الخميس، 5 مايو 2016

ديكتاتورية من رحم الديمقراطية2

ديكتاتورية من رحم الديمقراطية2




عندما انتهت الحرب بدأت العنصرية تطفح على السطح بصورتها الشرسة و مهددة بتمزق الجمهورية ، فقد بدأ ماريوس نزاعا ساحقا ضد سولا الروماني الذي أجبر مجلس الشيوخ على انتخابه كرئيس للجمهورية بعدما حاصرهم بقواته و هو الذي فعل ما عجز عنه ماريوس في انهاء بوغرطة و حكمه ، و دخلا في حرب كان سببها الشعوبية و العنصرية ما بين النوميديين و بين الرومان و ما لبث الصراع أن أشعل صراعات أخرى كان منها ثورة العبيد بقيادة سبارتاكوس الذي بدأ يتقدم ببطء نحو روما و هو يسحق الجيش الروماني .



يُعتبر " سولا " أول ديكتاتور في العهد الجمهوري الروماني فقد رأى مجلس الشيوخ في جيوشه المطيعة له الزاحفة نحو روما سببا كافيا لإعطائه ما يريده من سُلطة ، و ما لبث سولا أن زاد عدد الأعضاء إلى نحو 600 شيخ في مجلس الشيوخ في طريقة لضمان بقاءه على السلطة و استمرار سيطرته على مجلس الشيوخ و هذا ما حدث له ، و لكن برز ما لم يكن في الحسبان .



حربه التي خاضها ضد الشعوبيين و ضد العبيد و ضد اللاتين ولّدت المزيد من العنصريات و الثورات التي صُنّفت على أنها ثورات و حروب "اجتماعية " ، و في ظل تذمر العامة من الأداء السياسي المتهافت لمجلس الشيوخ ، و كثرة الحروب العبثية و تفرق الرومان و المواطنين و تعدد الانتماءات و محاولة كل جنرال إبراز نفسه كقوة يُنظر لها باحترام و بخشية سيّما من كانوا في اطراف الامبراطورية ، كل هذه الأسباب مجتمعة جعلت روما على صفيح ساخن تخرج من أزمة لتدخل في أخرى و صُبّ الاهتمام على شراء ولاءات اعضاء مجلس الشيوخ و صراعهم مع أقطاب السلطة و تناسوا الامبراطورية و أمنها و حمايتها و مكانتها ، و تناسوا كل المشاكل التي تعاني منها هذه الجمهورية المرهقة و انصب اهتمام النخبة في روما على الحفلات و حلبات المصارعة و تكوين القواعد و الخطابات و الشعارات ، لدرجة تحول المصارعين العبيد و حركاتهم و أسمائهم إلى قضايا تشغل أبناء العاصمة و الدولة عن كل شيء آخر بما فيه تفكك البلاد تحت نير الاقطاع و المعارك .

و لم يصحوا إلا على وقع أن السلطة في الحقيقة تركزت بعد خروج " سولا " من الصورة بيد "بومبي " و " قيصر" و " كراسوس" الذي مات تاركا مكانه لـ " بومبي " و اغتاله يوليوس قيصر بدوره ليُعلن بعد ذلك انتهاء الجمهورية الرومانية و بداية العصر الامبراطوري القائم على الديكتاتورية المطلقة ممنيًا الشعب الروماني بالعدالة و تحسين المستوى المعيشي المتهالك نتيجة الحروب و الصراعات السياسية ملقيًا باللوم كله على أعضاء مجلس الشيوخ ؛ مما يثير الضحك عند المؤرخين هو أنّ هؤلاء الثلاثة إنما حصلوا على مكانتهم و مراكزهم بما وفرته لهم الجمهورية من مكانة عن طريق كوريا جوليا فكانوا هم أول من انقلب عليه.

و هكذا انتهت قصة جمهورية كانت سببًا للديكتاتورية .
 

يارب الموضوع يعجبكم

تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق