الجمعة، 27 مايو 2016

الطرق الصوفية اهم المعلومات عن طبيعتها

الطرق الصوفية اهم المعلومات عن طبيعتها


::::::!
كثير مانسمع كلمة الطرق الصوفية ولكن لانفهم ماذا تعني ولماذا تدعو لذاوجدت هذا المقال يتحدث عنها فأحببت ان تتم الفائدة على الجميع
مفهوم الطريقة
1 ـ لغـة: الطريق في اللغة هو السبيل الذي يطرق بالأرجل، وعنه استعير كل مسلك يسلكه الإنسان في فعل محمود كان أو مذموما، والطريقة هي السبيل، وهي السيرة، وطريقة الرجل مذهبه كما جاء في لسان العرب. قال تعالى: ((وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا)) [الجن: 16]. وجمع الطريق طرق، على حين أن جمع طريقة طرائق، قال تعالى: ((وإنا منا الصالحون ومنا دون ذلك وكنا طرائق قددا)). [الجن: 14]
2 ـ أما في الاصطلاح: الطريقة عند الصوفية هي عبارة عن: «مراسم الله تعالى وأحكامه التكليفية المشروعة التي لا رخصة فيها، فإن تتبع الرخص سبب لتنفيس الطبيعة المقتضية للوقفة والفترة في الطريق». أو هي»السيرة المختصة بالصوفية السالكين إلى الله تعالى، فهي سفر إلى الله تعالى»، و»السالك إلى الله تعالى أو المريـد هو المسافر فعلى المسافر إلى الله أن يسلك طريق القوم وأن يجتازها مرحلة بعد مرحلة، أما من أدركتـه عناية الله فجذبته العناية إلى الله جذبا فهذا ما يسمونه مجذوبا».

وقد فرق الصوفية بين الطريق والطريقة: فالطريق هو السبيل الذي يسلكه المريد وصولا إلى المراد، وهو ما كان معروفا لدى المتصوفة إبان التصوف في مراحله الأولى أو ما يعرف بالتصوف الفردي.

أما الطريقة فاصطلاح ظهر لاحقا إبان التصوف الجماعي المنظم، يطلق على جماعات المعاشرة الإخوانية التي تعرف باسم الطرق الصوفية وتدعى الواحدة منها باسم الطريقة.

وغـاية الطريق هي: «الترقي الخلقي بالمجاهدة للنفس، وإحلال الأخلاق المحمودة محل الأخلاق المذمومة».

وهي طرق حددها العارفون بالله من المشايخ المجتهدين في علم التصوف بهداية من ربهم سبحانه: (واتقوا الله ويعلمكم الله) [البقرة: 282] (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) [العنكبوت: 69] فقد علمهم الله وهداهم ويتولون هم إرشاد مريديهم إلى هذه الطرق ومثل ذلك مثل الطبيب الذي يكتشف دواء لمرض فيصفه لمرضاه وهؤلاء أطباء القلوب تسلقوا معالي الآمال في معرفة الله فيرشدون السالكين للوصول إلى قمم الآمال ولاشك إنها جميعا تعود إلى سنة النبي وسيرة السلف الصالح من الصحابة التابعين ومصدرها جميعا هو القرآن الكريم وخاتم النبيين محمد (صلى الله عليه وسلم).
ويرى كارا دي فو أن الطرق الصوفية هي التعبير المنظم عن التصوف الإسلامي ـ بعد أن ظل قرونا يقوم على الأفراد ـ وأن هذه الطرق التي لها طبيعة الهيئات الدائمة هي التي تحتفظ بنظام خاص وعبارات خاصة، ويجمعها اسم معلوم، لم تظهر إلا في القرن السادس الهجري، في الحقبة المضطربة من تاريخ الإسلام، وكانت أول طريقة بهذا المفهوم لها أصل معلوم ولا تزال باقية إلى الآن هي الطريقة القادرية».
ملامح الطريق الصوفي
أولا: الشيخ
أجمع أهل الطريق على وجوب اتخاذ المريد شيخا له يرشده إلى زوال الصفات الذميمة التي تمنعه من دخول حضرة الله تعالى بقلبه لتصح صلاته من باب ما لا يتم الواجب إلاّ به فهوواجب. يقول الطوسي: «المريد ينبغي أن يكون له مؤدب يوقفه على ما يحتاج إليه حتى لا يتولد من إرادته بلاء وفتنة لا يقدر أن يتلافاها» ، ويقول القشيري: «... ثم يجب على المريد أن يتأدب بشيخ، فإن لم يكن له أستاذ لا يفلح أبدا» .

والشيخ في اصطلاح الصوفية: «هو الإنسان الكامل في علوم الشريعة والطريقة والحقيقة، البالغ إلى حد التكميل فيها لعلمه بآفات النفوس وأدوائها، ومعرفته بدوائها وقدرته على شفائها والقيام بهداها أن استعدت ووفقت لهداها». وعرفه التهانوي فقال: «الشيخ هو الذي سلك طريق الحق وعرف المخاوف والمهالك، فيرشد المريد ويشير إليه بما ينفعه وما يضره».


وقد استدل الصوفية على وجوب الشيخ في سلوك الطريق بالكتاب والسنة والحجج العقلية:


من الكتاب قوله تعالى: ((أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده)) [الأنعام: 90] وقوله أيضا: ((واتبع سبيل من أناب إلي)) [ لقمان: 15].ّ


من السنة استدلوا بالحديث الشريف والذي أورده السهروردي: «والذي نفس محمد بيده لئن شئتم لأقسمنّ لكم أن أحبّ عباد الله تعالى إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده، ويحببون عباد الله إلى الله، ويمشون على الأرض بالنصيحة»، ويقول السهروردي: «إن هذا الذي ذكره الرسول هو رتبة المشيخة والدعوة إلى الله».


والحجة العقلية التي استعملوها هي أن السالك إلى الله تعالى عن طريق الكتاب والسنة من غير شيخ مرشد، كالمريض إذا كلّف نفسه معالجة نفسه ومداوتها، فان شفي بذلك لا يكون كمن أسلم نفسه المريضة إلى طبيب حاذق « لأنه لا يهتدى لطريق العلاج بغير شيخ ولو حفظ ألف كتاب في العلم، فهو كمن يحفظ كتابا في الطب ولا يعرف تنزلا لدواء على الداء «.


وظيفة الشيخ وآدابه:


ودور الشيخ في الطريقة أو التصوف هو أن يأخذ بيد مريده ويرشده إلى الطريق ويعلمه التوبة والزهد ويشير إليه بما ينفعه وما يضره ويلقنه الأوراد والأذكار، ويأخذ عليه البيعة ـ أوالعهد كماَ تُسمّى عندهم ـ تشبيها لها ببيعة الرضوان. يقول الإمام الغزالي: «ليخرج الأخلاق السيئة منه بتربيته ويجعل مكانها خلقا حسنا». فإذا التزم المريد بنصائح الشيخ وإرشاداته وصل إلى مبتغاه وصار بدوره شيخا مرشدا وموجها لغيره من المريدين والسالكين.


شروطه وآدابه: وقد وضع الصوفية للشيخ شروطا من بينها: أن يكون قد سلك طريق الحق. أن يكون قد عرف المخاوف والمهالك ومنعرجات الطريق. كامل مكمل في علوم الشريعة والطريقة والحقيقة. أن يكون مستقيم الحال.


ومن آداب الشيخ: أن يكلم الناس على قدر عقولهم. أن يأمر كل شخص بما يصلح له. حسن الخلق مع المريدين والرفق بهم. التنزه عن أموال المريدين. حفظ أسرار المريدين. يقول الأمير عبد القادر في ((المواقف)): «وإنما وجب على المريد طلب الأكمل من المشايخ خشية أن يُلقي قياده بيد جاهل بالطريق الموصل إلى المقصود، فيكون ذلك عونا على هلاكه».


ثانيا: المـريـد


إذا كان الشيخ يمثل حجر الزاوية في الطريق الصوفي، فإنه بدون وجود مريدين لهذه الطرق ما قامت وما كانت هناك طرق صوفية. وقد امتلأت كتب التصوف بالحديث عن آداب المريدين وشروطهم، ووضعوا لذلك قواعد كثيرة وأسسا يجب أن يلتزم بها سالك الطريق.


والمريد هو سالك الطريق الذي يسير في الطريقة حسب إرشادات شيخه، فيسلك طريقه كما يرسمه له الشيخ حتى يصل إلى غايته. وخطوات المريد هي: التوبة، العهد، التلقين. لقوله تعالى: ((وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)) [النور: 31].


آدابـه: فرض الصوفية على المريد آدابا يجب عليه التقيد بها منها: طاعة الشيخ طاعة عمياء يقول الغزالي: «فمعتصم المريد شيخه، فليتمسك به تمسك الأعمى على شاطئ النهر بالقائد حيث يفوض أمره إليه بالكلية ولا يخلفه في ورده ولا صدره». توقير الشيخ واحترامه ظاهرا وباطنا. ألا يلتفت إلى شيخ آخر. الاعتقاد التام في شيخه، يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني: «من لم يعتقد في شيخه الكمال لا يفلح أبدا».


ثالثا: العهــد


وهو الذي يربط بين الشيخ والمريد، وهو أوثق رباط بين رجلين تحابا في الله وتعاهدا على طاعته، إنه بيعة لله وفي الله وبالله. والعهد في اللغة: هو الوصية والموثق، والأمان واليمين، وكل ما بين العباد من المواثيق فهو عهد.


أما في الاصطلاح فقد جاء في تعريفات الجرجاني أنه: «الموثق الذي يلزم مراعاته». وجاء في ((اصطلاحات الصوفية)) للقاشاني هو: «الوقوف عندما حده الله تعالى لعباده، فلا يفقده حيثما أمر ولا يوجد حيث نهي». فالعهد هو الميثاق بين الطبيب ومريضه، بين المعلم وتلميذه للالتزام بالتوجيهات والتعليمات في السير إلى الله تعالى بطريق التهذيب والتصفية للنفس.


ودليل أخذ العهد شرعا :من القرآن الكريم: قال تعالى: ((إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراعظميا)) [الفتح: 10] ((وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم وكيلا)) [النحل:91].


من السنة: روى الطبراني والبزار بإسناد حسن: إن عليا كرم الله وجهه سأل النبي بقوله: يا رسول الله دلني على أقرب الطرق إلى الله، وأسهلها عبادة، وأفضلها عنده تعالى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عليك بمداومة ذكر الله سراً وجهراً، فقال علي كرم الله وجهه: كل الناس ذاكرون فخصني بشيء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل ما قلته أنا والنبييون من قبلي: لا إله إلا الله ولو أن السموات والأرضين في كفة ولا إله إلا الله في كفة لرجحت بهم، ولا تقوم القيامة وعلى وجه الأرض من يقول: لا إله إلا الله، ثم قال علي كرم الله وجهه: فكيف أذكر؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: أغمض عينيك واسمع مني لا إله إلا الله ثلاث مرات، ثم قلها ثلاثا وأنا أسمع، ثم فعل ذلك برفع الصوت».

رابعا: سلسلة الطريق
وهي «عبارة عن إثبات يبين شيوخ الصوفي في المشرب الذي ينتمي إليه وميله وذوقـه واتجاهه، وصارت بعد تكوين الطرق الصوفية شجرة تبين نسبة كل منها، وتحدد أسلاف الطريقة، والظاهر أنها متأخرة لم تحظ باهتمام الصوفية إلا بعد ضعف الهمم واحتاج الأمر إلى سند يجلب اهتمام المريدين».

وأقدم السلاسل الصوفية المعروفة ما ذكر في ((الفهرست)) لابن النديم والتي تنتهي إلى الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وعنه أخذ الحسن البصري وعنهما تفرعت الطرق، غير أن فيه من أنكر اجتماعهما فضلا عن أخذ الحسن البصري الطريق عن الإمام علي. وصحح جلال الدين السيوطي سماع الحسن عن الإمام علي كرم الله وجهه.

خصائص الطريق:
أولا: لبس الخرقة
من أهم خصائص الطريق الصوفي ومميزاته لبس الخرقة أو المرقعة، وهي عندهم رباط بين الشيخ والمريد، اعتراف تام بالتصرف والتحكم من الشيخ في المريد، وعلامة تميز الصوفي عن غيره من الناس وأمر مشائخ الصوفية مريديهم بها التزموا هم أيضا بها.

وليس المقصود من لبس الخرقة، أن يلبس المجيز المجاز جبة، وإنما المقصود منه أن يجيزه في علم من العلوم الصوفية. وشرط المجيز أن يكون مجازا من أستاذه في ذلك العلم، وهكذا إلى أن يصل السند بالإجازة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام. وشرط المجاز أن يكون قد أصبح ذا قابلية تامة، بحيث يعتمد على مكانته في ذلك العلم. يقول الإمام السهروردي في ((عوارف المعارف)): «لبس الخرق ارتباط بين الشيخ وبين المريد، وتحكيم من المريد للشيخ في نفسه».


ودليلها من السنة حديث أم خالد: «عن أبي إسحاق بن سعيد، قال: حدثنا أبـي، قال: حدثتني أم خالد بنت خالدة قالت: أتي النبـي عليه السلام بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة، فقال: «من ترون أكسو هذه؟» فسكت القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ائتوني بأم خالد»، قالت: فأتي بي فألبسنيها بـيده فقال: «أبلي وأخلقي» يقولها مرتين، وجعل ينظر إلى علم في الخميصة أصفر وأحمر ويقول: «يا أم خالد هذا سناه».


والخرقة عتبة الدخول في الصحبة، والمقصود الكلي هو الصحبة؛ وبالصحبة يرجى للمريد كل خير. وصفة الخرقة تختلف من طريقة إلى أخرى ولكن مقصودها واحد ألا وهو أخذ العهدأو أخذ البيعة أو المبايعة على شيخ الطريقة المرشد المربي الوارث المحمدي على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.


فبعض الشيوخ يلبسون مريديهم العمامة، كالطريقة الشاذلية الدرقاوية حيث يلبس الشيخ بعد أخذ العهد مريده عمامة بيضاء فيها حاشية صفراء، واختار الرفاعية لبس العمامة السوداء مرسلة الطرف واختارها بعضهم بغير إرسال.... وبعض الشيوخ لا يلبسون شيئا وإنما يكتفون بالمبايعة اليدوية عند أخذ العهد. وفي الطريقة النقشبندية حيث ينقش الشيخ بيده لفظ الجلالة على صدر المريد مقابل القلب. وهكذا... والمهم في الموضوع هو صفاء القلب وطهارته من العلائقوالكدورات والحجب وليس بالرسوم والصور والمظاهر...


ثانيا: الذكـر


وهو من أجل أسباب السلوك والقرب وأعلى مناصب أولي الألباب، ومفتاح باب النفحات، وهو عندهم ركن الطريق الأقوى، ولا يصل أحد إلى الله إلا بدوام ذكره. والذكر في اللغة هو:«ما ذكرته بلسانك وأظهرته» وجاء في محيط اللغة ما يلي: «هو من جري الشيء على لسانك».ّ


أما في الاصطلاح فهو: «التلفظ بالشيء، ويجمع على أذكار، وهي الألفاظ التي ورد الترغيب فيها.». واستدلوا عليه بقوله تعالى: ((أذكروا الله ذكرا كثيرا)) [الأحزاب: 41]،: ((الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم)) [آل عمران: 191]. وقوله


وفوائد الذكر كثيرة ومتعددة منها: أنه يوقد نور البصيرة ويحقق الأنس بالحق، ويطرد الغفلة، ويعمر الباطن، ويقطع حظوظ النفس، وينور القلب والسريرة، ويورث المعرفة بالله والهيبة له. وهي الفوائد التي ذكرها ابن القيم في كتابه القيم ((مدارج السالكين)).


ثالثا: السمـاع


يعتبر الصوفية أن السماع الصوفي من أجمل ما أنتجته هذه الأمة من فن ونشيد كله، ينشد معناه في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كتعبير عن صفاء القلوب وذوقها لحلاوة التوحيد الذي يربطها بعالم الذر والتجريد.


والسماع أنشودة محركة ومؤثرة يفترض أن تؤدي إلى الإتحاد الوجداني مع الوجود أو على الأقل إلى اتصال متوتر. والأصل في السماع ما يدل على عموم الغناء والموسيقى، وقد استقر مفهومه عند الصوفية على ما يعني القصائد والمولديات والمقطعات الشعرية المديحية التي يتناشدها المسمِّعون بأصواتهم على أساس الأنغام و»الطبوع» المتداولة في الموسيقى وذلك دون مصاحبة آلية.


وأول من وضع هذا الشكل من العبادة الجماعية هو الصوفي الشهير ذو النون المصري وبلغت أوجها في عهد الدراويش الدوارين أيام جلال الدين الرومي وانتشرت بعد ذلك في العالم الإسلامي كله.


ولا خلاف أن الأشعار أنشدت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه سمعها ولم ينكر عليهم في إنشادها. «وقد سمع السلف والأكابر الأبيات بالألحان فمن قال بإباحته من السلف: مالك ابن أنس، وأهل الحجاز كلهم يبيحون الغناء وأما الحداء فإجماع منهم على إجازته».


رابعا: الكرامـة


والكرامة في الاصطلاح: هي «أمر خارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوة ولا هو مقدمة لها يظهر على يد عبد ظاهر الصلاح ملتزم متابعة نبيّ كلف بشريعته، مصحوب بصحيح الاعتقاد والعمل الصالح علم بها أو لم يعلم». وإن كنا نذهب إلى القول أن أعظم كرامة يمنحها الله لعبد من عباده هي كرامة الهداية والتوفيق في عمله وحياته. يقول الإمام النووي: «اعلم أن من أجل الكرامات التي تكون للأولياء دوام التوفيق للطاعة والعصمة عن المعاصي والمخالفات».


وكرامات الأولياء ثابتة بالقرآن والحديث وما تواتر من أخبار على مر العصور والأزمان:


من القرآن الكريم: قال تعالى: ((ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم)) [يونس: 62 ـ 64]، وقال أيضا ((وإذا اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا، وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال)) [الكهف 16، 17]....


من الحديث: ما ورد في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن الصالح جريج الذي أكرمه الله بأن أنطق له غلاما في المهد، وخبر الثلاثة الذين آواهم المبيت إلىغار فدخلوه فسدت عليهم الغار صخرة فأكرمهم الله بأن نجاهم بصالح أعمالهم، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «رُبَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره»، وقوله أيضا عن ربه أنّه قال: «...فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها».


ومن الأثر عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيح أنه قال: يا سارية الجبل الجبلَ في حال خطبته يوم الجمعة، وتبليغ عمر إلى سارية في ذلك الوقت حتى تحرزوا من مكامن العدو من الجبل تلك الساعة، وقال الطحاوي: «ونؤمن بما جاء من كراماتهم ، وصح عن الثقات من رواياتهم».




نشأة الطرق الصوفية


من منتصف القرن الثالث الهجري، شرع الصوفية في تنظيم أنفسهم طوائف وطرقا يخضعون فيها لنظم خاصة بكل طريقة، وكان قوام هذه الطرق طائفة من المريدين يلتفون حول شيخ مرشد يسلكهم ويبصرهم على الوجه الذي يحقق لهم كمال العلم وكمال العمل، كما نجد ذلك في بغداد في العصر العباسي الأول عند فرقة «السقطية» نسبة إلى السري السقطي و»الطيفورية» نسبة إلى أبي زيد طيفور، و»الخرازية» نسبة إلى أبي سعيد الخراز و»المحاسبية» نسبة إلى الحارث المحاسبي.... ، وقد كانت تمثل البدايات الأولى واللبنات الأساسية التي قامت عليها الطرق فيما بعد، لأنها لم تعرف ذلك النظام والترتيبات التي وجدت فيما بعد.


ومع تطور التصوف العملي وانتشار الظاهرة الصوفية لدى الأوساط الشعبية، حيث كثر عدد الأتباع والمريدين، والتف المريدون حول الشيخ ونسجوا حوله هالة من التقديس والتبجيل، بدأت تظهر الطرق الصوفية بشكلها المتعارف عليه الآن. ولقد كانت هذه الطرق في نشأتها الأولى في القرنين الثالث والرابع تدل على أحوال الصوفية وسلوكهم، ثم أصبحت تدل فيما بعد على نظام من الرياضات والمجاهدات الصوفية تميز به كل طريقة.


ويمثل القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي) البداية الفعلية للطرق الصوفية حيث ظهرت الطريقة القادرية المنسوبة لعبد القادر الجيلاني، (ت 561هـ)، التي عرفت انتشارا واسعا في العالم الإسلامي، وظهرت الطريقة المدينية نسبة لأبي مدين الغوث (ت594هـ)، كما ظهرت الطريقة الرفاعية المنسوبة للشيخ أحمد بن علي الرفاعي (ت 540هـ).... وفي القرن السابع الهجري عم انتشار الطرق الصوفية مختلف أرجاء العالم الإسلامي.


ولعل الاختلاف الوحيد يكمن في الأوراد والأحزاب التي يرددها الأتباع، يقول أحد الباحثين: «إنها بذلك أشبه بمدارس تتحد غايتها في التعليم وتختلف وسائلها باختلاف المعلم الذي يجتهد في أن يضع لتلاميذه قواعد ورسوما خاصة يرى أنها أفضل في تعليمهم مع بقاء الغاية القصوى من الطريق الصوفي».


ويعود الفضل في نشأة الطرق الصوفية التي عرفها العالم الإسلامي إلى عاملين أساسين هما:


ـ إنشاء الخوانق والربط: فقد ظهرت في القرن الثاني الهجري وفي عهد صلاح الدين الأيوبي شجع انشاء الزوايا والخوانق، فوجد الصوفية في هذه المؤسسات الدينية المصدر والمنطلق الذي تنطلق منه الجماعة الصوفية التي تخضع لشيخ واحد وطريق واحد، وتنتظم في سلك عبادة وأوراد معينة، وانتشرت بواسطتها الحياة الروحية الجديدة، التي لم تكن معروفة من قبل. وأصبحت هذه الزوايا عبارة عن مدارس ومراكز للتربية الروحية، يضاف إليها مع مرور الزمن مبادئ أخرى وأفكار جديدة، عن طريق العلماء والشيوخ الذين التزموا بالإقامة بها والتدريس فيها، وقد يساهم الأتباع كذلك في الإضافة والتعديل والتطوير.


ـ ظهور شخصيات صوفية عملية: ظهرت شخصيات صوفية قامت بتأسيس هذه الطرق فيذكر لنا التاريخ أن التفاف الطلبة والمريدين حول الشيخ عبد القادر الجيلاني والتزامهم بمنهجه وطريقته، هو الذي أدى إلى ظهور الطريقة القادرية. ونفس الشيء يقال عن الطريقة المدينية بالمغرب الإسلامي، ثم تفرعا بعد ذلك الطرق وتعددت بالنظر إلى شخصيات الشيوخ ومدى تأثيرها في الأوساط الشعبية: الشاذلي، الرفاعي، البدوي.....


وكان كل شيخ يلقن أوراده ومنهجه لشيخ آخر يرث طريقته من بعده، ويتولى بدوره تربية المريدين، وظهرت بعد ذلك سلسلة الطريق، ومن هنا ظهرت سلسلة الطريق التي أضفت نوعا من القداسة والمهابة والرابطة الروحية. ومن هنا وجدت الطرق الصوفية التي عرفت هذا الانتشار الواسع والتأثير البعيد في أعماق المجتمع المسلم من المحيط الأطلسي إلى أراضي جنوب شرق آسيا البعيدة.


مقتبس للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق