الجمعة، 25 مارس 2016

السلوك لمعرفة دول الملوك الجــــزء3

السلوك لمعرفة دول الملوك الجــــزء3


السلوك لمعرفة دول الملوك


فشق ذلك عليه وقال : " إلى هذا الحد وصلنا ؟ " وأوقفه على ما تحصل له ، وعرض عليه الأجناد، وعرفه مبالغ إقطاعاتهم وجامكياتهم ، ورواتب نفقاتهم ثم قال : " وما يضبط هذا الإقليم العظيم إلا بالمال الكبير، وأنت تعرف أكابر الدولة وعظماءها، وأنهم معتادون بالنعمة والسعة، وقد تصرفوا في أماكن لا يمكن انتزاعها منهم ، ولا يسمحون بأن ينقص من ارتفاعها " ، وأخذ يجمع المال .
وفيها سار الأمير شمس الدولة تورانشاه ، أخو السلطان صلاح الدين ، إلى اليمن وذلك لشدة خوف صلاح الدين وأهله من الملك العادل نور الدين أن يدخل إلى مصر وينتزعهم منها، فأحبوا أن يكون لهم مملكة يصيرون إليها. وكان اختيارهم قد وقع على النوبة، فلما سار إليها لم تعجبه وعاد. وكان الفقيه عمارة اليماني قد انقطع الى الأمير شمس الدولة، ومدحه واختص به ، وحدثه عن بلاد اليمن وكثرة الأموال بها، وهون أمرها عنده، وأغراه بأن يستبد بملك اليمن ، وتعرض لذلك في كلمته التي أولها:
العلم مذ كان محتاج إلى العلم ... وشفرة للسيف تستغني عن القلم
ومنها :
فاخلق لنفسك ملكا لا تضاف به ... إلى سواك وأور النار في العلم
هذا ابن تومرت قد كانت بدايته ... كما يقول الورى لحما على وضم
وكان شمس الدولة مع ذلك جوادا كثير الإنفاق ، فلم يقنع بما له من الإقطاع بمصر، وأحب الوسع ، فاستأذن صلاح الدين في المسير، فأذن له واستعد لذلك ، وجمع وحشد، وسار مستهل رجب . فوصل إلى مكة فزار، ثم خرج منها يريد اليمن ، وبها يومئذ أبو الحسن علي بن مهدى ويقال له عبد النبي. فاستولى على زبيد في سابع شوال ، وقبض على عبد النبي، وأخذ ما سواها من مدائن اليمن ، وتلقب بالملك المعظم ، وخطب له بذلك بعد الخليفة المستضيء بأمر الله في جميع ما فتحه ، وبعث إلى القاهرة بذلك . فسير السلطان صلاح الدين إلى الملك العادل يعلمه بذلك ، فبعث بالخبر إلى الخليفة المستضيء ببغداد.
وفي سادس شعبان : قبض على أولاد العاضد وأقاربه ، وأخرجوا من القصر إلى دار المظفر بحارة برجوان ، في العشر الأخير من رمضان .
وفيها اجتمع طائفة من أهل القاهرة على إقامة رجل من أولاد العاضد، وأن يفتكوا بصلاح الدين ، وكاتبوا الفرنج ، منهم القاضي المفضل ضياء الدين نصر الله بن عبد الله بن كامل القاضي، والشريف الجليس ، ونجاح الحمامي، والفقيه عمارة بن علي اليماني، وعبد الصمد الكاتب ، والقاضي الأعز سلامة العوريس متولي ديوان النظر ثم القضاء، وداعي الدعاة عبد الجبار بن إسماعيل بن عبد القوى والواعظ زين الدين بن نجا، فوشى ابن نجا بخبرهم إلى السلطان ، وسأله في أن ينعم عليه بجميع ما لابن كامل الداعي من الدور والموجود كله ، فأجيب إلى ذلك ، فأحيط بهم وشنقوا في يوم السبت ثاني شهر رمضان بين القصرين ، فشنق عمارة وصلب فيما بين بابي الذهب وباب البحر، وابن كامل ش رأس الخروقيين التي تعرف اليوم بسوق أمير الجيوش ، والعوريس على درب السلسلة، وعبد الصمد وابن سلامة وابن المظبي ومصطنع الدولة والحاج ابن عبد القوي بالقاهرة، وشنق ابن كامل القاضي بالقاهرة يوم الأربعاء تاسع عشر شوال ، وشنق أيضا شبرما وأصحابه وجماعة من الأجناد والعبيد والحاشية وبعض أمراء صلاح الدين ، وقبض صلاح الدين سائر ما وجد عندهم من مال وعقار، ولم يمكن ورثتهم من شيء البتة، وتتبع من له هوى في الدولة الفاطمية، فقتل منهم كثيرا وأسر كثيرا، ونودي بأن يرحل كافة الأجناد وحاشية القصر وراجل السودان إلى أقصى بلاد الصعيد.وقبض على رجل يقال له قديد بالإسكندرية، من دعاة الفاطميين ، يوم الأحد خامس عشرى رمضان ، وقبض على كثير من السودان، وكووا بالنار في وجوههم وصدورهم


تتبع السلسة

يتبع





يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق