الأربعاء، 29 يونيو 2016

بحوث 00 دراسات 00 مقالات 00 نظريات 00 رؤى تاريخيه 15

بحوث 00 دراسات 00 مقالات 00 نظريات 00 رؤى تاريخيه 15


اللقاءات السرية بين حافظ إسماعيل وكسينغر


وعلى جبهة العلاقات مع واشنطن كانت بداية عام 1973 أي بعد تجديد ولاية الرئيس نيكسون فاتحة لاتصالات على مستوى عال بين القاهرة وواشنطن وجرى بعضها في كنف السرية، ففي فبراير/ شباط قام حافظ إسماعيل أيضا بزيارة سرية إلى واشنطن والتقى خلالها بالرئيس نيكسون ومستشاره للأمن القومي حين ذاك هنري كيسنغر، حيث تعرض وثائق الخارجية الأميركية مذكرة كيسنغر إلى نيكسون حول الاجتماع بين المستشارين ورجالهما ويُعَد هذا الاجتماع ثاني جولة من سلسلة اللقاءات السرية التي انطلقت بين الجانبين بعد تبادل الرئيسين نيكسون والسادات للرسائل العلنية بينهما.

ديفيد واتكين- عضو البرلمان البريطاني حزب المحافظين وقت الحرب: مثل الكثيرين في المناصب العليا في مختلف أنحاء العالم وفي مختلف الحكومات أعتقد أن السادات بالغ في قياس حجم قدراته.



وكان الاجتماع الأول قد عقد في كنكتيكت إلى الغرب من واشنطن في الأيام من الرابع والعشرين إلى السادس والعشرين من فبراير شباط عام 1973 وارتأى الجانبان هذه المرة عقد الاجتماع الثاني في فرنسا.



ما يجمع بين موقعي اللقاءات السرية بين المسؤولين الأميركيين والمصريين هو أن كيسنغر كان من اختارهما وربما لم يكن من قبيل الصدفة أن تكون مدينة كنكتيكت هي التي نشأ فيها كيسنغر وأن يكون الشاليه الواقع بمنتجع مولان سانت فارجو في بلدة روشفور شمال باريس ملكا لسيدة يهودية تعيش في نيويورك.

سيرغي بوادوفي: فرنسا لم يكن لها أن تلعب دورا وإنما كانت فقط وسيطة وكانت مستعدة من أجل السلام العالمي لتسهيل الاتصالات التي كانت الولايات المتحدة الحليفة لفرنسا تريد إقامتها.



في شاليه روشفور وتحديدا في الساعة العاشرة وخمسة عشرة دقيقة كان الجميع في ردهة المنزل يتناولون فنجان قهوة ويتبادلون أحاديث خفيفة وتشير الوثيقة في بدايتها إلى الصعوبات التي واجهت الوفد المصري قبل المغادرة لحضور الاجتماع بسبب تسريب الصحافة الإسرائيلية تقارير عن صفقة أسلحة أميركية جديدة لإسرائيل وخيم هذا الموضوع على بدايات المحادثات وحاول كيسنغر التقليل من أهميته، لكنه ترك في ثنايا حديثه لمخاطبيه إشارات ملتبسة تتراوح بين حقيقة العلاقات الأميركية الإسرائيلية العميقة وبين وجود أطراف في أميركا ربما تريد عرقلة مثل هذه اللقاءات المصرية الأميركية.

ويليام كوانت: في الواقع كان هذا جزءا من إستراتيجية كيسنغر وهي أن يوضح تماما أن أميركا تساند إسرائيل مع توضيح نقطة أنه إذا أردت أن تهتم بقضاياك تخلص من الروس وتعامل معنا مباشرة.

جدعون روز: في ذلك الوقت كانت الولايات المتحدة الأميركية تواجه عدة أزمات؛ المواجهة بين الشرق والغرب أثناء الحرب الباردة ونتائج ما بعد حرب فيتنام والاضطرابات الداخلية.



وتبرز الوثيقة أنه في هذه المرحلة الأولى من المحادثات المصرية الأميركية كان لدى القيادة المصرية بصيص من الأمل في الدور الأميركي، يستشف كيسنغر في بداية تقريره أن مستشار الأمن القومي المصري حافظ إسماعيل قد جاء إلى هذا الاجتماع للقيام بالمزيد من الاستكشاف لنوايا البيت الأبيض وليس لمناقشة العناصر الأساسية لاتفاق مصري إسرائيلي محتمل والنتيجة كانت أن المحادثات المصرية كانت أقل فائدة من المرة الماضية ولكنني شعرت أنه تم تحقيق تقدم أكبر مقارنة بالمرة الماضية من ناحية اقتناع إسماعيل بالمنطق وواقع الأسباب الداخلية التي تقف وراء اقتراحنا بالتحرك نحو التسوية وفقا لتوجه يقوم على سياسة الخطوة خطوة، ففي المرة الماضية استمع جيدا ولكن فقط في هذا اللقاء الثاني شعرت أنه فهم تماما سياسة نتائج الخطوة خطوة التي نقترحها.

ويليام كوانت: تقييم كيسنغر للقائه الأول بحافظ إسماعيل كان بأنه بداية للعلاقات مع مصر وأنهما تحدثا بجدية وقال أنه يتفهم أن الوضع الحالي غير محتمل بالنسبة للمصريين، لقد قال ذلك فعلا لكن الحل سيأخذ بعض الوقت، أنت لا تستطيع حل الأمور بين عشية وضحاها.



كان اتفاق الطرفين في اجتماع فبراير على بحث طرق محددة من أجل ضمان أمن إسرائيل في سيناء مع استعادة مصر للسيادة عليها وصيغة بيان عام حول اتفاق سلام مؤقت يندرج في سياق مسلسل يؤدي إلى اتفاق سلام نهائي، غير أن كيسنغر يلاحظ أن إسماعيل كان حريصا على استكشاف نوايا واشنطن وبدائلها لتحريك إسرائيل.

سيرغي بوادوفي: لابد من معرفة وضع كيسنغر الذي عمل آنذاك بذكاء ومهارة كبيرين، الرئيس نيكسون كان معرضا لانتقادات كبيرة في قضية ووترغيت وبالتالي فإن هامش تحركه سياسيا كان محدودا.



ويوضح تقرير كيسنغر الملاحظات التي أبداها إسماعيل عن الدور الأميركي بقوله إسماعيل وجد ترددا مستمرا من قبل البيت الأبيض فيما يتعلق بالدور الذي ستلعبه إذا كان هناك مثل هذا الدور ومن غير الواضح أن البيت الأبيض قد قرر أن يضع ثقله خلف جهود تحقيق تسوية سلمية.

ويليام كوانت: وكان السادات يشير في تصريحاته إلى إمكانية عقد اتفاق للسلام حتى إنه استخدم كلمة السلام، كما شملت تصريحاته كلمات عن عقد اتفاقيات وأشياء من هذا القبيل ولم يهتم كيسنغر بهذه التصريحات على الإطلاق.



وفي حديثه إلى كيسنغر رسم إسماعيل صورةً عن دواعي القلق المصري في الاعتبارات التالية؛ قرار مواصلة إمداد إسرائيل بالطائرات خلال 1974 و1975 ذو دلائل واضحة للغاية، قرار توفير مساعدة تكنولوجية للصناعة العسكرية الإسرائيلية خطير لأنه سيحرر إسرائيل من تأثير الولايات المتحدة، قيام الولايات المتحدة بتمويل خمسين مليون دولار من أجل توطين المهاجرين من الاتحاد السوفيتي يوفر المزيد من المساندة لنمو إسرائيل، تهديد واشنطن باستخدام الفيتو ضد مشروع قرار مجلس الأمن بشأن الغارات الإسرائيلية على بيروت، لقد لاحظت مصر كيف أن الضغط من الكونغرس الأميركي أجبر الإدارة الأميركية على الرغم منها في ممارسة الضغط على الاتحاد السوفيتي من أجل تهجير اليهود السوفيت وهذا الأمر دعى مصر إلى التساؤل إذا ما كانت الولايات المتحدة حرة في لعب دور في الشرق الأوسط، لا يمكن استبعاد وجود تعاون نووي بين الولايات المتحدة وإسرائيل وعلى هذه الاعتبارات وضع إسماعيل استنتاجاته ورسم سيناريوهات لمستقبل الأوضاع وضمنها الخيارات المتاحة بالنسبة لمصر وتضمنت الاستنتاجات رسالة إلى الجانب الأميركي مفادها أن القاهرة تنتظر تعامل أميركي مختلف معها بعد قرار طرد الخبراء السوفيت وذهبت انتظارات القاهرة إلى حد مطالبة واشنطن بنهج سياسة توازن وتعامل متعادل بين مصر وإسرائيل.

ريتشارد باركر- دبلوماسي أميركي سابق: كيسنغر كمستشار للأمن القومي وبعد أن أصبح وزيرا للخارجية كان يعتبر الشرق الأوسط لعبة بيننا وبين السوفيت ولم يكن يعير ما يجري محليا وما يفعله الناس الاهتمام المطلوب.

عمنون ريشيف: أعتقد بأن كيسنغر رغم كونه يهوديا خدم أولا وقبل كل شيء المصلحة الأميركية والتي مفادها أن يكون هدوء وسلام في الشرق الأوسط.

ويليام كوانت: كان رأي كيسنغر أن المصريين انصرفوا من هذا الاجتماع وهم في غاية الإحباط لأن شيئا لن يتغير قريبا ولكن ذلك لم يقلقه فقد كان يفكر بأنه لو انتظر المصريون لآخر العام فإن أميركا ستبدأ في توجيه نظرها إليهم والانتباه لقضيتهم.



وتتلخص الخيارات المصرية التي طرحها إسماعيل في.. من الممكن أن تقبل باتفاقية مؤقتة والتي من المؤكد أنها ستتحول إلى اتفاق دائم أو أن بإمكانها التحرك نحو اتفاق نهائي وهو ما سيتطلب تنازلات هائلة من مصر، عدم استبعاد الخيار العسكري لكن طريقة طرحه من قِبَل إسماعيل جاءت في قالب تساؤل إنكاري يفيد الاستبعاد وإذا لم يكن أي من هذين التوجهين مقبولا فماذا يبقى لمصر سوى التحرك العسكري؟ وهنا يسجل كيسنغر في ملاحظاته تلك الفقرة.. إسماعيل قال في محادثاته المغلقة معي إنه يشعر أن القيام بتحرك عسكري الآن سيكون مغامرا للغاية ولذا فهو كان يفكر في المستقبل بعيد المدى.

فاديم كيربيتشينكو: أنا شخصيا كنت قد خضت جولات من النقاش وتبادل الرسائل مع الخبراء الأميركيين ومن ضمنهم السفير باركر الذي كان أحد المؤثرين في معهد واشنطن لشؤون الشرق الأوسط وأكدت له حقيقة أن الاتحاد السوفيتي لم يدفع العرب قط للتورط في حرب ضد إسرائيل.

ريتشارد باركر: رأى المصريون في شيء من المنطق بأنه لن يكون هناك سلام بالطرق السلمية ولابد من الحرب، إذ لا يمكن أن يتفاوضوا مع الإسرائيليين الذين يمسكون بكل الأوراق ويحتلون أراضي مصرية.



محمد أنور السادات: إذا لم نتوصل إلى الحسم في سنة 1971 ستظل القضية معلقة إلى ما بعد 1973 و1974 وهو ما تريده إسرائيل وما يريده الأميركان.



وكشفت الوثيقة أن المحادثات المصرية الأميركية حول قناة السويس وسيناء كانت تستدعي في مواقع عدة الحديث عن تداعيات الأوضاع الإقليمية والدولية على هذا الموضوع، فقد طرح إسماعيل على مخاطبه كيسنغر مدى ارتباط موضوع السويس بما سماه العقدة الإيرانية العراقية، كما أثار معه فكرة أحد المسؤولين الأميركيين نائب مدير دائرة الاستعداد للطوارئ الذي دعى لاحتلال منطقة الخليج كأحد بديلين ثانيهما التخلي عن الاعتماد على النفط العربي وكان واضحا من رد فعل كيسنغر أن طرح الموضوع استفزه برغم ضحكه عندما كان إسماعيل يسرد هذه المعلومات ووصف كيسنغر فكرة احتلال مصادر النفط في الخليج بأنها فكرة سخيفة لا ينبغي مناقشتها، لكنه سارع لطمأنة إسماعيل بقوله بأية حال مصر ليست تلك الدولة الرئيسية المنتجة للنفط.

جدعون روز: كيسنغر علامة فريدة في الدبلوماسية الأميركية قد يكون من أذكى الدبلوماسيين الأميركيين فهو الأكثر نفاقا والأكثر سخرية.



لكن مجريات تلك الاتصالات تُظهر أن واشنطن لم يكن لديها دور فعّال في ثني إسرائيل عن نهجها وفي التاسع من نيسان/ إبريل عام 1973 صرّح السادات في مقابلة مع مجلة النيوزويك الأميركية بحتمية حدوث مواجهة شاملة مع إسرائيل بسبب احتلالها لسيناء والأراضي العربية الأخرى.

فاديم كيربيتشينكو: كان السادات يعتقد أنه بطرد الخبراء السوفيت ستقوم الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل لتطبيق قرار الأمم المتحدة 242 والخروج بالتالي من صحراء سيناء.



ريتشارد باركر: ولم نفعل ذلك لسببين؛ أولهما تأثير جماعات الضغط الإسرائيلية وما شابهها والثاني أننا لم نصدق أن المصريين قادرون على فعل شيء حيال ذلك ولأننا لم نتنبأ بوقوع الحرب.



يتبع

 

يارب الموضوع يعجبكم

تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق