الخميس، 29 سبتمبر 2016

معركة لايت البحرية الجزء التاني


معركة لايت البحرية الجزء التاني


أ . خطة شو.
كانت تقوم خطة شو على أساس مشاغلة القوات الأمريكية من الجانب الذي لن يحدث فيه الهجوم الرئيسي. فلذلك استدعى الأميرال تويودا عماره من الشمال كان الغرض منها اجتذاب العناصر الرئيسية في القوات الأمريكية لها وفي هذه الأثناء تجتاز عمارتان يابانيتان أخريان الأرخبيل في المضائق وتنطلق لتدمير ناقلات الجنود الأمريكية. ولقد كانت الخطة جريئة ومليئة بالمخاطر وفي العشرين منه كانت عملية الإنزال في أوجها ، إذ هبط ا لجيش السادس الأمريكي مندفعاً بكل قوة في صدر الخليج وأصدر تويادا أمره بتنفيذ خطة شو وحدد ساعة الصفر بالخامس والعشرين من تشرين الأول، فهرعت القوات البحرية من سائر أنحاء الإمبراطورية نحو أرخبيل الفيليبين باتجاه لايت لخوض أكبر معركة بحرية في التاريخ ، هي معركة اليأس، التي ستخوض غمارها مئات السفن وآلاف الطائرات، والتي ستنتشر على حلبة تزيد مساحتها عن مساحة فرنسا بكاملها.




ولقد كان يعيب على الأسطول الأمريكي عدم التنسيق في القيادة حيث كان القطاع الأوسط خاضعاً لقيادة الأميرال (نيميتز Nimits)، الذي يعمل الأميرال هالسي تحت إمرته. أما القطاع الجنوبي الغربي فكان تابعاً لقيادة الجنرال (ماك آرثر) الذي كان الأميرال (كينكيد) يخضع لأوامره. وعندما التأم شمل الجميع على مسرح العمليات الوحيد كان من اللازم قيام قيادة موحدة ولكن فضل الأميرال (كينيكد) أن يكون مستقلاً تماماً عن أوامر (هالسي) و (نيميتز) مما أدى إلى نقص في التنسيق الذي كاد يقود الأمريكيين نحو الكارثة. ولقد أخذ اليابانيون على عاتقهم المبادأة في العمليات الحربية حيث كان الأميرال (أوزاوا Ozawa) يندفع من الشمال، وفي الوسط كان (كوريتا) يندفع نحو مضيق سان برناردينو ماراً من شمال جزيرة بالدوان. (وابتداء من 23 تشرين الأول استطاعت الغواصة الأمريكية دارتر أن تكتشف كوريتا، فهاجمته دون تردد ، فأغرقت الطرادة الثقيلة آتاغو وهي سفينة القيادة ، وأعطبت الطراد تاكاءو. وهرعت غواصة أمريكية ثانية فأغرقت مايا . وفي الرابع والعشرين من الشهر راحت الطائرات الأمريكية تهاجم اليابانيين على شكل موجات قوية، فأصيبت البارجة الكبيرة موزيشي، التي نصب عليها الأميرال كوريتا رايته بعشرة طوربيدات فضلاً عن عدد من القنابل. وحاولت الوصول إلى الساحل ولكنها غرقت قبل أن تدركه. وأصيبت سفن أخرى بأعطاب خطيرة . وهنا ناشد (كوريتا) مساعدة الطيران البري، ولكن كانت نداءاته بلا جدوى . فأعطي أمراً بالتراجع وانكفأ في اتجاه الغرب. وهنا تصور الأميرال (هالسي) أن القوة اليابانية الوسطى قد تمت تصفيتها. فاتخذ تدابير أخرى، ولكنه هوجم في بداية ما بعد الظهيرة من قبل طائرات يابانية قادمة من الشمال واعتقد أنها طائرات منطلقة من حاملات طائرات، فتعرض لخسائر ، إذ انفجرت حاملة الطائرات برنستون واشتعلت فيها النيران ثم انفجرت وتناثرت فكانت أول حاملة طائرات تغرق بعد غرق الهورنية عام (1942)



هذا كما اعتقد الأميرال (هالسي) أن عمارة معادية أخرى وصلت من الشمال، فترك عمارة كوريتا وشأنها وراح يستعد لمواجهة الأخرى. وفي خلال هذا الوقت كان الأميرال (نيشيمورا) يتجه نحو مضيق سوريغاءو. ولكن تم اكتشاف أمره، هو أيضاً من جانب الأمريكيين، فاصطدم بقوات الأميرال (كينكيد). هنا نظم الأميرال (اولندورف)، نظم كميناً في الخليج لابد وأن يسقط فيه الأميرال الياباني لا محالة. وعندما دخل (نيشيمورا) في ليلة 24 إلى 25 تشرين الأول في الخليج ، أصبح هدفاً لهجوم أطبق عليه من سائر الجهات شنته المدمرات والزوارق السريعة. فأصيبت البارجة باماشيتو مثلما غرق عدد من النسافات. وظل (نيشيمورا)، الشديد العزم، يتابع طريقه دون أية بارقة من أمل . فذهبت سفينته نحو قاع البحر . وعندما استلم زمام القيادة العقيد البحري (بو Bau) من فوق بارجته (فوزوFuso) . تلقته بوارج الأميرال (اولندورف) الرابضة عند مخرج الخليج بنيرانها ، وهنا وقعت الكارثة فاشتعلت النيران الكثيفة في بارجة القيادة فوزو، وغرقت الطرادة ناشي، في حين أصيبت الطرادة موغامي بالتلف الخطير . ولم تقدر النجاة في كل هذه العمارة، إلا للمدمرة شيغورا التي ولت هاربة لا تلوي على شيء . وقد حاول الأميرال (شيما) الذي كان يسير خلف (نيشيمورا) أن يقتحم المضيق بدوره، ولكنه أدرك بأنه سيتعرض للتدمير الكامل فانعطف هارباً . وهكذا أمكن تصفية القوة الجنوبية . أما الأمريكيين فقد اقتصرت خسائرهم على نسافة وعلى زورق سريع . (أما من الشمال ففي يوم 24 تشرين الأول انبرت عمارة الأميرال (أوزاوا) وأطلقت طائراتها في الجو . ففي فجر 25 تشرين انطلقت مئات الطائرات لمهاجمة قوات الأميرال أوزاوا الذي لم يكن تحت تصرفه سوى القليل من الطائرات ومن الطواقم الخبيرة لأن خسائر معركة (سايبان Saipan) (في جنوب ماريان) لم يمكن بعد تعويضها. وابتداء من الساعة الثامنة والنصف كانت حاملة طائرات يابانية تتجه نحو الأعماق، ونال العطب الشديد حاملتين أخريتين ، وغرقت طرادة . وأخيراً جاء دور «حاملة طائرات» الأميرال التي لم تلبث أن زالت من الوجود . وقد تمكن الأميرال (أوزاوا) من مغادرتها وصعد على متن الطرادة أويادو (Oyado) ، وانسحب نحو الشمال ، في اتجاه اليابان. هذا كما تمكنت السفن المعطوبة من الالتحاق بقواعدها لأن الأميرال (هالسي) أرخى بعض الشيء من شدة حصاره . وقد بلغت مسامع الأميرال (تويارا)، في مقر قيادته في اليابان ، نبأ حركة انسحاب الأميرال (كوريتا)، فأصدر إليه أمراً يحتم عليه الهجوم من جديد، وفي الواقع كان (كوريتا) يستأنف مسيرته نحو الشرق ، فعبأ قوات لا تزال تعتبر رهيبة، تتألف من البارجة الكبيرة ياماتو ومن ستة طرادات ثقيلة. وعند هبوط جنح الظلام اندس في مضيق سان برنار دينو، وسط بحر هادئ ، وطقس صحو ، ولم يصادف في طريقه أحداً. فاندفعت العمارة اليابانية في أوائل ساعات يوم 25 من الشهر المذكور تمخر عباب بحر الفيلبيين الحر دون أن يكتشف أمرها، فقد اعتمد الأميرال (هالسي) في القيام بالمهمة ذاتها. وفي المساء انزلق اليابانيون خلسة نحو الجنوب بعد الالتفاف حول جزيرة سامار متجهين إلى ميناء لايت. وفي فجر الخامس والعشرين فقط استطاعت الطائرات المحمولة التابعة للأسطول السابع أن تكتشف أمر العمارة اليابانية التي كان كل الأمريكيون يعتقدون أنها بعيدة جداً . ولكن على مسافة قصيرة كهذه لا تستطيع حاملات الطائرات فعل شيء تجاه البوارج المعادية. وهنا لاذ الأميرال سبراغو (sprague) الذي يقود حاملات الطائرات بأذيال الفرار على الفور . غير أن (كوريتا) لاحقه بأقصى سرعة وأغرق ، بالمدافع، حاملة الطائرات غامبية بي (Gambier-Bay) وأعطبت ثلاثاً من حاملات الطائرات الأخرى فضلاً عن عدد من المدمرات . وفي خلال هذا الوقت كان الطيران الياباني الأرضي ينقض بشكل كثيف على مرسى لايت، فاستنجد الأميرال (كينكيد) بالأميرال (هالسي) غير أن الأخير كان بعيداً للغاية في الشمال وعاجزاً عن تقديم عون سريع ، وعندئذ جرى آخر فصل من المعركة، والذي لا يقل غرابة. فبينما كان الأميرال كوريتا يمسك بأسباب النصر في يديه عمد إلى الانسحاب . فقد كان يجهل أن بوارج الأميرال (كينكيد) كانت تفتقر إلى الذخائر . مثلما ظن أن الناقلات الأمريكية قد غادرت أمكنتها، حيث كان يخشى من أن يتعرض لهجوم من قبل قوات جوية أمريكية وأن ينقطع اتصاله باليابان في مضيق سان برناردينو، فعاد أدراجه). فنجت الناقلات الأمريكية التي كانت لا تزال راسية في ميناء لايت وتحقق فشل مخطط (شو) بصورة نهائية. واجتاز الأميرال (كوريتا) مضيق سان برناردينو في اتجاه الغرب، وعندها اندفع الطيران الأمريكي على شكل هجمات متتالية خلال يوم 26 من الشهر وأغرق طرادتين يابانيتين. وهكذا فقد أبيدت العمارات اليابانية الثلاث ولن تستطيع البحرية اليابانية أن تتدخل في الحرب بعد ذلك اليوم وكانت تلك هي خاتمة معركة لايت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق