الخميس، 26 مايو 2016

الإســلام والــرق

الإســلام والــرق


تأليف: مجموعة من الباحثين (نقلا عن answer.com تحت عنوان Islam and slavery).


ترجمة: مركز الحوار للثقافة (تنوير)

من الملاحظ أن المدارس الشرعية في الإسلام كانت تقبل تقليدياً ممارسة الرق، فقد كان النبي محمد وصحبه يشترون ويبيعون ويعتقون العبيد المأسورين. كما استفاد هؤلاء العبيد من التعاليم الإسلامية التي جعلت أوضاعهم أفضل مما كانت عليه في المجتمعات التي سبقت الإسلام. فمع تفسير القرآن وحدوث نقلة نوعية في الفكر الإسلامي في نهاية القرن التاسع عشر، أصبح المسلمون يرون في الرق ممارسة تتعارض مع المبادئ الإسلامية في العدالة والمساواة بين بني البشر. غير أن هذا التفسير لم يقبل به الوهابيون في المملكة العربية السعودية.
والواقع أن التشريع الإسلامي عالج موضوع الرق على نحو مطوّل، فقد اعتبر القرآن والسنة النبوية تحرير الأرقاء ليس فقط عملاً يستحق الثناء والتقدير بل وعملاً من أعمال البر أو التكفير عن الذنوب. كما رأى المسلمون الرق كظرف استثنائي أو حالة سادت في فترة محدودة معينة من الزمن.
على أي حال، يبدو، ولأسباب عدة، أن نمو عدد السكان العبيد داخلياً لم يكن كافياً لتلبية الطلب عليهم في المجتمع المسلم مما أدى لعملية استيراد كبرى فَقَد خلالها بعض العبيد حياتهم، وعانى آخرون منهم الكثير من الآلام عند أسرهم ونقلهم من البلدان غير الإسلامية. وكانت أكثر المناطق التي نشطت فيها تجارة الرق العربية هي غربي آسيا وشمال أفريقيا وشرقها. لكن مع نهاية القرن التاسع عشر بدأ هذا النشاط مرحلة التراجع. فقد أصبحت تجارة الرق في مطلع القرن العشرين (بعد الحرب العالمية الأولى) ممنوعة تدريجياً وتم التضييق عليها في البلدان الإسلامية نتيجة للضغوط التي مارستها الدول الغربية مثل بريطانيا وفرنسا.
غير أن الرق، الذي يُقال أن الإسلام يجيزه، موّثق حالياً في تشاد وموريتانيا والنيجر ومالي والسودان.

الرق في الجزيرة العربية قبل الإسلام:
كانت ممارسة الرق واسعة الانتشار في الجزيرة العربية قبل الإسلام، وهي في هذا تتماثل مع ما كان يجري في بقية أرجاء العالم القديم في أوائل العصور الوسطى. وكان أغلب العبيد في الجزيرة العربية ينحدرون من أصول أثيوبية. أما العبيد البيض، الذين كانوا أقلية، فقد جلبهم على الأرجح تجار القوافل العربية، أثناء أسفارهم ورحلاتهم إلى البلدان الأجنبية. وما زيد بن حارثة الذي تبناه النبي محمد كولد له، إلا مثالاً على ذلك. إلا أن العبيد العرب كانوا يصبحون عبيداً عادة بعد أسرهم في المعارك ويتم تحريرهم عموماً بفدية. كما زاد عدد العبيد بسبب عادة بيع الأطفال وخطفهم أو التخلي عنهم. لكن ليس ثمة دليل حاسم على أن الاستعباد كان يحدث نتيجة لتكبد شخص ما ديوناً كثيرة أو نتيجة لقيام الأسر ببيع أطفالهم، فمثل هذه الأشياء لم تكن تحدث إلا في حالات نادرة وغير عادية. ويبدو أن الرق كان ممكناً أيضاً نتيجة لارتكاب مخالفات معينة ضد القانون كما كان عليه الأمر أيام الإمبراطورية الرومانية.
على أي حال، هناك فئتان من العبيد: الأولى هي أولئك الذين يتم شراؤهم، والثانية هم العبيد المولودين في بيت المولى أي مالك العبد. ولصاحب العبد في الفئة الثانية حقوق ملكية كاملة بعبده. وبالرغم من أن عبيد هذه الفئة غير مرجح بيعهم أو التخلص منهم عادة، كان أسيادهم يرغمون الإناث منهم على البغاء من أجل مكاسب مالية أحياناً.
وتشير الروايات التاريخية للسنوات الأولى من الإسلام إلى أن العبيد الذين كانوا تحت سلطة سيد غير مسلم كثيراً ما عانوا من عقوبات وحشية.
إذ أن سمية بنت خُبات، الشهيرة بأنها الشهيدة الأولى في الإسلام، لقيت نحبها برمح سدده إليها أبو جهل عندما رفضت التخلي عن عقيدتها الإسلامية. وهنالك أيضاً بلال الذي حرره أبو بكر حينما كان أمية بن خلف يضع صخرة كبيرة على صدره لرده عن الإسلام.
القرآن الكريم ومحمد:
من الواضح أن القرآن يقبل بممارسة الرق، لكن نادراً ما كان يتم استخدام كلمة "عبد" بل كان يُشار إليه بمواربة عموماً باستعمال النص القرآني (ما ملكت أيمانكم). واعترف القرآن بالتباين بين السيد والعبد وحقوق الأول على الثاني، كما اعترف القرآن بالمحظيات حيث يمكن للسيد أن يجعل عبدته محظية أو جارية له، بل ويمكن أن يتزوجها إذا كانت مسلمة. غير أن مثل هذه الممارسة لم تكن مفضلة، فالقرآن يحث دون أمر على معاملة العبيد برفق ويوصي بتحريرهم عن طريق شرائهم ثم عتقهم. وكان يتم تحرير العبيد لتحقيق هدفين: التكفير عن الخطايا، وللقيام ببساطة بعمل خيري. فالقرآن يحض السادة كي يسمحوا للعبيد بكسب أو شراء حريتهم.
تم التطرق للعبيد في القرآن في 29 آية قرآنية على الأقل معظمها مدنية. كما يُشار دوماً إلى وضعهم وحقوقهم كعبيد. غير أن القرآن يحصر الجانب الشرعي في الرق في تحرير العبيد والعلاقات الجنسية.
وغالباً ما تتم الإشارة إلى الرق من خلال مسائل عامة ذات طبيعة أخلاقية وليس من خلال صيغ قانونية محددة. كما يقبل القرآن التمييز بين العبد والرجل الحر باعتبار ذلك جزءاً من النظام الطبيعي وباعتباره مثالاً على فضل الله الذي لم يخلق كل الناس على شكل واحد. بيد أن القرآن لا يعتبر العبيد مجرد فئة من الرقيق، فهو يشير بشكل مباشر إلى رغبتهم بالانعتاق. وإلى مشاعرهم عندما يرغم أسيادهم الإناث منهم على البغاء.
ومن الأمثلة على ذلك في هذا المجال إشارة القرآن إلى السيد والعبد باستخدام كلمة واحدة هي "الرجل". واعتبر المفسرون العبيدَ فيما بعد متساوين روحياً مع المسلمين الأحرار، وحثوا المؤمنين على الزواج بالجواري اللواتي تحت سيطرتهم، وقالوا إن الناس جميعاً متساوون في الحقوق والواجبات. وألزم بعض المشرعين الأتقياء سادة العبيد بأن يخاطبوهم باستخدام كلمات معينة مثل "بُني" و "بنيتي" وذلك لإيمان هؤلاء المشرعين أن الله وليس السادة هو من يحكم حياة الناس جميعاً.
ويمكن القول أن هنالك الكثير من السمات العامة المشتركة بين نظرة القرآن للرق وبين نظرة الثقافات الأخرى المجاورة له. لكن المؤرخ برنارد لويس يقول أن التشريع القرآني أدخل تغييرين رئيسيين في نظام الرق القديم كان لهما تأثيرات كبيرة، وهما السماح بالانعتاق واستعادة الحرية، ومنع استعباد الناس الأحرار إلا في ظروف محددة ومقيدة جداً. ويلاحظ المؤرخ بروكوب أن فكرة استخدام أموال الزكاة لعتق العبيد هي فكرة فريدة لا توجد إلا في القرآن. كما أن ممارسة تحرير العبيد للتكفير عن ذنوب معينة هي ممارسة حض عليها القرآن الذي يدين أيضاً إرغام العبيد الإناث على البغاء كما درجت عليه العادة في الشرق الأدنى في العصور الغابرة. ويلاحظ مواري غوردن أن منع البغاء هنا ينطوي على أهمية كبيرة.
ويقول بروكوب أن الثقافات الأخرى تحد حق السيد في إنزال الأذى بعبده، لكن ليس هناك غير القرآن يفرض على السادة معاملة عبيدهم برفق ووضعهم مع نفس الفئة من أبناء المجتمع الضعفاء الذين يستحقون الحماية والرعاية.
لذا، يمكن القول أن القرآن انفرد لوحده بالتأكيد على مكانة العبيد في المجتمع ومسئولية هذا المجتمع عنهم. وبذا يمكن اعتبار هذا التشريع من أكثر التشريعات تقدماً بمجال الرق في ذلك الوقت.
الرسـول محمد:
شجع النبي محمدعلى تحرير العبيد وإخراجهم من عالم الرق، بل وحض على شرائهم من أسيادهم من أجل عتقهم. وهنالك مناسبات كثيرة قام فيها الرسولوصحبه بتحرير العبيد. فقد حرر هو شخصياً 63 عبداً، وحررت زوجته عائشة 67، وبلغ مجمل ما حرره هو وأسرته وأصدقائه 39.237 عبداً. وكان من أبرز عبيد الرسولالذين حررهم: ماريا القطبية التي أهداها له حاكم بيزنطي يُقال أن النبيتزوجها بعد تحريرها، وهناك سيرين شقيقة ماريا التي تم عتقها وتزويجها من الشاعر حسان بن ثابت، وزياد بن حارثة الذي تبناه الرسولبعد تحريره من العتق.
التشريع الإسلامي التقليدي:
مبـــادئ:
يُُعتبر الرق في التشريع الإسلامي حالة استثنائية لأن الأصل هو أن يكون الإنسان حراً. وهذا يعني أن المرأة أو الرجل يكون حراً حتى لو لم تكن أصولها أو أصوله معروفة بالرغم من أن الله أجاز الاستعباد كعقاب للكفر.
غير أن الاستعباد قانونياً كان محصوراً بحالتين: الأولى أن يكون الشخص قد تم أسره في الحرب وأن يكون غير مسلم، والثانية أن يكون العبد قد ولد رقيقاً. ولم يعترف التشريع بفئات العبيد التي كانت موجودة في الجزيرة العربية قبل الإسلام. لكن بالرغم من أن المسلم الحر لا يمكن أن يكون عبداً، لم يكن ضرورياً أن يتم تحرير العبد غير المسلم إذا دخل الإسلام بعد ذلك.
المعـاملة:
يتعين على المسلم العناية بالعبد عندما يكون مريضاً. وكان تحرير العبد عملاً يستحق التقدير والثناء. كما سمح التشريع للعبد بأن يدفع فدية لتحرير نفسه إذا رضي سيده بذلك. ويقول عزيز الهبري، أستاذ القانون المتخصص بالتشريع الإسلامي، أن القرآن والسنة النبوية حضا المسلمين على معاملة العبيد برفق وأن الرسول محمدأظهر ذلكفعلاً وقولاً. إذ أن معاملة العبد بقسوة كانت محرمة. وهنا يستشهد الهبري بآخر خطبة ألقاها النبي محمد، وبما ورد في الأحاديث الأخرى مؤكداً بأن كل المؤمنين أخوة، سواء كانوا أحراراً أم عبيداً.
ويقول لويس: تأثرت النزعة الإنسانية التي اتسم بها القرآن، والتي تميز بها حلفاء الإمبراطورية الإسلامية الأوائل، تأثرت إلى حد ما بما كان قائماً عند الشعوب الأخرى، ولاسيما ما كان سائداً من ممارسات لدى الشعوب المتنوعة والبلدان التي فتحها المسلمون. وظهر هذا على نحو خاص في الأقاليم التي كانت خاضعة للقانون الروماني (حتى الشكل المسيحي للرق كان قاسياً في التعامل مع العبيد).
لكن بالرغم من ذلك، بقيت الممارسة الإسلامية تمثل شكلاً أفضل بكثير من أشكال الرق الموروثة عن روما وعن البيزنطيين والعصور القديمة.
وفي هذا السياق، يلاحظ مواري غوردن قائلاً: لم يكن مُستغرباً أن ينظر الرسول محمد، الذي قَبِلالنظام الاجتماعي السياسي السائد في ذلك الوقت، إلى الرق باعتباره جزءاً من النظام الطبيعي للأشياء. لذا قارب تلك الممارسة (الرق) التي ترجع في تاريخها لعصور عديدة غابرة كمصلح لا كثوري. إذ لم يكن لدى الرسول محمدالنية في أن يلغي نظام الرق فوراً بل كان يسعى لتحسين أوضاع هؤلاء العبيد تدريجياً برفع الظلم عنهم وبمناشدة ضمائر صحابته لمعاملة هذه الفئة من الناس على نحو إنساني. لذا، كان تبني العبيد في الأسرة ممارسة شائعة، طبقاً لما يقوله ليفي (مؤرخ). ولم يكن يتم بيع العبد إلا في ظروف استثنائية إذا كان مولوداً في بيت سيده وتربى عنده.
الوضع القانوني:
أبعد التشريع الإسلامي العبيد عن تولي المناصب الدينية، وعن أي منصب يتضمن تطبيق الشرع على الآخرين. لكن كان بوسع العبيد الذين تحرروا احتلال أي منصب في الحكم الإسلامي. ومن الأمثلة التاريخية على ذلك، الحكم المملوكي الذي استمر 260 عاما في مصر، والرجال المخصيون الذين تولوا مناصب عسكرية وإدارية رفيعة.
وتؤكد آن ماري شيميل، وهي من العلماء المعاصرين المتخصصين بالحضارة الإسلامية قائلة: بما أن حالة العبودية في ظل الإسلام لا تنشأ إلا من خلال الأسر في الحرب (هذه الممارسة اقتصرت بعد ذلك بسرعة على الكفار الذي يتم أسرهم في الحرب المقدسة) أو من خلال الولادة من أبوين عبدين، كان لابد أن تنتهي ممارسة الرق نظرياً مع توسع الإسلام. وهنا تبين الإصلاحات الإسلامية أن ممارسة الرق لا يمكن أن تتم إلا من خلال جلب العبيد الجدد من الخارج وفي أضيق الحدود.
من المفيد الإشارة هنا إلى أن جلب العبيد الجدد من الخارج كان عملاً مزدهراً في أيام الإسلام الأولى، وذلك بسبب الفتوحات والتوسع الإسلامي السريع. لكن مثل هذا العمل تراجع كثيراً، فيما بعد، وأصبح نادراً مع استقرار البلاد الإسلامية كان غالباً ما يتم تبادل الأسرى أو دفع فدية مقابل إطلاق سراحهم في الحروب التي وقعت لاحقاً بين المسلمين والمسيحيين. ولقد أدى هذا، كما يقول لويس، إلى دفع ما تبقى من أولئك الذين يريدون الحصول على العبيد للبحث عنهم في أماكن أخرى غير الأراضي الإسلامية تجنباً للقيود التي فرضها القرآن في هذا المجال، إلا أن هذا زاد عملية استيراد العبيد من الأراضي غير الإسلامية، ولاسيما منها تلك الواقعة في أفريقيا مما عرّض هؤلاء العبيد المستوردين (بفتح الراء) لمعاناة مريرة.
يقول باتريك ماننغ: الحقيقة أن التشريع الإسلامي، الذي يحرّم الإساءة للعبيد، قيّد إلى حد كبير توسع هذه الممارسة في شبه الجزيرة العربية كما قيدها بدرجة أقل في كل منطقة الخلافة الأموية التي كانت منتشرة فيها منذ أمد بعيد. لكن ماننغ يلاحظ أن الإسلام الذي اعترف بالرق، والذي وضع ممارسته في إطار معين، ساعد مع مرور الوقت هذه الممارسة وحماها وليس العكس.
نظرياً، ليس بالإمكان أن يصبح المسلم المولود حراً، عبداً، والطريقة الوحيدة التي تجعل غير المسلم عبداً هي أن يتم أسره في حرب مقدسة. (في بداية الإسلام لم يكن مسموحاً أن يصبح المسلم ولا المسيحي ولا حتى اليهودي عبداً). كما رأى المسلمون في الرق وسيلة لتحويل غير المسلمين إلى الإسلام.
بيد أن مثل هذا التحوّل ومن ثم الاستيعاب في مجتمع السادة لم يكن يعني أن يحصل العبد فوراً على حريته بالرغم من وجود ضمان ما لمعاملته بشكل أفضل باعتبار ذلك تمهيداً لعتقه. وهنا نلاحظ أن غالبية السلطات السنية كانت توافق على عتق كل أصحاب الكتب السماوية. لكن بعض المشرعين، وعلى الأخص منهم الشيعة، يقولون أن العبيد المسلمين فقط هم من يمكن تحريرهم من الرق.
حقـوق وقـيود:
يقول ليفي أن العبد كان يُعتبر، معنوياً ومادياً، كائناً من مرتبة أدنى في القانون، لكن التشريع الإسلامي ينظر إليه كشخص له كيانه وككائن يمتلكه إنسان حر وهو بهذا مؤهل للحصول على المساعدة من سيده من نواحي توفير المسكن والغذاء والملبس بالإضافة للرعاية الطبية. كما يتعين أن يكون طعام ولباس العبد من نفس مستوى ما يأكله ويلبسه سيده. وللعبد الحق إذا رفض سيده تأمين هذه المتطلبات التقدم بشكوى للقاضي الذي يستطيع أن يعاقب هذا السيد من خلال بيع سلعة أو شيء من ممتلكاته الأخرى للإيفاء بمتطلبات المحافظة على العبد. وإذا لم يكن لدى السيد ما يكفي من مال لتسهيل هذه العملية عليه عندئذ بيع العبد أو تأجيره لشخص آخر أو عتقه. وللعبيد الحق في الحصول على فترة من الراحة خلال الطقس الحار صيفاً.
لكن من النادر أن تقبل المحكمة بشهادة العبيد، وذلك لأنهم أقل مرتبة. لذا إن مات أحدهم على يد رجل حر لا يتطلب إنزال عقوبة الموت بالفاعل. لكن على القاتل أن يدفع لسيد العبد تعويضاً يساوي قيمته كنوع من الفدية.
غير أن العبيد في نفس الوقت ليسوا مسئولين تماماً عن أعمالهم، لذا هم يتلقون عادة نصف العقوبة المطلوب إنزالها برجل حر. فإذا حكم القاضي مثلاً على رجل حر بمائة جلدة بالسوط لإقامته علاقة جنسية خارج إطار الزوجية، يتلقى العبد خمسين جلدة فقط في حال ارتكابه نفس هذه الجريمة.
بيد أن العبد لا يستطيع الزواج دون موافقة سيده، ويختلف المشرعون حول عدد النساء اللواتي يمكن أن يتزوجهم. فبينما يسمح مذهبا أبو حنيفة والشافعي له بالزواج من امرأتين، يسمح له مذهب مالك الزواج بأربعة.
وليس مسموح للعبد بالتملك أو وراثة الممتلكات أو القيام بأعمال تجارية على نحو مستقل، لكنه يستطيع إجراء صفقات مالية كممثل فقط عن سيده، ولا يتم السماح له عموماً بتولي مناصب في السلطة بالرغم من أنه يستطيع أن يعمل كإمام في الصلاة وكموظف غير مهم في إدارة العائدات الحكومية. ومن الممكن للسادة إرغام العبيد على كسب المال، بل ترى بعض المذاهب الإسلامية أن مالك العبد يستطيع إرغامه على الزواج وتحديد شخصية من عليه زواجها.
الزواج واتخاذ المحظيات:
جاءت الحاجة للجواري لسببين رئيسيين: اتخاذهم كمحظيات وللقيام بالأعمال المتدنية. وكان يحق لمن يمتلك مثل هذه الجواري التمتع بممارسة الجنس معهن بموجب القانون. غير أن هذا الحق لا يسري أيضاً على النساء اللواتي يمتلكن عبيداً من الرجال. لقد كان شراء الجواري من أجل ممارسة الجنس أمراً مشروعاً بالمنظور الإسلامي وكان هذا هو الدافع الشائع لشراء مثل هذه الجواري خلال التاريخ الإسلامي.
وكان امتلاك العبد حق لسيده أو لسيدته، لكن بمقدور العبد شراء حريته إذا امتلك المال اللازم لذلك. بل ويستطيع العبد الزواج من امرأة حرة، لكن مثل هذه الممارسة لم تكن تلقى أي تشجيع وكانت تتم بحدود ضيقة جداً.
وكان الإسلام يسمح للسيد بإقامة علاقات جنسية مع جواريه خارج إطار الزوجية، وجاءت الإشارة إلى هذا في القرآن الكريم من خلال آية "وما ملكت أيمانكم"، لكن ثمة قيود على السيد في هذا المجال إذ يتعين ألا يعاشر جارية زوجته وألا يقيم علاقات مع جارية ما إذا كانت مملوكة لأحد ما أو متزوجة. لكن كان مسموحاً للسيد يُبطل زيجات عبيده دون الحصول على رضاهم. وتبين العادات العربية القديمة أنه إذا كان للرجل الحر طفلاً من جاريته فإن هذا الطفل يصبح عبداً مثل أمه إذا لم يعترف به والده ويحرره. غير أن اعتراف السيد بنسله من الجارية يبقى شيئاً اختيارياً في المجتمع الإسلامي، بل وكان غالباً ما يمتنع عن الاعتراف به في الفترة الأولى من الإسلام.
بيد أن هذا الاعتراف أصبح أمراً شائعاً في المجتمع في أوج العصور الوسطى حينما كان معظم الحكام من أبناء المحظيات. وكان يطلق على الأم في تلك الفترة لقب "أم الولد" لاستحالة بيعها بعد ذلك، وهذا تحٌّسن ملحوظ في مكانة الجارية، بل هي تُصبح فوراً حرة عند موت زوجها طبقاً لطائفة السُنة. لكن لا يمكن أن تتحرر بموجب طائفة الشيعة إلا إذا كان طفلها لا يزال حياً. ليس هناك عدد محدد للجواري اللواتي يمكن أن يمتلكهم السيد، لكن يتعين التقيد بقواعد الزواج كأن لا يكون للرجل علاقات جنسية مع شقيقة جاريته.
طبقاً للإسلام، يتعين على الرجل الحر الزواج من امرأة حرة. لكنه يستطيع، إذا لم يمتلك المال الكافي لذلك، الزواج من جاريته بدلاً من ممارسة الزنا. ومن أسباب اعتراف الإسلام بظاهرة اقتناء المحظيات هي أن هذه الممارسة تلبي حاجة مثل هذه النساء للجنس وتمنع انتشار الرذيلة في المجتمع. غير أن معظم المذاهب الإسلامية تقيّد العلاقة الجنسية مع المحظيات وتحصرها بعلاقة واحدة بين السيد وجاريته فقط. إلا أن تلك الجواري كن في الواقع فريسة لأقارب وأصدقاء أو ضيوف السيد. بل وبمقدور هذا السيد في التشريع الشيعي منح الجارية لطرف ثالث لإقامة علاقات جنسية معها. وبموجب مبدأ الكفاءة الشرعي، الذي ينص على أن يكون الرجل مساوياً ولو اجتماعياً على الأقل للمرأة التي يتزوجها، لا يُعتبر الرجل مُحَرر، ولا يُعتبر هذا بدوره صادق الولاء كحفيد رجل مُحرَر.
لقد بقي هذا المبدأ سارياً لثلاثة أجيال قبل أن يتم اعتبار كل المسلمين أحراراً ومتساوين، لكن بما أن مبدأ الكفاءة لا يمنع بالنهاية الزواج غير المتكافئ، فإنه لا يتماثل مع القوانين النازية في ألمانيا أو قوانين التمييز العنصري في جنوب إفريقيا سابقاً، كما يؤكد لويس.
على أي حال، يمتدح القرآن والسنة النبوية السادة الذين يعتقون عبيدهم، وهناك العديد من الوسائل التي يمكن للعبد أن يصبح حراً من خلالها ومنها: أن يعتق السيد عبده تكفيراً عن خطايا ارتكبها سابقاً مثل: القتل غير المتعمد أو الإدلاء بشهادة زور. كما يمكن للجارية أن تصبح حرة عندما تصبح "أم ولد" بعد وفاة سيدها، ويمكن أن تكون عملية العتق نابعة من تقوى السيد وورعه، وهذا عمل امتدحه القرآن كثيراً.
ومن المستحب أيضاً منح العبد حريته إذا طالب بها وكان يستحقها. ومن الوسائل الأخرى في هذا المجال ما يُعرف بـ"المكاتبة"، أي أن يشفع العبد لنفسه إذا ما وافق سيده وكتب له عقداً يسمح له بنيل حريته مقابل مبلغ معين من المال يمكن أن يدفعه على قسطين أو مقابل خدمات يتفق عليها الطرفان. وإذا ما أعلن السيد حرية العبد سواء كان مازحاً أو جاداً وبحضور العبد أو غيره، يصبح هذا الإعلان ملزماً شرعاً. ويمكن أن يتعهد السيد أيضاً شفهياً أو كتابةً بأن يصبح العبد حراً بعد وفاته.
أخيراً، يمكن أن يتحرر العبد بشكل طبيعي إذا أصبح (أو أصبحت) من ممتلكات سيد يرتبط به بعلاقة قرابة. ويلاحظ غوردن أن القرآن على نحو خاص والتشريع الإسلامي على نحو عام لم يضعا شروطاً مالية لمنح العبد حريته بل اعتبرا تحريره وسيلة لطلب الغفران عن الخطأ.
بيد أن عتق العبد كان مجرد واحد من الوسائل التي يستطيع المسلم الورع الاستفادة منها لكنها لم تكن الأهم، فهناك خيارات أخرى أمامه مثل: ترسيخ إيمانه بالله وعمل الخير وإطعام الفقراء. ولم يكن هناك تناقض بين أن يكون الرجل مسلماً ورعاً، ومالكاً لعبد أيضاً.
تفسيرات حديثة:
بدأت حركة إلغاء الرق في القرن التاسع عشر في إنجلترا ثم في البلدان الغربية الأخرى التي أثرت بدورها على حركة الرق في البلدان الإسلامية من ناحيتي المبدأ والممارسة.
إسلامياً، كانت أول القرارات الدينية في هذا المجال قد صدرت عن أعلى أئمة المذهبين الحنفي والمالكي أيام الإمبراطورية العثمانية. فقد أعلنت السلطات الدينية في ذلك الوقت أن الرق قانوني من ناحية المبدأ لكن عواقبه غير حميدة وتدعوا للأسف والندم. واعتمدت تلك السلطات الدينية على اعتبارين دينيين لتبرير إلغاء الرق: الأول أن ممارسة الرق باتت الآن تثير الشك شرعياً بسبب اتساع رقعة الديار الإسلامية، ولأن السادة - وهو السبب الثاني - أصبحوا لا يلتزمون بقواعد المعاملة الطيبة التي تنظم حقوقهم وتمنعهم من الوقوع في الخطأ.
يقول برونشفيغ: بالرغم من أن إلغاء الرق بالكامل كان يبدو بدعة تستحق الاستنكار ومناقضة للقرآن وممارسة المسلمين الأوائل، إلا أن وقائع العالم الحديث أحدثت ولو بصعوبة تطوراً في تفكير الكثيرين من المسلمين المثقفين في نهاية القرن التاسع عشر.
لقد قال هؤلاء أن الإسلام كان ايجابياً جداً في تعاطفه مع ضحايا الرق، وأن تأسيس الرق ارتبط على نحو خاص بمرحلة اجتماعية واقتصادية معينة كان قد نشأ فيها الإسلام.
يقول أمير علي في أطروحته الجامعية المهمة أن الإسلام تسامح مع الرق فقط لحاجة ضرورية مؤقتة، وأن إلغاؤه بالكامل ما كان ممكناً في أيام
الرسول محمد.
ويلاحظ بروكوب أن بعض المفسرين اللاحقين اتهموا مفسري العصور الوسطى بتخريب مطالبة القرآن بأن يكون هناك عقود للعتق (المكاتبة)، واستخدام المفسرين اللاحقين التغيير الدراماتيكي الذي طرأ على الرق في القرنين السابع والثامن للقول أن القرآن ما كان يمكن أن يؤيد ممارسات الرق الشائعة في التاريخ الإسلامي. بل وذهب بعض هؤلاء المفسرين إلى حد القول أن غاية القرآن، إذا ما تم فهمه جيداً، كانت إلغاء الرق بالكامل. والحقيقة أن الفكرة القائلة أن الإسلام تسامح مع الرق بسبب الضرورة فقط، وجدت إلى حد ما طريقها إلى دائرة علماء المسلمين.
بيد أن هذه الفكرة لم تجد تأثيراً لها لدى وهابيي الجزيرة العربية الذين لا يساومون في استعادة مثال الرسول.



تاريخ الرق تحت الحكم الإسلامي:
أسباب الزيادة الطبيعية الضعيفة في عدد الرقيق:
يقول برنارد لويس أن نمو السكان العبيد من خلال الزيادة الطبيعية لم يكن كافياً للمحافظة على أعدادهم في العصور الحديثة، وهذا يتباين على نحو ملحوظ مع الارتفاع السريع في عدد السكان العبيد في العالم الجديد. ويضيف لويس أن العامل الذي أسهم بذلك كان عتق العبيد كعمل من أعمال البر والتقوى في العالم الإسلامي. غير أن تناقص عددهم يعود بشكل أساسي لقيام نسلهم المولودين من أمهات جواري بتحريرهم.
ومن العوامل الأخرى التي أسهمت في تناقص أعدادهم ما يلي:
1-الخصي: فقد كان يتم استيراد عدد كبير من العبيد كرجال مخصيين. ويقول ليفي أن مثل هذه الممارسة (الخصي) كانت غير مقبولة في القرآن والتقاليد الإسلامية. لذا، نجد مشرّعين بارزين، مثل البيضاوي، يعتبرون الخصي مجرد تشويه يتطلب تطبيق القانون لمنعه. غير أن عملية الخصي هذه بقيت ممارسة شائعة. ومن الملاحظ أن غالبية المخصيين كانوا يعملون في خدمة المساجد بمكة المكرمة في القرن التاسع عشر.
2-عتق العبيد العسكر: كان من الشائع أيضاً أن يتم عتق العبيد العسكر عندما يصلون إلى مرتبة ما في عملهم.
3-قيود على الإنجاب: لم يكن مسموحاً للعبيد الذين يقومون بأعمال منزلية أو متدنية بالزواج أو التشجيع عليه.
4-عدد وفيات كبير: كانت نسبة الوفيات عالية لدى فئات العبيد. إذ لما كان يتم جلبهم من أماكن بعيدة ويفتقرون إلى الحصانة، كانوا يموتون بأعداد كبيرة. فقد لاحظ الرحالة الغربيون الذين كانوا يجوبون مصر وشمالي إفريقيا في القرن التاسع عشر ارتفاعاً كبيراً في معدل الوفيات بين العبيد السود المستوردين.
ويلاحظ سيفال أن عبيد الفترة الحديثة كانوا فريسة سهلة للأمراض المعدية وتغييرات المناخ، بسبب ما كان يلحق بهم من عناء وتعب خلال المرحلة الأولى من أسرهم ثم نقلهم في رحلات طويلة إلى بلدان أخرى لا يعرفون عنها شيئاً. وهنا كان الأطفال منهم هم الأكثر تعرضاً للخطر، وكان الطلب على هؤلاء الأطفال في السوق الإسلامية أكثر مما هو عليه في السوق الأميركية.
كان الكثيرون من السود، العبيد منهم والأحرار، يعيشون في أوضاع مزرية لا تُفضي سوى إلى الإصابة بأمراض التغذية بكل ما فيها من تأثير على معدلات أعمارهم وخصوبة نسائهم وارتفاع معدل وفيات الأطفال لديهم.
نتائج تعاليم النبي محمدفي مجال الرق:
كان لتعاليم النبي محمد انعكاسات إيجابية على المدى القصير. إذ يقول باتريك مانينغ أن التشريعات الإسلامية المناهضة للرق حدّت بشكل مقنع مدى انتشار هذه الظاهرة في شبه الجزيرة العربية، كما حدتها أيضاً بدرجة أقل خلال فترة الخلافة الأموية وفي الأقاليم التابعة لها التي عرفت الرق من أزمان قديمة جداً.
غير أن الإصلاحات الإنسانية التي أدخلها الإسلام في نظام المجتمع أدت، برأي لويس، إلى تطور تجارة العبيد على نطاق واسع داخل وخارج الإمبراطورية الإسلامية وهذه واحدة من المفارقات المحزنة في تاريخ الإنسانية. إذ يلاحظ لويس أن التعاليم الإسلامية المناهضة لاستخدام المسلمين كعبيد أدت لجلب أعداد ضخمة من العبيد من خارج الإمبراطورية.
ويقول موراي غوردن: لقد تجشم النبي محمدالكثير من العناء في حث المؤمنين لعتق عبيدهم كوسيلة للتكفير عن الخطايا، وفهم بعض علماء الدين أن الغاية الحقيقية من ذلك كانت إلغاء الرق تدريجياً، لكن هناك من يقول أن النبي محمد أكد شرعية الرق عندما أسبغ على معاملة العبيد سمات أخلاقية إسلامية. وهذا يعني بكلمات أخرى أنه خفف القيود عنهم لكنها أصبحت أكثر ثباتاً.
ويضيف باتريك مانينغ إلى هذا قائلاً: باعترافه بالرق، وبتنظيمه بقوانين، يبدو أن الإسلام وفر الحماية للرق ووسع ممارسته وليس العكس.
تجارة العبيد في المشرق:
توصف تجارة العبيد العربية أو المشرقية أحياناً بتجارة العبيد الإسلامية. فقد كتب بيرنارد لويس يقول أن المشركين وعبدة الأصنام كانوا يمثلون المصادر الرئيسية للعبيد الذين يتعين إحضارهم للعالم الإسلامي ليتم تشكيلهم وفقاً للأساليب الإسلامية.
وبما أن هؤلاء ليس لهم دين خاص بهم يستحق الذكر، يُصبح من الطبيعي تجنيدهم من أجل الإسلام، وهذا ما يثير مقارنة هنا بين تجارة الرق في الإسلام وتجارة الرق في المسيحية.
بيد أن استخدام هذين الاصطلاحين، "التجارة الإسلامية" أو "العالم الإسلامي"، يجعل أفريقيا ضمنياً وعلى نحو خاطئ كما لو أنها خارج العالم الإسلامي أو جزءً مهملاً منه، لكن من الملاحظ هنا أن ناشري الإسلام في أفريقيا كانوا غالباً ما يكشفون عن موقف متحفظ إزاء الهداية ودخول الأفارقة في الإسلام، وذلك لما لهذا من تأثير على إنقاص مخزون العبيد الكامن في هذه القارة.
ويمّيز المؤلف رونالد سيفال تجارة الرق الإسلامية عن نظيرتها الأطلسية أو الأوروبية من خلال إبراز ملامح دوامها، والتأكيد على إخضاع المرأة، ويقول: لقد بدأت تجارة الرق الإسلامية في منتصف القرن السابع واستمرت إلى اليوم في موريتانيا والسودان. ويضيف سيفال قائلاً: لذا عندما نتطرق إلى هذا الموضوع يكون معنى هذا أننا نتحدث عن 14 قرناً من هذه التجارة وليس أربعة. وبينما كانت نسبة جنس العبيد في تجارة الأطلسي (أي نقل العبيد من أفريقيا إلى اميركا) هي رجلين مقابل كل امرأة، كانت هذه النسبة في التجارة الإسلامية امرأتين مقابل كل رجل.
في القرن الثامن كان العرب والبربر يهيمنون على شمالي أفريقيا. غير أن الإسلام سرعان ما امتد نحو الجنوب على طول نهر النيل وأطراف الصحراء. كانت سلالة سليمان في إثيوبيا تصدر دائماً عبيدا نيليين (نسبة إلى النيل) من أقاليمها الحدودية الغربية. كما صدّر السلاطين الإثيوبيون المسلمين العبيد أيضاً. وجاء كثيرون منهم من إقليم أدال الواقع في الجزء الشرقي من أفريقيا شمال الصومال.
وحافظ حكام منطقة القرم لوقت طويل وحتى مطلع القرن الثامن عشر على استمرار تجارة العبيد مع الإمبراطورية العثمانية والشرق الأوسط. كما أخضع مسلمو شمال أفريقيا حوالي مليون بل ربما 1025 مليون مسيحي أوروبي أبيض اللون للعبودية بين عامي 1530 و1780.
وأعد العرب والفرس مراكز لتجارة العبيد على ساحل المحيط الهندي. فقد كان أرخبيل زنجبار مع ساحل تنزانيا اليوم من أبرز مراكز هذه التجارة. وبقيت شرقي أفريقيا والمحيط الهندي من أهم مناطق تجارة العبيد حتى القرن التاسع عشر. وكان كل من ليفينفستون وستانلي أول الأوروبيين الذين استطاعوا الدخول إلى قلب حوض الكونغو ليكتشفا عندئذ مدى حجم هذه التجارة هناك. وكان التاجر العربي تيبوتيب قد وسع نفوذه في تلك المنطقة وجعل الكثيرين من سكانها عبيداً.
لكن بعد أن استقر الأوربيون في خليج غينيا، أصبحت تجارة العبيد عبر الصحراء أقل أهمية. وتم إلغاء الرق في زنجبار في وقت لاحق في عام 1897م في عهد السلطان حمود بن محمد. ولم يكن هناك اتصال مباشر بين تجار العبيد المسلمين وبين بقية أنحاء أفريقيا.
الأعمال التي كان يقوم بها العبيد:
في ذلك الوقت برز نظام عمل زراعي مماثل للنظام الذي نشأ في الأمريكتين. غير أن الحاجة للعبيد للعمل الزراعي في بلاد الإسلام، التي كان قسم كبير من سكانها مزارعين، لم تكن ملحّة كما كان عليه الأمر في الأمريكتين. فقد اقتصر عمل العبيد في العالم الإسلامي على الخدمة والعمل كجنود وحمالين وطباخين ومحظيات بالنسبة للنساء. لذا، كان هؤلاء العبيد يشكلون فئة استهلاكية أكثر منها إنتاجية. وأكبر دليل على هذا هي النسبة القائمة في مجال الجنس. فقد كان هناك امرأتان مقابل كل رجل واحد بين العبيد السود في تجارة الرق في البلدان الإسلامية.
وكان لمعظم العبيد النساء مهام منزلية، منها إشباع غرائز السيد الجنسية باعتبار ذلك هو الدافع الشائع لشرائهن.
من ناحية أخرى، في تجنيدهم البربر في جيوشهم الإمبريالية من جل أغراض عسكرية، تماثل العرب في هذا بالواقع مع ما فعله الرومان والصينيون قبل قرون قبلهم. غير أن الحكام المسلمين ذهبوا في هذا لأبعد من سابقيهم إذا ما أخذنا بعين الاعتبار حجم ذلك التجنيد الكبير والدور القوي الذي كان يلعبه هؤلاء المجندون العبيد في القوات الإسلامية الإمبريالية. إذ لم يحدث أبداً قبل الدولة الإسلامية في العصور الوسطى أن كان العبيد في القوات المحاربة بمثل هذه الأعداد الكبيرة حيث يشكلون العنصر المهيمن في الجيوش الإسلامية.
القرن التاسع عشر وما بعده:
تأثرت ظاهرة العبودية في بلاد الإسلام بالثورة التي اندلعت ضد الرق في بريطانيا بالقرن التاسع عشر ثم في بلدان غربية أخرى في وقت لاحق مما أدى لبروز حركة قوية في أوروبا لإلغاء الرق.
لكن بالمقارنة مع الأنظمة الاستعمارية القديمة، كان للرق في بلدان الإسلام مكانة قانونية معينة فيها التزامات وحقوق تشمل العبد وسيده.
إن الشريعة لم تعترف بالرق فقط بل ونظمته بدقة. وبالرغم من أن تحرير العبيد كان عملاً يستحق الثناء عند المسلمين، إلا أنه لم يكن إلزامياً.
وهنا يوضح لويس أن هذا السبب بالذات (التنظيم والعتق) هو الذي جعل مكانة العبيد في المجتمع الإسلامي أفضل في تنظيم معظم جوانبها من وضع العبيد في العصور القديمة وفي الأمريكتين خلال القرن التاسع عشر، بل وحتى الوضع الاقتصادي لهؤلاء العبيد في بلاد الإسلام لم يكن أسوأ (بل وفي بعض الأحوال أفضل) من الناس الأحرار الفقراء.
بيد أن توافر الفرص لعتق العبيد في الإسلام زاد، وهنا المفارقة، الطلب عليهم في السوق بسبب تناقص عددهم. ولما أصبح من الضروري البحث عن عبيد جدد نشأ عندئذ حافز قوي لاستبعاد وبيع الناس. غير أن عملية الاستحواذ على العبيد ومن ثم نقلهم إلى بلاد المسلمين انطوت على صعوبات كبيرة، وأدت لوفيات مريعة في أعدادهم مما شد انتباه الأوروبيين المعارضين للرق.
ومن الواضح أن استمرار ضغط الدول الأوروبية في هذا المجال تغلب في النهاية على مقاومة المسلمين المحافظين الذين كانوا يؤمنون أن منع ما سمح به الله هو إثم كبير يتماثل مع السماح بعمل ما حرمه الله. إذ كان الرق بنظر هؤلاء مرخصاً ومُنظماً شرعاً.
بل وحتى السادة المقتنعين بورعهم كانوا يستغلون محظياتهم جنسياً دون تفكير بما إذا كان هذا العمل يشكل انتهاكاً أم لا إنسانية الإنسان.
لكن هناك بالمقابل مسلمون رفضوا الرق بالكامل، وأقنعوا الآخرين بنبذه، لتصدر الإمبراطورية العثمانية في النهاية قوانين واضحة ضد تجارة الرق وتبدأ بتنفيذها.
يقول بروكوب أن بعض السلطات الإسلامية أعلنت في القرن التاسع عشر معارضتها بشكل واضح للرق بالقول أنه عمل ينتهك مُثل القرآن والمساواة والحرية بين بني البشر.
وبذا تم إغلاق أسواق الرق الكبرى في القاهرة عند نهاية القرن التاسع عشر، وبدأ حتى المفسرون المحافظون للقرآن يعتبرون الرق مناقضاً لمبادئ العدالة والمساواة الإسلامية.
غير أن الرق بأشكاله المتنوعة، التي تتمثل في فرض أعمال معينة على الناس، مثل القيام بحياكة السجادة وقطع قصب السكر وسباق الهجن وممارسة الجنس، لا يزال موجوداً إلى اليوم في بعض البلدان الإسلامية وغير الإسلامية.
القمع والحرمان من حماية القانون في القرن العشرين:
على عكس المجتمعات الغربية التي أدت المعارضة للعبودية فيها إلى ظهور حركات مناهضة لرق ينتمي أعضاؤها المتحمسون عادة لمجتمعات كنسية، لم تتطور مثل هذه الحركات في المجتمعات الإسلامية لسبب بسيط هو أن الدولة تأخذ بتعاليم الإسلام وتطبقها كقانون.
لذا، بإجازته الرق ولو بألطف أشكاله، أسبغ الإسلام أيضاً الشرعية على تجارة العبيد.
يقول الرحالة البريطاني دبليو. جي. بالفريف في مقالاته التي كتبها عام 1862 أنه التقى خلال تجواله في الجزيرة العربية بأعداد كبيرة من العبيد، وأن التأثيرات الناجمة عن اقتناء المحظيات بدت واضحة من خلال أعداد الناس الذين كانوا من أعراق مختلطة، كما تبين له أن ممارسات تحرير العبيد (عتقهم) كانت شائعة.
وبعد 25 سنة من ذلك، كتب دوتي تقارير مماثلة حول ما شاهده هو الآخر هناك.
ولقد كان الرق شائعاً أيضاً في الجزائر الشرقية حتى نهاية القرن التاسع عشر. وفي سنغافورة عام 1891 كانت هناك تجارة منتظمة بالعبيد الصينيين يقوم بها التجار المسلمون ويتم فيها استخدام الفتيات والنساء كمحظيات. بل وكان بيع النساء الشركس والنساء السود يتم علناً في الهواء الطلق في اسطنبول إلى أن صدر الدستور عام 1908.
لكن مع مطلع القرن العشرين بدأت تجارة الرق تصبح تدريجياً محظورة قانوناً في بلاد المسلمين، وذلك بفضل الضغط الذي مارسته بلدان الغرب مثل بريطانيا وفرنسا. إذ كان بيع وشراء العبيد لا يزال مستمراً وبطريقة عادية في مكة عام 1925. وكان سوقها يوفر العبيد المنحدرين من عبيد محليين بالإضافة لآخرين مُستوردين من اليمن وأفريقيا وأسيا الصغرى.
غير أن معاهدة جدة التي تم إبرامها عام 1927 بين الحكومة البريطانية وابن سعود، ملك نجد والحجاز، أنهت أخيراً تجارة الرق في الجزيرة العربية. بعد ذلك، صدر مرسوم عام 1936 ومنع استيراد العبيد إلى الجزيرة.
إلا أن وفد شيوخ قطر الذي حضر تتويج الملكة اليزابيث الثانية عام 1953 كان يضم عبيداً في حاشيته. وحدث هذا أيضاً بعد خمس سنوات عند زيارة وفد آخر لبريطانيا.
ولم يتم إلغاء كل ممارسات الرق أو التجارة بالعبيد في المملكة العربية السعودية إلا عام 1962.
ومع حلول عام 1969 كانت معظم الدول الإسلامية قد ألغت الرق بالرغم من أنه استمر في بعض المناطق الصحراوية العراقية المحاذية للجزيرة العربية ومناطق أخرى من الجزيرة واليمن وعُمان. ولم يتم إلغاء الرق بشكل رسمي في اليمن وعُمان إلا عام 1970.
وكانت آخر دولة تسن قانوناً لإلغاء ممارسة الرق وتجارة العبيد هي جمهورية موريتانيا الإسلامية في عام 1981.
يقول غوردن أن سبب افتقار المجتمع الإسلامي لحركات إسلامية تطالب بإلغاء الرق هو أن هذا المجتمع يرتكز بدرجة كبيرة جداً إلى القانون الإسلامي. إذ بإضفائه الشرعية على الرق وما يستتبعه من تجارة في العبيد، ساعد الإسلام على انتشار هذه الممارسات، وكان من نتيجة ذلك أن استمرت ولم يتم تحديها إيديولوجياً.
الرق في العالم الإسلامي المعاصر:
تُعتبر مسألة الرق في العالم الإسلامي بالعصر الحديث أمراً مثيراً للجدل. فبينما يقول بعض المنتقدين أن هنالك دليل قوي على استمرار وجودها واستمرار تأثيراتها المدمرة، يقول آخرون أن الرق في البلاد الإسلامية انقرض فعلاً منذ منتصف القرن العشرين، وأن التقارير التي تشير إلى وجود ممارسة للرق في مناطق الحدود في السودان والصومال، هي نتيجة لحرب مستمرة هناك وليست مرتبطة بالعقيدة الإسلامية.
السلفيون والتأثير الشرعي التقليدي للرق:
أحس بعض علماء المسلمين خلال السنوات الماضية بالقلق من دعوة بعض السلفيين المحافظين لإعادة فتح مسألة الرق من جديد بعد إغلاق الحديث عنها في مطلع القرن العشرين، حينما حرّمت البلدان الإسلامية هذه الممارسة لأن معظم علماء المسلمين وجدوها لا تتفق مع الأخلاق الإسلامية التي حض عليها القرآن الكريم.
ففي عام 2003 أصدر الشيخ السعودي صالح الفوزان فتوى قال فيها أن الرق جزء من الإسلام وأنه جزء من الجهاد، وأن الجهاد سوف يستمر طالما بقي الإسلام.
ثم هاجم الشيخ فوزان علماء المسلمين الذين قالوا عكس ذلك زاعماً أنهم "جهلة وليسوا علماء بل مجرد كتّاب"، وأضاف أن أي شخص يقول مثل هذه الأشياء هو كافر ملحد. جدير بالذكر أن الشيخ الفوزان كان يشغل المناصب التالية عند إصداره هذه الفتوى:
·عضو مجلس كبار رجال الدين الذي هو أعلى هيئة دينية في المملكة العربية السعودية.
·عضو مجلس الأبحاث الدينية.
·خطيب مسجد الأمير متعب في الرياض ومحاضر في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي هي مركز التعليم الوهابي الرئيسي في الدولة.
كما ظهرت، وفقاً لمصادر متنوعة، دعوات دينية لأسر النساء اليهوديات لاتخاذهن كرقيق.
وهذا ما دعا الصحفي الأميركي جون ميلر للقول: من المستحيل أن نتخيل وجود شخص عاقل يدعو أميركا لاستعباد أعدائها. لكن بالرغم من هذا حث الشيخ السعودي البارز سعد البريك الفلسطينيين حديثاً للقيام بذلك بالضبط مع اليهود، قائلاً: إن نساءهم من حقكم شرعاً، لقد أحلهن الله لكم، فلماذا لا تستعبدوهن ؟
وفي عام 1993 قال الشيخ الشيعي فضل الله حائري في كربلاء أن الرق مسموح به لكن ممارسته تنطبق على أسرى الحرب وأولئك الذين ولدوا أرقاء.
وحول موضوع التشريع الذي يسمح بممارسة الرق، قال الدكتور عبد اللطيف مشتهري، مشرف ومدير الوعظ والإرشاد في جامعة الأزهر: الإسلام لا يمنع الرق لكن يقيده لسببين أو يحصره بحالتين الأولى في الحرب (سواء كانت أهلية أو أجنبية حيث يمكن عندئذ فيها قتل الأسير أو استعباده) شرط ألا تكون الحرب بين المسلمين أنفسهم لأن من غير المقبول استعباد جنود الطرف المعتدي، والطرف المدافع عن نفسه إذا كانوا مسلمين. فقط الأسرى غير المسلمين هم من يمكن قتلهم أو استعبادهم. الثانية، تكاثر العبيد مما يوفر الكثيرين منهم لاتخاذهم كرقيق.
معارضة الإسلام للرق:
في مطلع القرن العشرين، وقبل إعادة علماء الدين السلفيين كالشيخ الفوزان فتح الحديث حول الرق، كان المؤلفون الإسلاميون قد أعلنوا أن الرق موضوع عفا عنه الزمن لكنهم لم يؤكدوا بوضوح إلغاؤه. وهذا ما جعل العالم وليم كلارنيس سميث يُعرب عن تهكمه فيما بعد برفض مولانا مودودي التطرق إلى موضوع العبودية، وبصمت وتجاهل محمد قطب لهذه المسألة.
بيد أن سيد قطب، الذي يُعتبر من أبرز علماء الدين في حركة الإخوان المسلمين بمصر، شرح في تفسيره للقرآن الكريم لماذا لا يستطيع الإسلام منع الرق، قائلاً:
كان الرق موجوداً في العالم منذ وقت طويل، ولقد مارسه المسلمون وأعداؤهم من خلال استعباد أسرى الحروب. لذا كان من الضروري أن يتبنى الإسلام خطاً مماثلاً لهذه الممارسة إلى أن استنبط العالم نظاماً جديداً خلال الحرب غير أخذ الأسرى كعبيد.
ويقارن محمد قطب (شقيق سيد قطب) العلاقات الجنسية التي يقيمها مالك الجواري المسلم مع جواريه بالممارسة الجنسية العرضية الوضيعة المنتشرة في أوروبا بالقول: أقر الإسلام أن يكون للسيد الحر عدداً من الجواري اللواتي تم أسرهن في الحرب، ويمكنه لوحده فقط أن يقيم علاقات جنسية معهن. وبينما تعلن أوروبا اشمئزازها من هذه الممارسة، تسمح في نفس الوقت بما يمكن وصفه بأبشع ممارسة حيوانية حيث يستطيع الرجل أن يقيم علاقات مع أية فتاة يلتقي بها في طريقه لإشباع غرائزه الحيوانية.
ويقول مولانا مودودي، الذي ينتمي إلى الجماعات الإسلامية: حرّم الإسلام بوضوح الممارسة البدائية التي كانت تسمح بأسر الرجل الحر لجعله عبداً ومن ثم بيعه في سوق العبيد. وكلمات النبي محمدفي هذا الإطار واضحة ولا لبس فيها وهي: هناك ثلاثة أصناف من الناس أنا خصمهم يوم القيامة ومن هؤلاء رجل أسر رجلاً حراً وباعه (البخاري وابن ماجه).
غير أن كلمات النبي محمد تبقى عامة إذ لا يمكن تطبيقها على أمة أو جنس أو بلد معين أو على أتباع ديانة محددة. ومن الواضح أن الشكل الوحيد للرق الذي بقي في المجتمع الإسلامي يتمثل في أسرى الحرب، إذ يمكن للحكومة الإسلامية أن تحتفظ بمثل هؤلاء الأسرى إلى أن توافق حكومتهم على استردادهم مقابل الأسرى المسلمين الموجودين لديها.
ويقدم الشيخ تقي الدين النبهاني، قاضي الشرع المعتمد في جامعة الأزهر، ومؤسس حركة حزب التحرير، التفسير التالي:
عندما جاء الإسلام كانت الأوضاع السائدة تسمح للناس بممارسة الرق. غير أن الإسلام فرض حلولاً شرعية لتنظيم تلك الأوضاع. ففيما يتعلق بالشخص المدين المفلس، تفرض التعاليم الإسلامية على الدائن الانتظار إلى أن يستطيع المدين دفع ما عليه. كما فرض الإسلام على العبد ومالكه كتابة عقد عمل يستند إلى الحرية لا إلى الرق. فقد حرّم استعباد الناس على نحو شامل كما حرّم الإسلام خلال الحرب استعباد الأسرى.
وأوضح الإسلام في السنة الثانية من الهجرة حكم الأسرى حيث دعا، إما لإطلاق سراحهم دون مقابل أو مقابل فدية من مال.
الرق في العالم الإسلامي المعاصر:
بالرغم من فتوى الشيخ الفوزان وما تحظى به من تأييد لدى العديد من المسلمين السلفيين، يُعتبر الرق في المملكة العربية السعودية غير قانوني. حول هذا يقول المؤلف والمشرّع الإصلاحي خالد أبو الفضل: إن هذه الظاهرة خطيرة ومثيرة للقلق لأنها تشرّع التجارة بالعبيد وتستغل جنسياً أولئك العاملين في قطاع الخدمات المنزلية في منطقة الخليج والسعودية على نحو خاص. بل وهناك عصابات إجرامية منظمة تهرّب الأطفال إلى السعودية ليتم استعبادهم وإرغامهم على العمل كمتسولين بعد قطع أجزاء من أجسامهم أحياناً.
وعندما تلقي السلطات القبض على هؤلاء الأطفال يتم ترحيلهم بصفتهم أجانب مخالفين للقانون.
أخيراً، يقول تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية: تُعتبر المملكة العربية السعودية مقصداً للرجال والنساء القادمين من جنوب وشرق آسيا وشرقي أفريقيا الذين تتم المتاجرة بهم لاستغلالهم بالعمل. كما هي مقصد للأطفال الذين يتم نقلهم من اليمن وأفغانستان وأفريقيا ويجري إرغامهم على التسول.
وبالإضافة لهذا، هناك مئات الآلاف من العمال غير المهرة الذين يهاجرون طواعية إلى السعودية من الهند وإندونيسيا والفلبين وسريلانكا وبنغلاديش وأثيوبيا وأرتيريا والصومال وكينيا. ويقع بعضهم في أوضاع أشبه بالعبودية حيث يعانون من مختلف ألوان الانتهاكات الجنسية والجسدية، ومن التأخير في دفع أجورهم، ومن حجز جوازات سفرهم وتقييد حرية حركتهم وتغيير في بنود عقودهم دون موافقتهم.
من الواضح إذن أن الحكومة السعودية لا تلتزم ولا حتى بأدنى المعايير لاستئصال هذه التجارة بالبشر، ولا تبذل أي جهد يذكر في هذا الصدد. ولا يزال الرق مستمراً إلى اليوم في أفريقيا المعاصرة، حيث تتواصل ممارسة اعتبار أسرى الحرب والأطفال المولودين أرقاء بالوراثة، عبيداً في العديد من البلدان الإسلامية في هذه القارة.




الموضوع الأصلي: الإســلام والــرق || الكاتب: نوراني هداية || المصدر: منتديات دريكيمو العالمية
 

يارب الموضوع يعجبكم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق