك غضب الجماهير التي تظاهرت وهاجمت منزل باسيفيكو ودمرته وأحرقت أوراقه , وقد طالب باسيفيكو الحكومة اليونانية بتعويض قدره 800 ألف دراخمة, وأيده في ذلك ممثل إنجلترا لدى اليونان باعتبار أن باسيفيكو من رعايا بريطانيا, وقد رفضت الحكومة اليونانية طلبه ؛ بل قامت بمصادرة أملاكه وإزاء ذلك أمر بالمرستون وزير الخارجية البريطاني آنذاك الأسطول البريطاني بفرض حصار على ميناء بيريوس اليوناني ,كما استولى البريطانيون على 200 سفينة يونانية واستمر الحصار من يناير 1850م حتى أبريل من نفس العام ؛عندما رضخت الحكومة اليونانية , ودفعت لباسيفيكو تعويضاً قدره (150,000) تراخما (دراخمة ).وقد أثارت هذه الحادثة التي تضمنت تحريك الأسطول البريطاني لمعاقبة حكومة مسيحية لصالح يهودي ضجة في أنحاء أوروبا وداخل بريطانيا فأعربت كل من روسيا وفرنسا وبروسيا عن غضبها البالغ وتشكلت في إنجلترا جبهة معارضة لبالمرستون حاولت إقصاءه من منصبه )).

فقد تختلف الأزمنة التاريخية والأمكنة الجغرافية والفاعلين لتلك الأحداث ولكن تبقى الأسباب التي قد تعطي نفس النتائج .وهنا ندخل إلى القصة المعاصرة فمن المعروف للجميع أن الرئيس العراقي السابق صدام حسين قد صرح بمجرد توقف الحرب العراقية الأيرانية وشعوره بنشوة انتصاره على أيران ؛ بأن أقسم أن يحرق نصف إسرائيل إذا ما حاولت الاعتداء على العراق , وقد قال هذا التصريح الخطير مع إعلانه باكتشاف العلماء العراقيين عما أسماه هو في حينه ( الكيميائي المزدوج ) وقد كان هذا التصريح هو توقيع شهادة الوفاة ليس لحكم صدام حسين وإنما لوحدة دولة العراق ولعلنا هنا نقول بأنه حتى لو م يصرح صدام حسين بذلك التصريح ولو لم يقوم بذلك الخطأ الإستراتيجي العظيم الذي جلب للأمة كل مصائبها وهو احتلاله للكويت فإن المؤامرة ستجد أسباباً أخرى لتدمير العراق الذي كانت قوته العسكرية والبشرية والاقتصادية خطراً حقيقياً على إسرائيل .

ويقول روجيه جارودي الفيلسوف الفرنسي المسلم في كتابه ( حفارو القبور الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها ) نقلاً عن مجلة كيفونيم أي ( اتجاهات ) والتي تنشرها المنظمة الصهيونية الدولية بالقدس حيث نشرت مقالة في عددها رقم 14 فبراير عام 1982 عن "خطط إسرائيل الإستراتيجية في الثمانينيات " ((... أما العراق ذلك البلد الغني بموارده النفطية , والذي تتنازعه الصراعات الداخلية ؛ فهو يقع على خط المواجهة مع إسرائيل , ويعد تفكيكه أمراً مهماً بالنسبة لإسرائيل ؛ بل إنه أكثر أهمية من تفكيك سوريا ؛ لأن العراق يمثل على المدى القريب أخطر تهديد لأمن إسرائيل )) ( جارودي ص 42).وبغض النظر عن مختلف الآراء تجاه حكم الرئيس العراقي إلا أن المعروف أنه فقد حكمه لها السبب بالذات




يتبع
 

يارب الموضوع يعجبكم

تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق