الخميس، 31 مارس 2016

كتاب تاريخ العالم-الفصل السابع-صنع أوروبا 7-19

كتاب تاريخ العالم-الفصل السابع-صنع أوروبا 7-19


ملوك العصور الوسطى


قد تكون سيطرة الملك على أتباعه أضعف من سيطرتهم على أتباعهم، ولا ريب أن ظل السيد المحلي سواء كان زعيماً علمانياً أو أسقفاً كان أوسع وأهم في حياة الرجل العادي من ظل ملك أو أمير بعيد قد لا يراه أبداً، وإنك ترى في القرنين العاشر والحادي عشر في كل البلاد ملوكاً خاضعين لنفوذ الزعماء الكبار. أما في إنكلترا الأنكلوسكسونية فلا يصح هذا الوصف إلا بأضعف درجاته، لأن تقاليدها الملكية كانت الأقوى بينها جميعاً. إلا أن الملوك كانوا على كل حال يتمتعون بنقاط من القوة لا تتاح لسواهم، فقد كان منصبهم فريداً وذا سلطة مقدسة وساحرة تثبتها الكنيسة إذ تمسحهم بزيتها المقدس. وكانوا يتميزون عن سواهم من الزعماء بالأبهة والمراسم التي تحيط بهم، والتي كانت أهميتها في حكومات العصور الوسطى مثل أهمية الوثائق الرسمية في أيامنا، فإذ كان بحوزة الملك فوق هذا كله أراض واسعة فإنه يكون قادراً على فرض إرادته أكثر من أي رجل آخر.

ولم يكن أحد غير الملوك وكبار الزعماء يتمتع بقدر كبير من الحرية في مجتمع العصور الوسطى الباكرة، لا بالمعنى القانوني للحرية فقط، ولكن بمعناها العام أيضاً، لأن حياة الناس اليومية كانت محدودة ومقيدة، ولم يعرفوا الأشياء الكثيرة التي اعتدنا عليها نحن اليوم. فلم يكن لدى الشخص العادي ما يفعله سوى أن يصلي ويقاتل ويصطاد ويزرع أو أن يدير عزبة يقوم فيها غيره بأعمال الزراعة بدلاً منه. ولم يكن أمام الناس من مهن فكرية يحترفونها عدا عن العمل في خدمة الكنيسة، وكان هامش التجديد في روتين الحياة اليومية هامشاً ضئيلاً، وكلما نزلت درجات السلم الاجتماعي كلما صارت الخيارات أضيق، كما أن خيارات المرأة كانت دوماً أضيق من خيارات الرجل. ولم يتغير الأمر إلا بصورة وئيدة ومتدرجة مع انتعاش التجارة وحياة المدن وتوسع الاقتصاد.


يتبع






يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق