Egypt.Com - منتدي مصر

ولعل رمسيس الثاني قد توصل إلى هذا الاستنتاج وشعر أنه قد طعن في ظهره ممن آوتهم مصر وأطعمتهم وأكرمتهم على مدى عدة قرون ومن هذا كان العذاب الأليم صبه الفرعون دونما رحمة أو شفقة على بني إسرائيل، لم يكتف بإنزال العذاب بهم بل وضع خطة لاستئصال شأفتهم فأعطى الأوامر إلى قتلهم عاماً وتركهم عاماً فيقل عددهم فلا يخشى بأسهم وفي نفس الوقت تبقى المنفعة من تسخيرهم في أعمال البناء.

وقد وجد في الآثار المصرية دليل على هذا التسخير عبارة عن عدة رسوم في مقبرة وزير اسمه (رخ مى رع ) سجل فيها ما قام به من أعمال كلّف بها لصالح بلاده، وأحد هذه الرسوم يبين تفاصيل صنع الطوب اللبن ثم عملية البناء وقد اكتشف هذه الرسوم عالم الآثار برسى نيوبرى Percy Newberry. وأهم ما في اللوحة هو لون البشرة الأبيض للعمال المسخرّين بينما الملاحظون المشرفون تبدو بشرتهم سمراء وهذا يشير إلى أن العمال هم من الساميين، والكتابة بجوار العمال يقول فيها: لقد أمدنا بالخبز والنبيذ وكل شيء حسن، أما الكتابة الموجودة بجوار أحد الملاحظين فتقول: السوط في يدي فلا تكونوا كسالى ! وفي هذا دليل على أن العمل يتم بالسخرة، ويرى وارنركيللر ( تاريخ الكتاب المقدس ص 110) أن هذا الرسم دليل مؤكد على صدق ما جاء في التوراة ( خروج 1: 13) فجعلوا عليهم رؤساء تسخير لكي يذلوهم بأثقالهم فبنوا لفرعون مدينتي مخازن فيثوم ورعمسيس ولكن بحسبما أذلوهم هكذا نموا وامتدوا فاختشوا من بني إسرائيل (أي خافوا منهم ) فاستعبد المصريون بني إسرائيل بعنف ومرّوا حياتهم بعبودية قاسية في الطين واللبن وفي كل عمل في الحقل كل عملهم الذي عملوه بواسطتهم عنفاً، وفي رسم آخر في نفس المقبرة تظهر مخازن الغلال في مدينة فيثوم – وصوامع القمح الحالية تشبهها شكلاً ولكنها تفوقها في الحجم كثيراً – ويبين الرسم طريقة ملئها بالحبوب من خلال فتحه في أعلاها يُصعد إليها بسلم أو منحدر، وقد رسم عامل يحمل على كتفه غرارة حبوب ويلاحظ أيضاً بشرته البيضاء للإشارة إلى أنه من الساميين أي من بني إسرائيل، ومما يذكر أن هذه المخازن كانت تشبه المخازن التي أمر يوسف الصديق بإقامتها في مصر لتموين البلاد في سنوات المجاعة.

كذلك جاءت إشارات في الكتابات المصرية عن بناء مدينة بررعمسيس وتسخير العمال من العابيرو ( بني إسرائيل) في قطع الحجارة ونقلها وبناء منشئات المدينة.

وفضلاً عن التسخير في أعمال البناء كانت أوامر ذبح المواليد الذكور فبلغ التعذيب ذروته.

وكان لا بد أن تتدخل السماء لإيقاف هذا العذاب الذي نزل ببني إسرائيل واختير موسى ليكون هو مخلصهم من هذا العذاب المهين ويقودهم إلى الخروج من مصر.

المصدر: كتاب موسى وهارون عليهما السلام من هو فرعون موسى؟ تأليف الدكتور رشدي البدراوي الأستاذ بجامعة القاهرة.