الخميس، 26 مايو 2016

ما قاله ابن خلدون في اختلاط النسب

ما قاله ابن خلدون في اختلاط النسب




علم أنه من البين أن بعضاً من أهل الأنساب يسقط إلى أهل نسب آخر بقرابة إليهم أو حلف أو ولاء أو لفرار من قومه بجناية أصابها فيدعى بنسب هؤلاء ويعد منهم في ثمراته من النعرة والقود وحمل الديات وسائر الأحوال‏.

وإذا وجدت ثمرات النسب فكأنه وجد لأنه لا معنى لكونه من هؤلاء ومن هؤلاء إلا جريان أحكامهم وأحوالهم عليه وكأنه التحم بهم‏.‏

ثم إنه قد يتناسى النسب الأول بطول الزمان ويذهب أهل العلم به فيخفى على الأكثر‏.‏

وما زالت الأنساب تسقط من شعب إلى شعب ويلتحم قوم بآخرين في الجاهلية والإسلام والعرب والعجم‏.‏

وانظر خلاف الناس في نسب آل المنذر وغيرهم يتبين لك شيء من ذلك‏.‏

ومنه شأن بجيلة في عرفجة بن هرثمة لما ولاه عمر عليهم فسألوه الإعفاء منه وقالوا هو فينا لزيق أي دخيل ولصيق وطلبوا أن يولي عليهم جريراً‏.‏ فسأله عمر عن ذلك فقال عرفجة‏:‏ ‏"‏ صدقوا يا أمير المؤمنين أنا رجل من الأزد أصبت دماً في قومي ولحقت بهم ‏"‏‏.‏

وانظر منه كيف اختلط عرفجة ببجيلة ولبس جلدتهم ودُعي بنسبهم حتى ترشح للرئاسة عليهم لولا علم بعضهم بوشائجه ولو غفلوا عن ذلك وامتد الزمن لتنوسي بالجملة وعُدَّ منهم بكل وجه ومذهب‏.‏

فأفهمه واعتبر سرَّ الله في خليقته‏.‏

ومثل هذا كثير لهذا العهد ولما قبله من العهود‏.‏

والله الموفق للصواب بمنه وفضله وكرمه‏.‏

مقدمة ابن خلدون ج1 / 130-131
 

يارب الموضوع يعجبكم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق