الأحد، 27 مارس 2016

إدعاء رمسيس الثاني الألوهية 1

إدعاء رمسيس الثاني الألوهية 1

الدكتور رشدي البدراوي

أستاذ بجامعة القاهرة وباحث وكاتب إسلامي



 Egypt.Com - منتدي مصر
تمثال حجري لرمسيس الثاني

الصرح هو كل بناء عال وجمعه صروح ( مختار الصحاح طبعة 1995 – ص 151) قلنا إن فرعون ادعى أنه إله، وإمعاناً في تكذيب موسى والاستهزاء به طلب من وزيره أن يبنى له برجاً عالياً من الطوب المحروق أي الآجر، ليصعد عليه في السماء ويرى إله موسى !

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ } [القصص: 38-39].

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ } [غافر: 36-37].

كانت المباني – حتى ذلك الوقت – تقام من الطوب اللبن أو الحجارة وأن مدينة المخازن قيثوم، وكل المدن الأخرى تقريباً كانت مبنية بالطوب اللبن ما عدا المعابد والقصور فكانت بالحجارة، وفي أواخر عهد رمسيس الثاني تم اكتشاف أن حرق اللبن يجعله أكثر صلابة وأطول عمراً، ولا توجد آثار بنيت بالطوب الأحمر قبل عصر رمسيس الثاني وقد عثر (بترى) – عالم الآثار – على عدد من الطوب المحروق بنيت به قبور وأقيمت به بعض المنشآت ترجع إلى عصور الفراعين رمسيس الثاني ومرنبتاح وسيتي الثاني عثر عليها في نبيشة ودفنة غير بعيدين عن مدينة قنتير أ برعمسيس، (دراسات تاريخية في القرآن الكريم. د. محمد بيومي مهران جـ 2 – ص 325) ولعل السرد القرآني لبناء الصرح في سورة القصص والنص على طريقة صنع الآجر بحرق الطين فيه إشارة إلى أن الفرعون الذي عاصر موسى عليه السلام هو أول من اكتشف هذه الطريقة ويكون ذلك دليلاً آخر على أن رمسيس الثاني هو فرعون موسى.

وهكذا قال رمسيس الثاني لوزيره هامان أن يبني له برجاً عالياً حتى يرى الإله الذي يقول موسى إنه إلهه وإله العالمين، وقال له إنه يعتقد أنه لو فعل ذلك فلن يجد شيئاً لأنه يظن موسى كاذباً في قوله: وقالوا إنه وقد وصل إلى هذه النتيجة فإن الصرح لم يبن، وهذا ما نعتقده، إذ أن أي بناء في عصرنا الحال يبنا بالطوب والإسمنت – حوائط حاملة – أي بدون أعمدة خرسانية لا يجب أن يزيد عن 6 أو 7 طوابق على الأكثر أي 21 متراً فهو لن يكون مرتفعاً بالنسبة لبعض المسلات التي كانت تبلغ 29 متراً أو تمثاله الذي وجدت بقاياه في صان الحجر ( تانيس ) والذي كان يبلغ ارتفاعه 28 متراً، ولم يكن الاسمنت قد عرف في عصرهم وكان الطين هو المادة اللاصقة في المباني، فلا يزيد ارتفاع بالطوب الأحمر والطين عن 5 طوابق أي 15 متراً فلا يعتبر بناء هائلاً يقنع الناس بعدم وجود إله إذا صعد عليه.

وقيل إنه بنا فعلاً بناءً عالياً وصعد عليه ثم نزل فقال للناس، لم أجد الإله الذي يقول به موسى وعليه فهو من الكاذبين، وقال لهم ما عملت لكم من إله غيري، وروى عن السدي، لما بنا الصرح ارتقى فوقه وأمر بنشابة فرمى بسهم نحو المساء فرد إليه وهو مضرج دماً فقال قتلت إله موسى ( تفسير الآلوسي جـ 20 ص 80) على أن ما نميل إله هو أن كالمه كان مجرة استهانة واستهزاء بموسى فلم يبن الصرح.

وقال فرعون في كبره وغروره هو وجنوده مع أنهم على باطل وليسوا على حق ( واستكبر هو وجنوده بغير الحق ) وفي ظنهم أنهم لن يرجعوا إلى الله فيحاسبهم على أقوالهم وأفعالهم هذه (وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون ) وزين له غروره أن أفعاله هذه – من تكذيب موسى وإنكار وجود الله – هو الرأي الصحيح وصدته أوهام العظمة التي تملكته – عن تصديق موسى وإتباع السبيل الصحيح والطريق السليم ( وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل ) وتبّ انقطع ومنه ( تبت يدا أبي لهب وتب ) وكذلك تب بمعنى خسر وهلك وتباً له أي أهلكه الله، ثم يقرر القرآن الكريم أن كل تدابير فرعون وأفعاله وما يكيد ليصد عن دعوة الحق كل ذلك ما له الخسران والهلاك {وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ } [غافر: 37].

يتبع إن شاء الله


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق