الأحد، 27 مارس 2016

ديانة مغان و إيران القديمة

ديانة مغان و إيران القديمة
١ ـ ديانة مغان
إنّ أقدم ديانة لسكان إيران الأصليين غير الآريين هي ديانة مغان الّتي ظهرت قبل زرادشت وقبل حكم الماد، وتعني كلمة مغ (مغوش) في لغة إيران القديمة الخادم. ويبدو أن المغان هم أول من قطن إيران، ثمّ تعايشوا مع الآريين بعد زحفهم إليها، نظير ما حدث للدرافيديين في الهند. إن اصطلاح المجوس الذي يُطلق في العربية على الزرادشتيين مشتقّ من الكلمة المذكورة (مغوش).
ويعتقد بعض الباحثين أنّ الثنوية التي طرأت على ديانة زرادشت (أي الإيمان بإله الخير وإله الشر) قد تسرّبت إليها من ديانة مغان القديمة ، لأن كتاب الغاثا، وهو أقدم أجزاء الأفستا والذي اتسم بطابع إيراني، لم يُعثر فيه على أي أثر للثنوية المذكورة، ولكن يظهر من الكتب التاريخية أنّ ديانة مغان القديمة اتسمت بالثنوية ، وآمنت بالبعث أيضاً.


٢ ـ ديانة ميترا (مهر)
يعتقد الميترائيون أنّ الإلهة ميترا ظهرت لأول مرة في الغار على هيئة إنسان ، وآمنت بها مجموعة من الرعاة كانوا على مقربة من ذلك المكان. ثم أمسكت ثوراً فذبحته ونثرت
دمه على الأرض، فأي مكان سقطت عليه قطرة دم، حلّ فيه الخصب. إلاّ أنّ الإلهة ميترا لم تبق طويلاً ، بل صعدت عقب عدّة سنوات إلى السماء، وظلّت روحها على استعداد دائم لمعونة عبادها في الأرض. وحيث أنها ظهرت لأول مرة فيالغار، فقد شيدت ـ من أجل عبادتها ـ المعابد والهياكل في المغارات والكهوف، وما زالت آثار هذه المعابد المتروكة قائمة في مناطق من أوروبّا.

١٢. المباديء ، المراسم والعبادات
إنّ الذين أقبلوا على عبادة ميترا، كان عليهم أن يطووا سبع مراحل، وقد منحوا كل مرحلة اسماً خاصاً، فأطلقوا على المرحلة الخامسة اسم «پارس» ، وعلى السادسة اسم «الشمس» وعلى السابعة اسم «الأب» ، ثم تلي هذه المراحل مراسم الخبز والعسل، وهي تشبه إلى حدّ كبير مراسم الخبز والشراب المسيحي، وفي آخرها يمارسون عملية التعميد بدم ثور.
ويقال إنّ الكثير من معتقدات المسيحية ومراسمها قد أُخذت من ديانة ميترا.


٣ ـ ديانة زرادشت
أخذ الآريون ـ بعد عدّة قرون من استقرارهم في إيران ـ بالاستيطان تدريجياً في المدن، الأمر الذي ترك تأثيره على رؤيتهم الكونية.
وفي تلك العصور ، نهض مصلح اسمه زرادشت، دعى الآريين الذين سئموا الخرافات إلى دين جديد، ونبذ دين مغان، وزعم أنه مبعوث من قبل إله الخير والنور، وأنه استمد رسالته من آهورا مازدا (Ahura Mazda)مباشرة لينقذ العالم من الظلام والشر، ويسوقه إلى الخير والنور.
ويطلق على الزرادشتيين أسماء أخرى مثل غبر، مجوس ، پارس. وتعني كلمة غبر
في اللغة السريانية الكافر، وهذه التسمية أطلقها عليهم الآخرون. كما أنّ اصطلاح (المجوس) في اللغة العربية اسم جنس جمعي، ومفرده مجوسي.
وقد طرأت تحوّلات وتغييرات على ديانة زرادشت نحو قرن واحد قبل الميلاد، وسُمّيت بعد التعديل ديانة مزديسنا، وتعني في اللغة مدح مزدا.

١٣. سيرة زرادشت
ساورت العلماء شكوك حول الوجود التأريخي لنبي إيران القديمة، وإن اتفق أغلبهم على استبعاد نفي وجوده. إنّ كلمات من قبيل : زردشت ، زرتشت، زردهشت، قد اشتقت معظمها من مصطلح زر ثوشتر (Zarathushtra)الذي ورد ذكره في الغاثا (وهو جزء من الكتاب السماوي لزرادشت)، والذي يساوي ـ طبقاً لأصح النظريات ـ زرد اشتر ، وتعني صاحب الناقة الصفراء.
أما اسم والده، فهو بوروشَسب (أي صاحب الجواد الهرم)، واسم والدته دغدوية، ويعني (حالبة البقرة)، واسم أسرته أسبيتمان، ويعني (العِرق الأبيض).
ويعتقد المؤرّخ الإسلامي الشهير الطبري وأتباعه أنّ زرادشت كان من فلسطين ثم انتقل إلى إيران، إلاّ أنّ القول الصحيح والمشهور أنه من أذربيجان في إيران، وأنه بُعث عند جبل بالقرب من بحيرة أورومية(١).
واختلفت وجهات النظر حول زمان زرادشت، حتى قيل إنه ظهر سنة (٦٠٠٠ ق.م) ، ولكن وفقاً للنظرية المشهورة، فإنه ولد سنة ٦٦٠ ق.م.، وبُعث سنة ٦٣٠ ق.م. (وهو في سنّ الثلاثين)، وقُتل سنة ٥٨٣ ق.م. (وهو في سنّ ٧٧ ) في بيت النار في مدينة بلخ بأفغانستان ، إثر مداهمة المدينة من قبل الغزاة.

١ ـ ذهبت الكتب الدينية للزرادشتيين إلى قدسية مياء هذه البحيرة.

وعلى الرغم من أنّ بعثة زرادشت ورد ذكرها في شاهنامة الفردوسي، إلاّ أنها أُدرجت في قسم الأساطير من الكتاب المذكور، نظراً إلى تضارب الآراء حول شخصية غُشْتاسب (الملك الذي دعاه زرادشت إلى دينه الجديد) ، حيث يعتقد البعض أنه هو فيشتاسب والد داريوش الهخامنشي، في حين ثبت تاريخياً أنه كان والياً، ولم يكن ملكاً.

٢٣. تعاليم زرادشت
ثمّة أصول ثلاثة نادت بها ديانة زرادشت، هي: القول الحسن، والعمل الحسن، والفكر الحسن، ونحن نجد نظائر هذه الأصول في الأديان المختلفة كالإسلام ، حيث ورد فيه «الإيمان قول باللسان، وإقرار بالجَنان،وعمل بالأركان».
ومن أبرز مظاهر ديانة زرادشت، هي احترام النار باعتبارها مظهراً من مظاهر إله النور، والإبقاء على شعلة النار مضطرمة، وإقامة مراسم خاصة حولها في معابد تُعرف ببيوت النار، وحثت أيضاً على العمران والزراعة والرعي واستيطان المدن، واحترام الحيوانات لاسيما الكلب والبقرة. كما تمتع حسن المعاملة مع الناس بمكانة بارزة في هذه الديانة. وقد ارتبطت بعض العادات والرسوم الرائجة في إيران بتعاليم زرادشت، وظهرت عند بعض الزنادقة في القرون الأولى للإسلام نزعات زرادشتية.

٣٣. أفِستا
يُسمّى الكتاب السماوي للزرادشتيين أفستا، ويعني الأساس واللبنة والمتن، وقد كتب باللغة الأفستائية التي كانت سائدة في إيران القديمة، والتي تتحد في أصولها مع الّلغة الفهلوية والسانسكريتية. ويعتقد العديد من المحققين أنّ الخطّ الأفستائي قد ظهر في العهد الساساني (٢٢٦ - ٦٤١ م)، وكان أفستا في بداية الأمر محفوظاً في الصدور، ثم كُتب بالخطّ المذكور، وقيل إنه نجز بعد ظهور الإسلام.
ومهما يكن من أمر، فإن أغلب الباحثين متفقون على أن أصل أفستا كان ضخماً للغاية، حتى قيل إنه نسخ على (١٢٠٠٠) جلد من جلود البقر، أما الأفستا الموجوداليوم، فهو يضم (٨٣٠٠٠) كلمة، ويحتمل أن أصله كان يضمّ (٣٤٥٧٠٠) كلمة (أي أربعة أضعاف).
ويتألّف أصل أفستا من (٢١) نَسْكاً (كتاب أو قسم)، ولايختلف عنه الأفستا الموجود، حيث يتألّف من (٢١) نسكاً أيضاً.
وينقسم أفستا إلى خمسة أقسام:
١ـ الياسنا (أي العبادة والمهرجان) ، ويطلق على مقطع منه اسم الغاثا(ويعني النشيد). وهذا القسم ـ وهو أشهر أقسام الأفستا، ويضمّ أدعية ومعارف دينية ـ يُنسب إلى زرادشت نفسه، في حين تُنسب سائر أقسام الأفستا إلى زعماء ديانة زرادشت.
٢ـ الفسبريد (أي الزّعماء و الأعيان) ، ويشتمل على أدعية.
٣ـ الفانديداد (أي القانون المضاد للشيطان) ، ويُعنى بمسائل الحلال والحرام والطهارة والنجاسة.
٤ـ الياشت (أي أدعية الأناشيد والتسابيح).
٥ـ مجموعة نصوص قانونية (أو الأفستا الصغير) ، وتتطرق إلى الأعياد والمراسم المذهبية وأناشيدها.
و لدى الزرادشتيين ـ إلى جانب كتاب أفستا ـ كتاب تفسيري يسمّى زَنْدأفستا، وكتب مقدّسة أخرى دُوّنت بالّلغة الفهلوية.

٤٣. قصة الخلق وعقيدة الثّنوية
لا يعلم أحد على وجه التحديد، متى بدأ الزرادشتيون بالنزوع إلى إله الخير وإله الشر أو إله النور وإله الظلمة.
ونطالع في الغاثا (قسم الياسنا من أفستا) المنسوب إلى زرادشت نفسه، أن أهريمن
جابه العقل المقدس، ولم يجابه آهورامازدا (الإله الواحد المهيمن على إله النور والظلمة) .
كما ظهرت في العصر الساساني جماعة من الزرادشتيين تُعرف ب «الزُّرفانيين»، كانت تعتقد بأنّ الإله واحد، وهو زُرفان (Zurvan) الذي تجاوزت عظمته عظمة إله النور والظلمة. وكان لهذه الفرقة في تلك الحقبة أتباع كثيرون(١).

٥٣. الآلهة
يُعلم من خلال مطالعة ديانة زرادشت، أنه قام بإصلاح ديني في أوساط الإيرانيين، بغية نبذ الخرافات التي ألمّت بالديانة القديمة للآريين. وكان في طليعة ذلك التبليغ لآهورامازدا ، وتزييف آلهة قومه التي كانت تُسمّى ديفا (ويعني الشيطان) ، و إطلاق اسم «آلهة دروغ دوستان» عليها.
و ثمّة ملائكة ستة (نظراء الملائكة في الأديان الإبراهيمية) يأتمرون بأمر آهورامازدا، أطلق عليهم اسم امشا سفندان ويعني الخلود المقدس، ولهم زعيم يُدعى سفنتاماينيو ويعني العقل المقدس. أما أسماء الملائكة فهي كالتالي:

١ ـ فوهمن (Vohuman)
٢ ـ آشفهيشتا(Asha-vahishta)
٣ ـ خشتُرا فائيريا(×shathra-vairya)
٤ ـ سبنتا آرمايتي (Spenta-armaiti)
٥ ـ هارفرتات (Haurvartat)
٦ ـ أمرتات(Ameretat)

١ ـ إنّ الإعتقاد بوجود مبدأيْن للعالم، كان مألوفاً في العصور القديمة، كما تظهر ملامح ذلك في المذهب الغنوصي. وهذا اللفظ (الغنوصي) يونانيّ الأصل، وهو يرادف نوستك (Gnostic)في العصر الحاضر.

ويعقب هؤلاء يزتات، وهم ثلاثون ملَكاً، ينضوون تحت لواء العقل المقدّس ضدّ أهريمن وجنوده.
يبلغ عمر الدورة الحالية للعالم ـ وفقاً لما ورد في ديانة زرادشت ـ ١٢٠٠٠ سنة، حكم فيها إله الخير طيلة ٣٠٠٠ سنة ، ظلّ خلالها إله الشر متوارياً في الظلام، وعقب انتهاء الفترة المذكورة خرج إله الشر من الظلام، واصطدم بإله الخير الذي استمهله ٩٠٠٠ سنة، وهو على يقين بأن النصر سيكون حليفه في نهاية المطاف، وإبّان هذه الفترة أخذ أحدهما يتحدّي الآخر من خلال خلق الخير والشر، وبعد ٣٠٠٠ سنة خُلق زرادشت، ومن ذلك الوقت بدأ ميزان القوى يميل لصالح إله الخير وجنوده ، واستمرّ في سيره الصعودي.

٦٣. آخر الزمان
ورد في الألفيات الزرادشتية (Zoroastrean Millennialism) أنّه يُنتظر ظهور ثلاثة منقذين من نسل زرادشت يملؤون الدنيا خيراً وعدلاً، وهم:

١ـ هوشيدر، ١٠٠٠ سنة بعد زرادشت.
٢ـ هوشيدر ماه، ٢٠٠٠ سنة بعد زرادشت.
٣ـ سوشيانس (أو سوشيانت) ، ٣٠٠٠ سنة بعد زرادشت، وبظهوره يصل العالم إلى نهايته.

٧٣. خلود الروح
يعتقد الزرادشتيون بخلود الروح، وبقائها ـ عند مفارقتها الجسم ـ في عالم البرزخ إلى يوم القيامة، ويعتقدون أيضاً بالصراط، وميزان الأعمال، والجنة والعذاب. إن جنة ديانة زرادشت تشبه الجنة التي جاء وصفها في الإسلام، ولكنّ اعتقادهم بقدسية النار دفعهم إلى القول بأن مأوى العاصين مكان بارد جدّاً وقذر ومليء بأنواع الدوابّ التي تنزل نقمتها بهم وتؤذيهم.

٨ ٣. الوضع الحالي
غادر الزرادشتيون قبل ألف عام بلاد إيران، وتوجّهوا إلى بومباي بالهند، ويبلغ عددهم فيها اليوم (١٥٠) ألف نسمة، ويُعرفون بالفارسيين، كما يقطن نحو (٥٠) ألف من الزرادشتيين في يزد وكرمان وطهران.
وقد ظهرت من هذه الأقلية الدينية شخصيات بارزة، نظير أرباب كيخسرو شاهرخ، ممثّل الزرادشتيين في مجلس الشورى الوطني الإيراني في عصر الشهيد المدرّس، وكان قد عيّن أميناً على خزانة المجلس، واشتهر بأمانته و صدقه. قال عنه الشهيد المدرّس وهو يتحدّث في المجلس : (يوجد مسلم واحد في هذا المجلس هو أرباب كيخسرو!)(١).
و عرف الزرادشتيون بالثقافة، و بحسن تعاملهم مع الآخرين.


٤ ـ المانوية
ظهرت المانوية في الفترة الممتدة بين ظهور المسيحية والإسلام، واستطاعت في مدة وجيزة أن تنتشر وأن تكتسب أنصاراً مخلصين ومتحمّسين، وهي في الواقع مزيج من معتقدات الصابئة والبوذية والزرادشتية والمسيحية، وازدادت رقعة انتشارها ـ بسبب أصولها العرفانية والإنسانية ـ لتبلغ سواحل الصين شرقاً، وتخوم أوروبا غرباً.
وقد ناصب حكّام إيران والروم العداء للمانويين، ومارسوا بحقّهم عمليات قتل جماعية، حتى أن محكمة التفتيش في أوربا قامت في القرن الثالث عشر الميلادي بحملات نشطة من أجل القضاء على ما تبقّى منهم.


١٤. سيرة ماني
ولد ماني في مدينة بابل عام (٢١٦ م) لأسرة إيرانية، وكان أبوه باتيك قد انتقل من همدان إلى بابل، واعتنق فيه دين الصابئة.
ادّعى ماني النبوة عام (٢٢٨ م)، وجاب مختلف البلدان لنشر دينه الجديد، وتوجّه عام (٢٤٣ م) إلى شابور الأول حين تتويجه ودعاه إلى دينه ، فرحّب به الشاه، وقد دوّن كتاباً باللغة الفهلوية الساسانية وأسماه «شابوركان» ، وجاب أيضاً بلاد آسيا الوسطى. وعاد بعد عشرين سنة إلى إيران زمن الشاه بهرام الأول الذي عاداه ، وتمكّن من قتله عام (٢٧٤ م).
وقام أتباعه بعد مقتله بالدعوة إلى المانوية، حتى انتشرت وسادت مناطق في أوروبّا والصين. ويقطن أغلب المناويين في آسيا الوسطى. وقد أخذت هذه الديانة بالاضمحلال إثر ضغط الزرادشتيين والمسيحيين، ثمّ اختفت تقريباً بعد انتشار الإسلام، إلاّ أن ثَمّة جماعة من المانويين بقيت تقطن ولقرون متمادية في البوسنة والهرسك، ثم انقرضت فيما بعد.
هذا وقد كانت المانوية مصدر إلهام لبعض الحركات القومية التي ظهرت في إيران في العصور الأولى من الإسلام، كما كان لبعض الزنادقة نزعات مانوية أيضاً.

٢٤. المصادر المانوية
كان العديد من المصادر المانوية متوفراً بعد قرون من ظهور الإسلام، وقد اعتمدت عليها الكتب التاريخية القديمة إلاّ أنّ هذه المصادر محاها الزمن شيئاً فشيئاً، و قد عُثرَ أخيراً على آثار مانوية في مدينة طورفان بتركستان بعد عمليات البحث والتنقيب التي أُجريت هناك. الأمر الذي زاد في معلوماتنا عن المانوية.
إنّ إحدى ابتكارات ماني، هو أنه استعان بالرسوم والصور لنشر أفكاره بين الناس
الذين تفشّى فيهم الجهل، كما قام بتدوين تلك الأفكار أيضاً، وفي هذا الإطار دوّن مجموعة تسمى «أرجنَغ» عُثر على بقايا منها أخيراً، وثمّة كتب أُخرى مصوّرة له ولأتباعه. وتنسب إليه الكتب الستة التالية:

١ـ شابوركان، كتبه باللغة الفهلوية، واكتُشف قسم منه في مدينة طورفان.
٢ـ انغليون (انجيل) ، ويضم تصاوير، ولعلّه هو «أرجنغ» السالف الذكر.
٣ـ جواهر الأحياء، ويشتمل على أحكام.
٤ـ براغماتيا (كتاب جامع).
٥ـ كتاب الأسرار.
٦ـ كتاب الشياطين.

٣٤. التعاليم والأصول
يقول ماني: «نشر الأنبياء الحكمة والحقيقة الإلهية في أصقاع متنوعة وفي أزمنة مختلفة، فتارة كان بوذا في الهند، وأخرى كان زرادشت في إيران، وثالثة كان عيسى في فلسطين، وأنا ماني نبياللّه‏، بُعثت لنشر الحقائق في أرض بابل».
إنّ معظم تعاليم ماني قائمة على أصول مسيحية و زرادشتية، واستحوذ الصراع بين النور والظلمة على أهمية خاصة فيها.
وقد قسّم المانويون المجتمع إلى خمس طبقات دينية، هي:

١ـ فريستغان أو الملائكة، وعددهم (١٢) ، وهم خلفاء ماني.
٢ـ ايسفاساغان أو الأساقفة، ويبلغ عددهم (٧٢).
٣ـ مهيشتغان أو القساوسة، وعددهم (٣٦٠).
٤ـ ويزيدغان أو المنتخبون، وهم كثيرون جداً، ويقع على عاتقهم نشر دين ماني.
٥ـ نغوشاغان أو الطائعون ، وهم أكثر عدداً من سائر الطبقات.

وقد التزم المانويون ـ نتيجة تأثّرهم بديانة زرادشت ـ بثلاثة أصول أخلاقية ، عرفت بثلاثة خواتم، وهي:

١ـ ختم الفم (الاحتراز عن القول البذيء).
٢ـ ختم اليد (الاحتراز عن العمل القبيح).
٣ـ ختم القلب (التنزّه عن الفكر السيّء).

يُذكر أنّ أتباع ماني كانوا نباتيين ، وليس للطبقات الأربعة الأولى حقّ الزواج أو اكتناز الأموال. ولدى المانويين صلاة وصوم، ومعابد تُعرف باسم (خانقاه) ، وهي تشبه خانقاه الصوفية في العصر الإسلامي.


٥ ـ المزدكية
للأزمات الإجتماعية دور رئيسي في ظهور الاعتقادات الدينية، والأديان التي تظهر في زمان أو مكان متأزّم تأخذ بالانتشار بسرعة، وخير شاهد على ذلك هو ديانة مزدك ذات الطابع الإجتماعي.
وقد أسهب الفردوسي في «الشاهنامه» الكلام عن مزدك، عندما تطرّق إلى حكم قباد، وقال : «كان مزدك حكيماً، حرّض الناس حينما أصابهم القحط على الهجوم على مخازن الحبوب والغلال، وبذلك اكتسب شهرة واسعة».

١٥. سيرة مزدك
برز مزدك بن بامداد بين أوساط حكماء وعلماء مدينة مازاريا على ساحل دجلة (وتعرف اليوم بكوت العمارة) في عهد الملك قباد (٤٨٨ ـ ٥٣١ م)، وقد أشار المؤرخون حتى من انتقده منهم إلى رصانة عقله وقوة منطقه وصفاته البارزة، وقالوا : كان زاهداً، بسيطاً في ملبسه.
ولم يدّع مزدك النبوة، بل كان يتّبع شخصاً يُسمّى بوندوس الذي قام في سنة (٣٠٠ م) بإجراء إصلاحات في الديانة المانوية ، واكتسب بذلك أنصاراً في إيران والروم.

٢ـ ٥. حركة مزدك
نطالع في «الشاهنامه» للفردوسي أن مزدك كان عاقلاً خطيباً، رأى يوماً جموعاً من الفقراء والبائسين، وهي تحتشد حول قصر الشاه مطالبة بالخبز، فقال للشاه ـ وكان يحتلّ منصباً في بلاطه ـ : إذا لدغت أفعي أحداً وشارف على الموت، وكان في متناول يد صديقه أو جاره دواء يشفيه، لكنه ضنّ به عليه، فما جزاؤه؟
فأجاب قباد: جزاؤه الموت. فقال مزدك: إذا احتاج الناس إلى الخبز، وامتنع عن إعطائه من يمتلكه، فما جزاؤه؟ فأجاب: جزاؤه الموت. عندئذ توجّه مزدك إلى الناس، وصاح بهم: اهجموا على المخازن، واحملوا ما فيها من غذاء لينقذكم من الجوع. فلما فعل الناس ذلك، انبرى قباد يوبّخ مزدك، فأجابه قائلاً: الناس جياع والمخازن مملوءة، وأنا فعلت ما يتفق وجهة نظرك. حينها اكتسب مزدك شهرة واسعة ، واعتنق قباد نفسه دينه الاشتراكي، ودعم انتشاره.
هذا الأمر لم يَرُق للأشراف وموبذان الزرادشتية، فأعلنوا عصيانهم على مزدك، وخلعوا قباد عن العرش، إلاّ أن قباد تمكن من استعادة المُلك، وفي هذه المرة أعلن عن تخلّيه عن مزدك وأعوانه، إلى أن جلس ابنه أنوشيروان ـ الذي حظي بدعم الأشراف وموبذان الزرادشتية ـ على العرش، فعمد إلى قتل مزدك وكثير من أتباعه عام ٥٢٨ م، ونجت جماعة منهم من القتل وظلّت مختفية، وكانت تظهر بين الفَيْنة والأُخرى إلى عقود من بزوغ الإسلام. وكان لبعض الزنادقة في القرون الأولى من الإسلام نزعات مزدكية.

٣٥. وجهات النظر
دونت أفكار مزدك في كتاب «مزدك نامه» ، وبعد ظهور الإسلام ، قام ابن المقفّع بترجمته إلى اللغة العربية ، وظلّ موجوداً عدّة قرون، ثم فُقد.
يُذكر أنّ مزدك يشترك مع كونفوشيوس وأفلاطون من جهات، لأن الطابع السياسي والإجتماعي كان يغلب على مذهبه.
وكان مزدك ينادي بالاشتراك في الأموال، وسعى إلى إلغاء الفوارق الطبقية، وجوّز الزواج بين الأشراف وغيرهم. جدير بالذكر أن ما عُرف عنه من القول بالاشتراك الجنسي لا أساس له من الصحة.

الخلاصة
أ ـ ديانة مغان: وهي أقدم ديانة لسكان ايران الأصليين غير الآريين ظهرت قبل زردشت وقبل حكم الماد.
ب ـ ديانة ميترا: يعتقد الميترائيون بآلهة ميترا التي ظهرت لأول مرة في الغار وكان عليهم أن يطووا سبع مراحل ثم تلي هذه المراحل مراسم الخبز والعسل وآخرها يمارسون عملية التعميد بدم الثور.
ج ـ ديانة زرادشت: نهض زرادشت ودعا الآريين الى دين جديد وزعم أنه مبعوث من قبل آهورامازدا لينقذ العالم من الظلام والشر إلى الخير والنور.
ولد زرادشت سنة ٦٦٠ ق.م وهو من أذربيجان في ايران وقتل سنة ٥٨٣ ق.م في معبد النار في بلخ.
وثمّة أصول ثلاثة نادت بها الزرادشتية هي : القول الحسن، والعمل الحسن، والفكر
الحسن، ومن أبرز مظاهرها احترام النار والإبقاء على شعلة النار مضطرمة وإقامة مراسم خاصة حولها في معابد تُعرف بمعابد النار.
وكتابها المقدس هو أفستا وقد كُتب باللغة الأفستائية.
د ـ المانوية: ظهرت المانوية على يد ماني (٢١٦ - ٢٧٤ م) في مدينة بابل، وادعى النبوة واستعان بالرسوم والصور لنشر أفكاره.
وقد قسّم المجتمع إلى خمس طبقات دينية، وحظر على الطبقات الأربعة الأولى الزواج أو اكتناز الأموال.
والمانوية في الواقع مزيج من معتقدات الصابئة والبوذية والزرادشتية والمسيحية.
و من أهمّ اصولها الأخلاقية هي : ختم الفم ـ ختم اليد ـ ختم القلب.
ه ـ المزدكية: ظهرت المزدكية على يد مزدك بن بامداد في مدينة مازاريا في عهد الملك قباد، ولم يدع النبوة بل كان يتبع شخصاً يسمّى بوندوس الذي قام بسلسة اصلاحات في الديانة المانوية.
وقد حرّض مزدك الناس حينما أصابهم القحط بالهجوم على مخازن الحبوب والغلال وبذلك اكتسب شهرة واسعة. قُتل على يد أنو شيروان عام ٥٢٨ م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق