الأحد، 27 مارس 2016

إدعاء رمسيس الثاني الألوهية 3

إدعاء رمسيس الثاني الألوهية 3

هذا الانقلاب الديني زاد نفوذ الكهنة كثيراً وخاصة كهنة (رع) في هليوبوليس، وعلى الغرم من أن ملوك هذه الأسرة استمروا في بناء الأهرامات كأسلافهم – ربما حتى لا يكونوا أقل شأناً – إلا أن عنايتهم بها قلت كثيراً فكانت أهراماتهم صغيرة الحجم ( هرم أوسركاف 49 متراً وهرم سحورع 48 متراً ) ولكنهم زادوا من اهتمامهم بالمعابد، وبعد أن كانت المعابد جنازية ومقامة بجوار الأهرامات محجوبة عن الشعب – أصبحت مكشوفة للناظرين وأقيمت مسلة ضخمة على هرم ناقص، وكانت المسلة هي رمز إله الشمس (رع) وارتفع نجم (رع) كثيراً وأصبح اسمه يضاف إلى أسماء الآلهة الأخرى، سويك رع – مونت رع – ختوم رع وهكذا.... وبلغ إله الشمس في شخصيته الجديدة ( ملك الآلهة ) أسمى درجات التقدير حتى إن آمون نفسه إله طيبة أصبح اسمه ( آمون رع ) وبالطبع كثرت المعابد وكثرت القرابين وزاد الكهنة ثراء وقوة وخاصة كهنة (رع).

وتكررت الأسطورة مرة ثانية ولكن في طيبة هذه المرة إذا جاء في النقوش على المعابد ما ملخصه أن الإله ( آمون) أراد أن ينجب ملكاً يقوم بتشييد (منازل) للآلهة وتكثر على يديه القرابين التي تقدم لها فكان أن اختار زوجة الملك تحوتمس، وعندئذ تقمّص آمون شكل زوجها الملك تحوتمس واضطجع مع الملكة التي قالت له: لقد أسبغت على جلالتي من عظمتك وتسرب نداك في كل أعضائي ) ثم حملت وولدت وسميت الابنة ( حتشبسوت ) كما أمر بذلك أمون رع.

وتتكررت القصة مرة أخرى مع رمسيس الثاني وكتبت بطريقة سافرة إذ تقول إن الإله (بتاح) قد أكد لرمسيس الثاني أنه قد تنبأ بالأعمال العظيمة التي سيصنعها له هذا الملك فقال تقمصت صورة ( تيس منديس ) واضطجعت بجانب أمك الجميلة لكي تلدك وأصبحت أعضاؤك كلها إلهية ! وقد دونت هذه القصة فوق جدران معبد أبي سمبل الذي بناه رمسيس الثاني، وما دام الملك قد ولد كابن للإله فلا بد أنه لا يموت ميتة الآدمي فإذا ما انتهت حياته السعيدة فهو يصعد إلى السماء ويندمج في قرص الشمس التي خرج منها، وهناك أشياء أخرى اكتسبها الملوك من تلك الحقيقة (المزعومة) التي اعتبروها من خصائصهم كأولاد للإله وكائنات إلهية، فهو يحمل فوق رأسه ( الصل ) مثله في ذلك مثل إله الشمس، والصل هو ذلك الثعبان الذي يحرق الأعداء بزفيره الناري، وأصبح الصل هو الرمز الملكي يضعه الملك فوق جبينه أو فوق تاجه وأهم من ذلك أن الملك أصبح ينظر له بأن له اتصال خاص بالآلهة فهو منهم وابنهم وهم آباؤه وكان تأليه الفرعون بعد وفاته أمراً عادياً، إذ أن الفرعون بعد وفاته أصبح روحاً وانضم إلى (آبائه ) ويجوز عندئذ عبادته والتضرع له والتوصل به لقضاء الحاجات، على أن صورة الملك نفسه في هذه الحالات لا تظهر في الرسم، بل يستدل عليها من النقوش التي كانت تدون خلف الآلهة وتدل على روح الملك ( كا ) وجاء ذلك في رسوم عديدة على جدران المعابد، إلا أن رمسيس الثاني مضى في هذا الاتجاه لدرجة البعد من سابقيه، فقد ذكرنا سابقاً أنه كان شديد الفخر بنفسه لدرجة تقرب من جنون العظمة فلم يكتف بأن يكون ابناً للآلهة، فزعم أنه هو نفسه إلها، فأقام لنفسه معابد جعل إهداءها لنفسه، والقاربين تقدم فيها لشخصه باعتباره أحد الآلهة وليس بشراً من نصل الآلهة، بل زعم أنه من كبار الآلهة !

يتبع إن شاء الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق