الأربعاء، 30 مارس 2016

فن اختلاس الثورات ج2

فن اختلاس الثورات ج2




الحاجة للإجماع حول المبادئ العريضة

للثورات ديناميكيات، أولاً تحتاج الثورة إلى كتلة تاريخية أو كتلة اجتماعية ضخمة، لا يمكن أن تقوم الثورات على أكتاف حزب أو حركة أو طائفة، مأساة مجتمعاتنا أن الصراع السياسي أنه كان صراع بين الحركة السرية وتسمى الحركة الإسلامية أو الشيوعية وغيرها وبين حركة سرية أخرى اسمها المخابرات العامة أو جهاز الأمن؛ فهو صراع بين حركتين سريتين، وهذه مشكلة لا تؤدي إلى ثورات، الثورات هي تدافع اجتماعي ضخم ولا بد أن يكون شجاعة في العمل العلني، الشجاعة الحقيقية هي في العمل العلني في المدافعة العلنية وهي التي تغير المجتمعات.
الثورة تحتاج إلى قيادة، والقيادة والحمد لله في زمن الإنترنت هي قيادة انسيابية وهذا ما يجعل من الصعب استهدافها واستئصالها وليست قيادة هرمية وهذا من أسباب نجاح الثورة في تونس ونجاح الثورة في مصر وهي أنها قيادة انسيابية، المركز اعتاد على قيادة هرمية تطارده ويطاردها أصبح الآن يطارد أشباحاً تمسكه حيثما حل ولا يدركها مثلما قال سلمة بن الأكوع رضي الله عنه للمشركين: "والله لا أقربكم فتفوتونني ولا تقربونني فتدركوني"، فهذا النوع من القيادة الانسيابية تجعل المجتمع اليد العليا ضد السلطة الهرمية.
-الثورة تحتاج إلى خطاب: وخطابها لا بد أن يكون بسيطاً وأن يكون خطاباً إجماعياً تجمعها المبادئ وتفرقها البرامج، ومن أهم نجاح الثورات ألا تخوض في البرامج وتركز على المبادئ العريضة لأن الشيطان يكمن في التفاصيل ولا مجال للاختلاف في أوقات الثورات.

الاستئصال لا يقود لتحول ديمقراطي
تاريخياً هناك ثورات يمكن أن نعتبر بها، فالثورة البريطانية كان دورها إصلاحياً داخل المؤسسات وهي تحتاج إلى أن تدرس، فبعض المجتمعات العربية قد يصلح لها هذا النموذج، لأنه إصلاح من داخل المؤسسة وفي النهاية تقوية المجتمع تجاه الدولة شيئاً فشيئاً حتى يأخذ المجتمع حريته كاملة، ففي الثورة البريطانية بقيت الدولة وهيكلها وحتى الأسرة حاكمة فيها كما كانت وحصل المجتمع على حريته.
وهنالك الثورة الفرنسية وهي ثورة عنيفة استئصالية ضد السلطة السياسية السلطة الدينية في ذات الوقت لأن من شعاراتها اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس، كانت الثورة ضد الكنيسة وضد المملكة في ذات الوقت، لكن لأنها استئصالية تعثرت كثيراً، الثورة الفرنسية لم تكن ناجحة هي نجحت وفشلت، وجاء إمبراطور بعد ذلك وجاءت ثورة أخرى وأعتقد أن من أسباب التعثر للتحول الديمقراطي في العراق إضافة إلى العامل الخارجي هو أنه جاء بمنطق استئصالي ولذلك ليس هناك تحول ديمقراطي حقيقي حتى الآن.
الثورة الأمريكية أعتقد أنها كانت أعظم الثورات الأوروبية على الأقل لأنها كانت ضد الاستعمار وضد الاستبداد في نفس الوقت فهي أولى الثورات بأن ندرسها لأنها لم تعاني من الاستبداد فقط وإنما من استبداد مدعوم باستعمار، الأمريكيون ثاروا على ملك بريطانيا كسلطة ملكية وعلى استعمار بريطانيا في ذات الوقت، فأرادوا التخلص من الاستبداد والاستعمار بضربة واحدة ونجحوا في ذلك لأنه قادها أناس في غاية التنور، كل الفكر التنويري الأوروبي طبقه الأمريكيون ونجحوا في تطبيقه فيما فشل فيه الفرنسيين الذين أنتجوا هذا الفكر.
وقلت مرة لأحد أساتذتي في جامعة تكساس أعتبر أن العبقرية الأمريكية هي عبقرية التطبيق، قال لي كيف؟ قلت له كل الأفكار الكبرى التي أنتجها الأوروبيون في عصر التنوير فشلوا في تطبيقها ونجحتم في تطبيقها..وانظر الثورة الفرنسية مثلاً كانوا متنورين فنجحوا في دولة مركبة ضد الاستبداد والاستعمار في نفس الوقت، ولذلك لما نجحت الثورة الأمريكية تقدم أحد المقربين من جورج واشنطن وقال: لماذا لا نبايعك ملكاً على أمريكا؟ فقال جورج واشنطن لا، إن الشعب الأمريكي الذي بذل الدم ليتخلص من جورج الثالث لا يمكن أن نأتيه بجورج الأول ونحطه مكاني فرفض ذلك.
الثورة الإيرانية فيها عبرة كثيرة طبعاً هي ثورة عظيمة وناجحة ولكن أعتقد أن مشكلتها أنها كانت ثورة ضد العالم وليست ضد النظام وكان ذلك نقطة الضعف التي جرت لها كثيراً من المتاعب.
كلمة ألقاها محمد بن المختار الشنقيطي في ندوة نظمها موقع إسلام أون لاين
بعنوان: التحركات الشعبية وآثارها على الوطن العربي.




يتبعـــ .....

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق