بعد عودة رمسيس الثاني أحكم مواتاليس ملك خيتا القبضة على قادش، واتجه غرباً نحو أرض أمورو وعزل أمريها ونصل مكانه أميراً مواليا له، واتجه جنوباً نحو دمشق وجعل من هذه المنطقة أرضاً محايدة بينه وبين مصر وكانت من قبل في حوزة مصر، أي أن النتيجة النهائية كانت في صالح خيتا، ولكن فرحة ملك خيتا لم تدم، إذ انتهز ملك آشور الظروف واستولى على مملكة ميتاني في الفرات الأعلى والتي كانت موالية لملك خيتا وأمدته بجنود في معركته مع رمسيس الثاني.

قلنا إن رمسيس الثاني قَبِل الصلح مع ملك خيتا وعاد إلى مصر يسوق بعض الأسرى، وقد أكثر رمسيس الثاني من تسجيل وصف هذه المعركة في عدة أماكن على الآثار، وإن كنا سنطيل بعض الشيء في ذكر ما جاء بالآثار عن هذه المعركة فذلك لنوضح ما سبق أن ذكرناه سابقاً من أنه فور عودة رمسيس الثاني من هذه المعركة حتى بدأ حملة ضارية من التعذيب والتنكيل ببني إسرائيل كذلك لنلحظ أنه في كل الكتابات التي أمر بها عن المعركة أرجع الفضل في الانتصار في المعركة لشجاعته ورباطة جأشه وجاء في بعضها مبالغات تبعد كثيراً عن الحقيقة ولا يقبلها العقل ولعل هذه البطولة التي نسبها لنفسه جعلته يشعر أنه فعلاً فوق مستوى البشر وأنه يقرب من مستوى الآلهة، الأمر الذي أدى به فيما بعد إلى أن يدعي الألوهية.

وفيما يلي بعض الأماكن التي سجل عليها وصف هذه المعركة: ( مصر القديمة، سليم حسن، ج6 ص 246).

1- على الجدار الغربي الخارجي من ردهة أمنحتب الثالث في معبد الأقصر.

2- على الجدار الجنوبي الشرقي لردهة رمسيس الثاني في معبد الأقصر.

3- على بوابة معبد الأقصر.

4- على الجدار الغربي لمعبد العرابة المدفونة.

5- على البوابة الأولى لمعبد الرمسيوم.

6- على الجدار الشمالي للردهة الثانية في معبد الرمسيوم.

7- على الجدار الشمالي لمعبد أبو سميل سجّل ما يسمى بأنشودة معركة قادش.

8- برديتي ( ريفا ) و(سالييه).

وسنكتفي بذكر ما جاء في اثنتين من الكتابات:

1- كان وصف المعركة والخدعة في أحد هذه الكتابات كما يلي:

في السنة الخامسة الشهر الثالث من فصل الصيف كان ابن الشمس محبوب آمون ( رعمسيس) في حملته الثانية المظفرة في أرض زاهى في سرادق جلالته على الهضبة الجنوبية من قادش، وعندما طلع الفجر أشرق جلالته كما يشرق (رع)، وهنا أتى إليه اثنان من الشاشو (البدو) وقالا لجلالته قائلين إننا سنكون خدماً لفرعون، وقد فررنا من أمير خيتا الخاسئ، وهو يقيم في أرض حلب في الشمال، وهكذا جاء هذان البدويان ليقولا هذا الكلام لجلالته، ويروا المكان الذي فيه جلالته وليروا أنسب الأوقات حتى لا يكون جيش جلالته مستعداً، وصدق جلالته ما قاله البدويان، وسار شمالاً حتى وصل إلى الشمال الغربي من قادش وضرب هناك جلالته سرادقه على الشاطئ الغربي من نهر الأورنت، وأمكن القبض على جاسوسين آخرين أخبرا جلالته بأن جنود خيتا عبروا المخاض جنوبي قادش ثم اقتحموا قلب جيش جلالته، وتخاذل مشاة جلالته أمامهم فسار جنود خيتا شمالاً نحو المكان الذي فيه جلالته، وأحاط الأعداء بحرس جلالته وحينئذ انقض عليهم جلالته، وهو شجاع القلب ووجهه جذوة نار تحرق كل بلد أجنبي باللهب وصار كالأسد الهصور وقوته ترسل عليهم شواظاً من نار وكان جلالته مثل الإله (سوتخ ) عظيم القوة ومثل الإلهة ( سخمت) في وقت غضبها، فأخذ في تذبيحهم وتقتيلهم فسقطوا على وجوههم الواحد فوق الآخر، وقتلهم جلالته مجندلين تحت سنابك خيله ولم يكن معه آخر، وأطاح جلالته بأعدائه خيتا الخاسئين، وكان وراءهم كالمارد الطائر وحيداً وقد فرّ عنه مشاته وخياله، وإني أقسم بحب ( رع ) وحظوة (آتوم) لي أن كل شيء قلته قد فعله جلالته حقاً.

يتبع إن شاء الله